“الفلاحة التصديرية” تفاقم أزمة البطالة.. وتحذيرات نقابية من تهديد السيادة الغذائية
أكد نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، إدريس عدة، أنه ليس من المنتظر اليوم تقييم السياسة الفلاحية التي “أثبتت فشلها بالملموس، بل السعي نحو توجيه السياسة الفلاحية للدفاع عن السيادة الوطنية الغذائية والتأسيس لمنظور وطني قوامه إصلاح زراعي شامل وديمقراطي، والتخلي عن المنظور الرأسمالي”.
وأضاف عدة ضمن تصريح لجريدة “العمق”، أن سؤال السيادة الغذائية في المغرب كموضوع أساسي أضحى يثير اهتمام المواطنين، وليس فقط الخبراء أو المهتمين بالقطاع الفلاحي، مشيرا إلى أن المغرب يعيش حاليًا “أزمة غذائية حقيقية”، سواء فيما يتعلق بالمنتجات البحرية أو الزراعية، مسجلا أن “هذه الأزمة تعكسها أسعار المواد الغذائية في الأسواق التي ارتفعت بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى ارتفاع كبير وغير مسبوق في واردات المواد الغذائية، ونسب البطالة المرتفعة”.
وأشار عدة إلى أن هذه الأزمة لها جانب آخر مرتبط بصحة الغذاء، حيث يطرح الإنتاج الفلاحي التصديري وتسويق المواد الغذائية في الأسواق العديد من الأسئلة حول مدى جودتها وصحتها، موضحا أن “الأمن الغذائي لا يعني فقط توفير الغذاء بكلفة مناسبة، بل يتطلب أيضًا ضمان صحته وجودته”.
ويرى عدة أن السياسة الفلاحية المتبعة في المغرب، تخلت عن الأمن الغذائي لصالح الفلاحة التصديرية منذ عام 2008، رغم ما تدعيه من شعارات مغايرة، لافتا إلى أن الموارد المالية الكبيرة التي تم تعبئتها لهذا القطاع تم توجيهها للفلاحة التصديرية، مما أدى إلى نقص في المنتجات الطازجة في السوق المحلية، وإن وجدت فهي بأسعار مرتفعة جدًا.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن هذا النهج الفلاحي، ” لم يحافظ أيضًا على فرص العمل، حيث فقدت مئات الآلاف من الوظائف في العالم القروي، خصوصًا في النشاط الفلاحي، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية على البيئة، خاصة في ما يتعلق باستنزاف الموارد المائية”.
وسجل المسؤول النقابي، أن السياسات الحالية، “أثبتت فشلها بوضوح، إذ يشهد المواطن المغربي يوميًا ارتفاعًا مستمرًا في أسعار اللحوم، الخضروات، الحبوب، والقطاني، مؤكدا أن المغرب يحتاج إلى سياسة فلاحية جديدة تتخلى عن النهج الرأسمالي التبعي، وتركز على الفلاحة الأسرية والمعاشية، التي من شأنها حماية السيادة الغذائية الوطنية.
وحذر نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، من أن استمرار الاعتماد على الفلاحة التصديرية، ” سيجعل المغرب رهينة للتقلبات المناخية والسياسات الدولية، التي أصبحت تستخدم الغذاء كسلاح ضغط سياسي واقتصادي”، داعيًا في المقابل، إلى إصلاح زراعي شامل وديمقراطي يكون الفلاحون الكادحون في صلب اهتماماته، لضمان الأمن الغذائي والسيادة الغذائية للمغرب.
في سياق متصل، دعت الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي التابعة للاتحاد المغربي للشغل، بمناسبة اليوم العالمي للنضال من أجل السيادة الغذائية، إلى ضرورة إقرار إصلاح زراعي ديمقراطي وشعبي يضمن حقوق الفلاحين الكادحين ويحقق السيادة الغذائية للمغرب.
جاء البيان تزامناً مع احتفال منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة باليوم العالمي للأغذية تحت شعار “الحق في الغذاء من أجل حياة ومستقبل أفضل”، وهو الحدث الذي يرافقه نضال عالمي من أجل حماية الموارد الطبيعية وضمان وصول الجميع إلى الغذاء والماء، مشددة على ضرورة إقرار إصلاحات زراعية تضمن حقوق الفلاحين وتعزز الإنتاج الوطني لتلبية احتياجات السوق المحلي.
وأكدت الجامعة على الحاجة الماسة إلى سياسات زراعية جديدة تحرر القطاع الزراعي المغربي من قبضة الشركات المتعددة الجنسيات والاتفاقيات الدولية المجحفة التي تضعف السيادة الغذائية للبلاد، منبهة إلى أن استمرار استنزاف موارد المياه نتيجة السياسات الزراعية الحالية، واستغلال كبار الملاكين لهذه الموارد في ظل توالي سنوات الجفاف، أدى إلى تفاقم الأوضاع المعيشية للفلاحين الكادحين.ودعت الجامعة الفلاحية، إلى وضع حد لهيمنة الشركات على النظام الغذائي العالمي، محذرة من العواقب الوخيمة التي قد تترتب عن استمرار هذه السياسات، وخاصة في المناطق القروية.
المصدر: العمق المغربي