القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية
كشف الشاعر والمترجم المغربي عبد اللطيف اللعبي أن وعيه تشكل بفضل القضية الفلسطينية، قائلا: “أعتبر أن شريط حياتي بدأ، وأنني استفقت يوما ما وتفتح وعيي على العالم وعلى البشرية وعلى القيم الإنسانية النبيلة والنضال من أجل الكرامة حين اكتشفت نضال الشعب الفلسطيني من أجل التحرر ومن أجل نيل الحقوق الوطنية”.
وأوضح اللعبي، وهو يتحدث خلال “ندوة ترجمة العالم وكتابة الآخر.. دور الترجمة في الحوار مع الغرب”، المنظمة ضمن فعاليات الدورة الـ29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، أن اكتشاف قضية فلسطين دفعه إلى طرح سؤال على نفسه: “ماذا في استطاعتي أنا ككاتب وكشاعر أن أقدم لهذا الشعب؟ أن أحمل بندقية؟”، قبل أن يضيف أن “المجال الوحيد أو الإمكانية الوحيدة المتوفرة لدي وما أستطيع أن أقوم به بشكل معقول وجيد هو ما يدخل في إطار عملي ككاتب”.
وسجل أن الفعل الممكن الذي يجسد التضامن على أرض الواقع هو “الإمكانية المتوفرة لترجمة أعمال الشعراء الفلسطينيين إلى الفرنسية”. وأورد “وددت أن أساهم في إيصال صوت شعراء هذه القضية حين اكتشفت هذا الشعر وتمعنت في خصوصيته وانتبهت إلى أشياء مختلفة بالمقارنة مع المجال الشعري في المغرب أو فرنسا أو أمريكا أو اليابان”، معتبراً أن شعراء “الرقعة المحتلّة” هم الذين بنوا هوية الشعب الفلسطيني.
وتابع شارحاً “مكونات الهوية الفلسطينية موجودة بشكل قوي وواضح في كتابات شعرائها، وهذا شيء عظيم لأن بناء أي هوية يتطلب زمناً طويلاً وقروناً عديدة، بينما هؤلاء قاموا بذلك في ظرف زمني وجيز”. وأضاف “كان إنجازا ضخما، واكتشفت حينها أن الشعراء يمكن أن يقوموا بهذا الدور”، عاقدا مقارنة طريفة مع جيله من الشعراء المغاربة الذين كان همهم هو كيف يمكن أن ننهي الفترة الاستعمارية ثقافيا وفكريا.
واعتبر اللعبي الكتابة “فعلا وجوديا”، قائلاً: “كنا نبحث عن مسالك لنتحرر من تلك المرحلة ونبني ثقافة جديدة تنطلق من أعماق الثقافة المغربية والذاكرة المغربية والجسد المغربي”.
وتفاعلا مع سؤال لمسير الندوة الشاعر والروائي والإعلامي ياسين عدنان بخصوص وجود توجه مشبوه لدى المؤسسات الغربية التي ترعى الترجمة ولا تركز على أدبية النص بقدر ما تركز على أمور أخرى سياسية أو سوسيوثقافية، رفض اللعبي الإغراق في نقد الغرب دون أن ننقد أنفسنا، مسجلا أن هذه مسألة “نمر بجانبها ولا نتعمق فيها، خصوصا حين نتحدث عن نحن والآخر ونحن والغرب”.
واسترسل قائلا: “لم نعد نعرف عن أيّ غرب نتحدث: الغرب الذي يكن له بعضنا حقداً كبيرا، أم الغرب الذي نتقاسم معه قيما رفيعة؟”، معتبرا هذا السؤال “جوهريا”. وتابع “أنا أشعر بالعياء من فرط التباكي على أنفسنا وأننا ضحايا للغرب”. قبل أن يضيف، وهو يشير إلى مرحلة اعتقاله السياسي خلال فترة “سنوات الرصاص”، “لا أعتبر نفسي ضحية. حتى في ما حدث في تاريخي الشخصي لم أكن ضحية بما أنني قمت بما كنت أعتبره واجبا في مرحلة معينة من تاريخ هذا البلد”.
وأجمل اللعبي إجابته لصاحب “هوت ماروك” قائلا: “حان الوقت لنواجه هذه الأسئلة بشجاعة حتى لا نظل ننتقد الغرب بكونه مقصّر في حقنا؛ ونحن ما الذي قمنا به تجاه الغرب؟”. وخلص إلى أن هناك “مرحلة معينة كانت رائعة ومنتعشة في تاريخ الثقافة العربية، حيث كان هناك اهتمام فعلي بأمهات الأعمال الأدبية الغربية وغير الغربية؛ واليوم “نتحاسب” مع الغرب حول ماذا قدم لنا وماذا قدمنا له. لهذا أتصور أن نقد الآخر لكي تكون له مشروعية يتعين أن ينطلق من نقد الذات”.
المصدر: هسبريس