يطل الممثل المغربي محمد بوصبع على الجمهور المغربي من خلال شريط سينمائي جديد بعنوان “طحالب مرة” للمخرج إدريس شويكة، انطلقت عروضه الوطنية، ويسلط الضوء على مأساة امرأة تواجه قسوة المجتمع بعد وفاة زوجها، في عمل درامي يجمع بين الواقعية والرمزية، ويغوص في تفاصيل الحياة اليومية للبحّارة ومهنة جمع الطحالب البحرية، بما تحمله من دلالات عميقة حول صراع البقاء وكرامة العيش.

وفي دردشة مع هسبريس استعاد الفنان محمد بوصبع بداياته الأولى مع الفن، قائلا إن والده كان شغوفا بالسينما ويصطحبه إلى القاعات بانتظام، ما جعله يعيش أجواءها منذ طفولته، مضيفا أن تلك اللحظات كانت تؤسس بداخله حب الصورة والسرد البصري حتى في قريته البسيطة، التي لم تكن تتوفر على كهرباء ولا طرق معبدة، حيث كانت المدرسة تنظم عروضا شهرية لأفلام بالأبيض والأسود تركت أثرا عميقا في ذاكرته.

وأوضح بوصبع أن دخوله عالم الفن كان محض صدفة، مشيرا إلى أنه التقى ذات يوم بالفنانة سمية عبد العزيز في ناد للسباحة، وطلبت منه أن يغني مقطعا لأم كلثوم، وزاد بابتسامة أن المسبح توقف ليستمع إليه، وبعدها اقترحت عليه أن يشارك في فيديو كليب كانت بصدد إنجازه، ليكون الراوي فيه.

وشدد المتحدث ذاته على أن تلك التجربة كانت الشرارة الأولى التي دفعته إلى خوض مغامرة الوقوف أمام الكاميرا، قبل أن يشارك لاحقا في عمل آخر بعنوان “عويشة”، وهو ما سمح له بالتعرف أكثر على تقنيات الأداء والتمثيل.

وبخصوص مشاركته في فيلم “طحالب مرة” أبرز الفنان نفسه أنه قرأ السيناريو مرات عدة، وكل مرة كان يكتشف فيه عمقا جديدا، مشيرا أن القصة تسرد معاناة امرأة فقدت زوجها لتجد نفسها وحيدة في مواجهة ظلم الأقارب ومحن الحياة اليومية، في معالجة فنية تمس وجدان كل امرأة تكافح من أجل البقاء.

وأكد الممثل المغربي أن النص يحمل طابعا إنسانيا قويا ويطرح قضايا اجتماعية بجرأة وصدق بعيدا عن المبالغة أو التنميط، مبرزا أن أكثر ما أغراه في العمل هو طبيعة الشخصية التي يؤديها، ومعتبرا أنها من الأدوار المركبة التي تتطلب جهدا خاصا.

وقال بوصبع إنه يجسد في الفيلم شخصية رجل غريب الأطوار، يبدو مجنونا للوهلة الأولى لكنه يخفي خلف جنونه حكمة وعمقا فكريا، مردفا بأن هذه الشخصية قارئة للفلسفة والسياسة والأدب، وتعيش صدمة عاطفية جعلتها تنظر إلى الحياة من زاوية مختلفة، وزاد أن الدور شكل تحديا حقيقيا له لأنه يوازن بين الواقعية والرمزية، وبين الاضطراب الداخلي والوعي العميق.

كما أشار الممثل ذاته في حديثه إلى أن القصة تضم جانبا رمزيا آخر يتمثل في البحث عن شخصية مصطفى الغائب، موضحا أن هذا الغياب ليس مجرد اختفاء جسدي، بل هو تعبير عن فقدان التوازن في المجتمع، إذ إن شخصيته هي التي تلتقط الإشارات وتفك خيوط الدراما تدريجيا، ما يمنح الفيلم بعدا فلسفيا يتجاوز الحكاية الظاهرة.

وفي حديثه عن موضوع الفيلم أوضح الفنان أن المخرج إدريس شويكة اختار البحر وطحالبه كفضاء بصري وسردي، لأنها تمثل حياة كاملة قائمة على المخاطرة والسعي اليومي من أجل العيش، موردا أن بعض أنواع الطحالب تجنى بالغوص في أعماق البحر وتستعمل في الصناعات الغذائية والدوائية، وهو ما يمنحها قيمة اقتصادية حقيقية؛ الأمر الذي جعل المخرج يستثمر هذه الخصوصية ليجعل منها مرآة لصراعات الإنسان ومعاناته بين الغوص في المجهول والبحث عن الأمل.

وتحدث بوصبع عن تجربته السابقة مع إدريس شويكة في فيلم “فداء”، قائلا إنه جسد فيه دور “كوميسير” في فترة الاستعمار، وكانت التجربة ناجحة جدا، مضيفا أن المخرج يعرف كيف يدير الممثل ويوجهه دون أن يقيده، ويمنحه في الوقت نفسه حرية الإبداع.

ولفت المتحدث إلى أن أجواء تصوير “طحالب مرة” كانت مثالية، مبرزا أن الفريق الفني والتقني اشتغل بروح عالية وانسجام كبير، وتابع: “الجميع كان يعمل بحب وحماس وكأنهم عائلة واحدة، وهو ما جعل التجربة مميزة على المستويين الإنساني والفني”.

وفي ختام حواره أكد الفنان محمد بوصبع أن فيلم “طحالب مرة” ليس مجرد عمل سينمائي، بل تجربة إنسانية جماعية تجمع بين الإحساس الصادق ودقة الإخراج وجمال الصورة، مضيفا أن الفن بالنسبة له “غواية لا تقاوم”، وأن هذا العمل يستحق المشاهدة لأنه يعكس وجع الإنسان المغربي وصموده أمام الموج، ولأنه يحمل رسالة فنية وإنسانية تتجاوز حدود الشاشة.

المصدر: هسبريس

شاركها.