الغساني.. طبيب السلطان أحمد المنصور الذهبي وعميد الصيادلة وكاشف رموز الأعشاب
وصفه الباحث وأول وزير للتعليم بالمغرب، محمد الفاسي، بـ”أحد كبار أطباء المنصور السعدي ووزرائه”، واعتبره الطبيب الفرنسي، هنري بول جوزيف رونو، عقلا متميزا في العصر والوسط اللذان عاش فيهما، واتخذه السلطان السعدي أحمد المنصور وزيرا وطبيبا خاصا له.
ولد القاسم بن محمد الوزير الغساني خلال النصف الأول من القرن السادس عشر الميلادي بمدينة فاس، وشغل منصب وزير في عهد أحمد المنصور، كما اضطلع بمهمة الطبيب الخاص للسلطان.
أخذ الغساني علم الطب عن أبيه، وسائر العلوم عن الإمام المنجور والقاضي الحميدي وغيرهما، كما خلف جملة من المؤلفات أهداها إلى المنصور السعدي منها؛ “حديقة الأزهار في الأعشاب والعقار”، و”الروض المكنون في شرح أرجوزة ابن عزرون”، ومغنى الطبيب عن كتب أعداء الحبيب”، بحسب ما أشار سعد الدين العثماني في مقال بـ”معلمة المغرب”.
وقال عنه محمد حجي في الحركة الفكرية بالمغرب في عهد السعديين”، إنه “شيخ الأطباء ونقيبهم، وعميد الصيادلة وخبيرهم”، ونعته ابن القاضي المكناسي “في درة الحجال” بـ”الأديب الناظم، الناثر، المؤلف، له في الطب موضوعات، وله كتاب في الأعشاب”، بحسب ما نقل عنهم العثماني.
الغساني، الذي عمل طبيبا خاصا للمنصور الذهبي، كان رئيسا للأطباء والعشابين بمدينة مراكش، بحسب ما أشارت له الباحثة نجاة المريني في “معلمة المغرب”، كما أن منصب الوزارة سمح له بأن يجول المغرب رفقة السلطان وهو ما مكنه من تحصيل ثقافة كبيرة في النباتات والأعشاب.
وبرز الغساني في عهد السعديين، وهي الفترة التي انبعثت فيها نهضة جديدة للعلوم والآداب بعد ركود لعشرات العقود، “وقد كان بيت الغساني بيت علم ووزارة وكتابة، وقد تقلد كثير من رجاله خطة الوزارة حتى صار يطلق على هذه العائلة اسم الوزير”، بحسب ما ورد في مقال لمحمد الفاسي، نشر بالعدد 32 لمجلة “دعوة الحق”.
وعن كتاب الغساني “حديقة الأزهار في ماهية العشب والعقار”، قال الباحث في التاريخ جمال بامي إنه “يتميز بدقة علمية تسود معظم أجزائه، وهو أمر يعبر عن الخبرات التي اكتسبها من خلال رحلاته الاستكشافية المتعددة التي قام بها في الميدان، مشيرا إلى أن طبيب المنصور اختصر كتابه في كتاب سماه “كشف الرمو”.
وفي مقال نشرته مجلة “ميثاق الرابطة”، نقل بامي عن الطبيب الفرنسي رونو قوله، في دراسة له، إن المغرب في العهد السعدي عرف في بدايته ركودا في ميدان العلوم الطبيعية، وعرفت هذه الحقبة انحسارا للعلم والمعارف بفعل الفوضى، مشيرا إلى أن رونو يستثني عالِمين من هذا الركود، بينمها الغساني.
ووصف رونو كتاب الغساني بأنه ذو منهج واضح في وصف وتصنيف النباتات، ويتميز بأصالة علمية بادية، وتصنيف مهم متكون من ثلاث مستويات، يضيف إلى ما تقدمه كتب النباتات الطبية العربية القديمة عنصرا جديدا يتمثل في توثيق جل المواد الصيدلية المتوفرة في مدينة فاس.
وانفرد كتاب “حديقة الأزهار في ماهية العشب والعقار”، يقول بامي، بميزة فريدة تتجلى في اصطناع المؤلف منهجاً لتنصيف النبات تصنيفا علميا وهو ما يسمى اليوم، بالنظام التصنيفي La systématique ، ذلك أنه كثيرا ما يعمد إلى تعيين جنس العشبة ونوعها، ويطلق لفظ الجنسGenus بالإنجليزية أو Genre بالفرنسية.
المصدر: العمق المغربي