تصوير ومونتاج: رشيدة أبومليك
وسط الجدل الذي أثاره عدد من “الكسابة” حول تراجع قيمة الدعم الحكومي المخصص لمربي الماشية من 400 إلى 70 درهما، خرجت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات لشرح وتوضيح تفاصيل هذا البرنامج الملكي الذي رصدت له الحكومة ميزانية ضخمة بقيمة تناهز 13 مليار درهم، في خطوة ترمي إلى إعادة تكوين القطيع الوطني والحفاظ على الإناث المنتجة.
يأتي ذلك في وقت اعتبر فيه عدد من “الكسابة”، أن المبالغ التي تم الإعلان عنها أقل مما وُعدوا به في البداية، فيما أكدت الوزارة أن الدعم “غير مسبوق” ويشمل جميع الفئات، مع إعطاء الأولوية للفلاحين الصغار.
وفي حوار خاص مع جريدة “” الالكترونية، يشرح الكاتب العام لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، مختلف جوانب البرنامج، ويجيب عن تساؤلات المهنيين حول قيمة الدعم وآليات صرفه وضماناته.
وأكد رضوان عراش، أن الدعم الحالي غير مسبوق، ويستفيد منه جميع الفلاحين، مع إعطاء الأفضلية للكسابة الصغار. وحذر من تفسيرات مغلوطة حول انخفاض المبالغ، مسجلا أن الآلية الجديدة تعتمد على دعم مباشر شامل للأعلاف ودعم للحفاظ على الإناث.
وفيما يلي نص الحوار:
عدد من مربي الماشية عبّروا عن استيائهم من تراجع قيمة الدعم المعلن عنه، حيث قالوا إنهم سمعوا في البداية أنه سيبلغ 400 درهم للرأس، قبل أن ينخفض إلى 70 درهما فقط. ما تفسيركم لهذا التباين؟
أولا، لا وجود لأي تراجع في الأرقام المعلن عنها من طرف وزارة الفلاحة، وهذه فرصة لتوضيح الأمور. البرنامج الملكي لإعادة تكوين القطيع يتضمن نوعين من الدعم:
دعم الأعلاف: دعم مباشر يمنح للفلاح حسب عدد رؤوس الماشية التي يتوفر عليها. فمثلاً، من يملك 100 رأس من الأغنام سيحصل على 150 درهما للرأس عن العشرة الأولى، و125 درهما عن الأربعين الموالية، و100 درهم عن الخمسين المتبقية. هذه الصيغة التنازلية اعتمدناها لضمان استفادة الصغار أكثر من الكبار.
دعم الحفاظ على الإناث: يمنح لمن يحتفظ بإناث الأغنام والماعز المرقمة والمحصاة إلى غاية أبريل 2026. حيث يحصل على 400 درهم للنعجة و300 درهم للمعزة، مع تسبيق بـ100 درهم ما بين نونبر ودجنبر.
وبالتالي، عندما نجمع الدعمين، نجد أن الفلاح يستفيد فعليا من حوالي 400 درهم للرأس، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ دعم الكسابين بالمغرب.
البعض يؤكد أن المبالغ الفعلية التي وصلتهم لا تتجاوز 150 درهما للرأس، وأنها غير كافية أمام ارتفاع كلفة الأعلاف. ما ردكم؟
هذا الدعم هو الأكبر من نوعه مقارنة بالسنوات الماضية. إذا قارنا الدعم المباشر الحالي بالدعم الذي كان يقدم سابقا عبر توزيع الأعلاف المدعمة، سنجد أن الفلاح حاليا يحصل على مبالغ أكبر بكثير.
90 في المئة من الكسابة الذين يملكون أقل من 50 رأسا سيستفيدون من معدل 340 درهما للرأس، وهي تغطي ما بين 40 و60 في المئة من كلفة الأعلاف، وهو دعم مهم جدا بالنظر إلى الظرفية المناخية والجفاف.
هناك انطباع لدى البعض أن الدعم يذهب أساسا إلى كبار المربين، فيما يُقصى الصغار فعليا من الاستفادة. كيف تضمنون عدالة التوزيع؟
آلية الدعم التنازلي تم وضعها خصيصا لضمان العدالة. الفلاح الصغير الذي يملك قطيعا محدودا يستفيد من 150 درهما عن كل رأس تقريبا، بينما المربون الكبار يحصلون على مبالغ أقل تدريجيا كلما زاد حجم القطيع.
فمثلا، من يملك 500 رأس سيحصل على 150 درهما فقط عن العشرة الأولى، ثم 125 عن الأربعين التالية، و75 درهما لما فوق المئة. بينما الفلاح الصغير يستفيد من 150 درهما عن معظم قطيعه.
إذن لا يمكن القول إن كبار الكسابة هم المستفيدون من حصة الأسد من الدعم الحكومي، بل العكس تماما.
هناك من يقول إن الدعم لا يصل فعليا إلى مستحقيه وأن هناك مضاربين يستفيدون منه. كيف تردون؟
هذه السنة لا يوجد أي توزيع للأعلاف المدعمة كما كان في السابق. نحن نعتمد على الدعم المالي المباشر، بحيث يتوصل الفلاح بالمبلغ في حسابه البنكي ليشتري الأعلاف من السوق بحرية.
وبالتالي، لا وجود لوسطاء أو مضاربين، ولا لأي برنامج لتوزيع الشعير أو الأعلاف المركبة كما في المواسم الماضية.
ما هي المعايير التي تعتمدونها لتحديد المستفيدين وضمان دقة العملية؟
كل كساب شارك في عملية الإحصاء التي جرت بين 26 يونيو و11 غشت، وتتوفر حيواناته على الحلقات المرقمة، فهو مؤهل للاستفادة.
العملية تتم عبر نظام معلومات دقيق تحت إشراف وزارة الداخلية، بتنسيق مع وزارة الفلاحة، وتخضع لمراقبة لجان محلية مختلطة لضمان الشفافية.
هل يمكن نشر لوائح المستفيدين لضمان الشفافية ومنع أي شبهات؟
اللوائح محفوظة ضمن النظام المعلوماتي لوزارة الداخلية، وهي الأساس في صرف الدعم.
يمكن لأي فلاح أن يتأكد من وضعيته أو من طريقة احتساب الدعم بالتوجه إلى المصالح الإقليمية أو الولائية، حيث تُوفر له كل المعطيات. العملية شفافة وتخضع لتتبع دقيق من قبل السلطات المحلية والقطاعات المعنية.
في القرى والمناطق النائية، يشتكي بعض الكسابة من ضعف التواصل وصعوبة وصول المعلومة. هل تعتزمون مراجعة استراتيجية التواصل؟
وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات حاضرة بقوة في الميدان منذ عقود، عبر مصالح الاستشارة الفلاحية والمكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي.
لكن رغم ذلك، أعددنا خطة تواصل خاصة بهذا البرنامج لتوضيح كل التفاصيل والإجابة على تساؤلات الكسابة في جميع المناطق.
ما الرسالة التي توجهونها للفلاحين والكسابة لتبديد مخاوفهم؟
أطمئن الجميع أن الدعم سيصلهم بالكامل وفي آجاله المحددة. الدفعة الأولى ستصرف قبل نهاية السنة، والدفعة الثانية في أبريل المقبل بعد التأكد من الحفاظ على الإناث، تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية للمحافظة على القطيع الوطني.
وأغتنم الفرصة لأشكر جميع الكسابة على المجهود الكبير الذي بذلوه في عملية الإحصاء رغم الظروف الصعبة، وعلى حرصهم المستمر في الحفاظ على القطيع الوطني وتزويد الأسواق باللحوم.
المصدر: العمق المغربي
