“الفجيجيون” يلتئمون بالعاصمة للمطالبة بإنهاء أزمة الشركة الجهوية للكهرماء
في جو حضرت فيه عادات فجيج وتقاليدها ونساؤها كذلك، تم اليوم بمقر نادي المحامين بمدينة الرباط تنظيم لقاء تواصلي لاستعراض آخر تطورات ما بات يعرف بـ”حراك فجيج”، الذي بدأ قبل أزيد من ثلاثة أشهر بعد أن تمت المصادقة على انضمام المنطقة إلى الشركة الجهوية للكهرماء “الشرق للتوزيع”.
هذه الندوة جرى تنظيمها بتنسيق بين كل من “التنسيقية المحلية للترافع عن قضايا فجيج” و”مجموعة المتابعة بالرباط”، إلى جانب “الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان”، وعرفت حضورا قويا للساكنة الفجيجية التي تحملت عناء السفر، عازمة على وضع المغاربة في الصورة و”الترافع عن نفسها” من قلب العاصمة.
ورغم كونهن داخل وسط حضري، تشبثت الفجيجيات اللواتي حضرن الندوة بلباسهن المحلي، إذ جئن مرتديات “الحايك”، ما يُفهم منه أنه تعبير منهن عن رفضهن التدبير المفوض، قبل أن يبدأن إلى جانب مختلف الحاضرين رفع شعارات تدافع عن فجيج وأهلها، من قبيل: “لاش جينا واحتجينا الشركة لي ما بغينا” و”فجيج يا واحة باعوك البياعة”.
وأكد مختلف المتدخلين ضمن الندوة “رفضهم المطلق خوصصة تدبير مياه الواحة”، إذ يظل ذلك في نظرهم “إيذانا بتهجير الساكنة وتسليع الموارد المائية للمنطقة”، موضحين كذلك أنهم “عازمون على الاستمرار في أشكالهم الاحتجاجية وسلك مختلف الطرق القانونية للانتصار لطي الملف”.
رفض مطلق لـ”الشرق للتوزيع”
أحمد أسهول، عضو التنسيقية المحلية للترافع عن قضايا فكيك، قال: “إن الحضور اليوم بالعاصمة جاء بفعل رغبتنا في كسر الحصار المطبق علينا من قبل السلطات الإقليمية منذ أزيد من ثلاثة أشهر؛ كما جئنا من أجل إطلاع الرأي العام بشكل مباشر عما يقع بمنطقة فجيج، ذلك أن المحليين اغتُصب حقهم في التشاور والنقاش وتم إغفالهم في مشروع الشركة الجهوية الشرق”.
وسجل أسهول، ضمن مداخلته، أن “الساكنة لم يتم التشاور معها، إذ تم اتخاذ القرار بشكل انفرادي رغم أن الأمر يتعلق بالماء الذي يعد مادة حيوية، وهو ما يبين كيف تم ضرب الديمقراطية التشاركية”، مردفا بأن “طمأنة السلطة بخصوص عدم الرفع من التسعيرة وحدوث مشاكل في الربط لم تكن مبنية على أي معطيات واقعية”.
وتابع المتحدث ذاته: “ساكنة فجيج لها الحق في الخوف من مشروع الشركة الجهوية ورفضه، مع استمرار النمط المعتمد نفسه في التزود بالمياه؛ ذلك أن اعتماد نمط تزود جديد بإمكانه التأثير على الفرشة المائية التي تعد منظومة واحدة”، موردا أن “الحراك مازال قائما وسيبقى كذلك خلال القادم من الفترات عبر سلك مختلف المساطر القانونية المتاحة والسلمية”.
بداية المعركة القانونية
من جانبه أكد المصطفى يحيى، وهو مستشار جماعي بالمجلس الجماعي لفجيج، أن “الساكنة المحلية خرجت للاحتجاج منذ أن تمت المصادقة على قرار الانضمام إلى مشروع الشركة الجهوية للماء والكهرباء، وذلك بعد إصرار الرئيس على عقد دورة استثنائية في نهاية شهر أكتوبر الماضي، رغم كوننا كمعارضة قدمنا تقريرا له أوضحنا فيه خطورة الانضمام إلى شركة الشرق للتوزيع”.
وأضاف يحيى أن “المقرر الذي تمت المصادقة عليه في دورة فاتح نونبر يعتبر مجرد ديمقراطية للكراسي والأصوات لا غير، رغم كون 4 أفراد من فريق الأغلبية تراجعوا عن التصويت، لينضموا بذلك إلى فريق المعارضة”، لافتا إلى أنه “تم سلك مجموعة من القنوات من أجل حث الرئيس على عقد دورة استثنائية جديدة يتم فيها التراجع عن الانضمام إلى مشروع الشركة المذكورة”.
وتابع المستشار الجماعي: “لا يمكن السماح بفرض نظام الشركة الجهوية على واحة فجيج، فهي منذ عهد سابق تسير بنظام المنظومة الواحية التي تعد نمطا قديما في استغلال المياه، ذلك أن أجدادنا تمكنوا من التأسيس بالمنطقة لمنظومة استغلال مستدامة وتتناسب مع خصائصها”، موضحا أن “المعارضة اليوم فتحت معركة قانونية ضد رئيس المجلس الجماعي، وآخر إجراء تم القيام به هو التقدم بطعن لدى المحكمة الإدارية”.
نساء “صامدات”
كريمة الدبشي، ناشطة مدنية بفجيج، قالت إن “حضور النساء الفجيجيات اليوم بمدينة الرباط هو تعبير منهن عن قلقهن مما آلت إليه الأوضاع بمدينة فجيج، إذ لم تهدأ الأوضاع منذ أزيد من ثلاثة أشهر، وقدومهن بزيهن المحلي يؤكد تشبثهن بهويتهن وعاداتهن وتقاليدهن وبرفض القرار كذلك”.
وأضافت الدبشي في معرض مداخلتها: “المرأة المحلية تكافح وتقاوم منذ عقود مضت، وتظل متمسكة بأداء مهامها وأدوارها التقليدية التي لم تكن بعيدة عن الأنشطة التي تعتمد على الفلاحة؛ فنحن كنساء نعد الأكثر استعمالا للماء بالمنطقة وعلى الصعيد العالمي ككل، إلى درجة أن المنظمات الدولية تعول علينا لاستهلاكه بعقلانية وطرق أكثر منطقية”، منبهة إلى أن “أي محاولات لإسكات النساء لن تزيدهن إلا قوة وصمودا”.
وزادت المتحدثة ذاتها أن “المنطقة باتت تعاني من عدة مشاكل، إذ بدا جليا أنها تأثرت بالهجرة، على اعتبار أن الأسر لم تعد ترغب في الاستقرار بها جراء المشاكل والعراقيل التنموية التي تواجهها”، لافتة إلى أن “استهدافها بمشروع الشركات الجهوية يعد بداية للتهجير للقسري لساكنتها التي تقيم بها النساء بواقع 60 في المائة من إجمالي القاطنين”.
“موفو” وأزمة فجيج
مصطفى البراهمي، أخ المعتقل محمد البراهمي المعروف محليا بـ”موفو”، اعتبر أن “عدم خروج العائلة بأي بيان تنديد إلى حدود الساعة راجع إلى وعيها بكون المعتقل ليس ابنها وحدها، بل هو ابن ساكنة فجيج كلها، إذ كان من بين أبرز مؤطري الأنشطة الاحتجاجية بالمنطقة خلال السنوات الماضية، واليوم هو في السجن وفي عقول المحليين كذلك”.
وقال البراهمي إن “موفو” إلى جانب ساكنة المنطقة “لم يخرجهم الماء فقط إلى الاحتجاج، بل أخرجتهم كذلك مختلف المشاكل التنموية التي تعرفها فجيج، فهذه الأخيرة تعرف اليوم عملية إبادة، واللجوء إلى مشروع خوصصة تدبير المياه يعني فتح باب الهجرة أمام الساكنة”.
وأورد المتحدث في معرض مداخلته في الندوة ذاتها أن “المعتقل وقف ضد جبروت السلطة ودافع إلى جانب كل الفجيجيين عن الحق في التنمية، ولذلك فالشكر موصول لكل الهيئات الحقوقية التي دافعت عنه ونددت باعتقاله”.
المصدر: هسبريس