العلاقات المغربية الصينية.. استثمارات بقيمة 56 مليون دولار وتوسع في القطاعات الاستراتيجية
كشفت صحيفة “المونيتور” أن شركة “شانهايغوان بريدج” الصينية الكبرى للبنية التحتية للسكك الحديدية، والشركة الألمانية الرئيسية لتكنولوجيا السكك الحديدية “فوسلوه كوجيفر”، فازتا بعقود بقيمة 56.2 مليون دولار في أكتوبر 2024 لتوريد مكونات رئيسية لتوسيع شبكة القطارات السريعة في المغرب.
وفي مقال لها بعنوان “ما وراء تعميق الصين لتعاونها مع المغرب؟”، أكدت الصحيفة التسارع الكبير في العلاقات ما بين المملكة المغربية وجمهورية الصين الشعبية منذ زيارة الملك محمد السادس إلى بكين عام 2016، فالمغرب أصبح وجهة رئيسية للاستثمارات الصينية في مجالات البنية التحتية والتكنولوجيا، في وقت يسعى فيه إلى تنويع شراكاته الاقتصادية وتعزيز موقعه كمركز استراتيجي يربط بين إفريقيا وأوروبا.
شبكة القطارات
وأضاف المصدر ذاته أنه وبعد إطلاق “البراق”، الذي يعد أسرع قطار في إفريقيا بسرعة 300 كيلومتر في الساعة، عبرت الحكومة المغربية عن رغبتها في توسيع شبكة القطارات عالية السرعة، التي يبلغ طولها حالياً 323 كيلومترًا، وفقاً للمكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF)، كما ستدعم التحديثات التي تم الاتفاق عليها فيما يتعلق بخط القطار بين القنيطرة ومراكش، الذي يعد من أهم ممرات النقل في البلاد.
وأشار إلى أن شركة “الصين للتصميم السككي” بدأت دراسة المشروع المبدئي لإنشاء ثاني خط قطار عالي السرعة في المغرب، والذي سيصل بين الدار البيضاء وأكادير، معتبرا أن هذه التوسعة تحظى بأهمية كبيرة لعدة عوامل، أبرزها أنها ستساهم في نقل الزوار عبر المملكة أثناء بطولة كأس العالم 2030، التي سيستضيفها المغرب بالتعاون مع إسبانيا والبرتغال، كما ستساهم في تقليل وقت السفر بين المدن الكبرى في المغرب، وتسهيل حركة البضائع، مما يجعل المغرب مركزًا لوجستيًا رئيسيًا بين إفريقيا وأوروبا، بحسب المحلل في “فينرا” في واشنطن، زيشان شاه.
وعن دور بكين في توسيع شبكة القطارات عالية السرعة في المغرب، قال المستشار الإعلامي المغربي، أنس مزور، في تصريح لـ “المونيتور” إن الشركات الصينية التي فازت بعدد من العقود لتنفيذ القطار عالي السرعة بين القنيطرة ومراكش، تساهم في تجسيد جانب مهم من مبادرة “الحزام والطريق” فيما يتعلق بالبنية التحتية، مضيفا بأن المشاريع المتعلقة بصناعة البطاريات السيارات التي تم توقيعها مؤخرًا مع شركات صينية كبرى، تعزز أيضًا الجانب الاقتصادي للمغرب.
إمكانات كبيرة بالمغرب
وأوضحت الصحفية في مقالها أن قطاع السيارات في الصين، لا سيما في مجال المركبات ذات الطاقة الجديدة، لديه إمكانات كبيرة في المغرب، الذي يعتبر أكبر مصنع سيارات في إفريقيا ويملك القدرة على إنتاج نحو مليون سيارة سنويًا، مسجلة تسارع احتياطيات المغرب من المواد الأساسية للبطاريات من ظهوره كمركز لصناعة السيارات الكهربائية، حيث وقع المغرب السنة الماضية مع الشركة الصينية “قوشين هايتيك” اتفاقية بقيمة 6.4 مليار دولار لبناء مصنع كبير لبطاريات السيارات الكهربائية بالقرب من العاصمة الرباط.
وأورد التقرير أن المغرب سنة 2017 أصبح واحدًا من أولى الدول الإفريقية والعربية التي انضمت إلى مبادرة “الحزام والطريق” التي أطلقتها الصين، كما أصبح عضوًا فعالًا في بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية الذي ترأسه الصين في ديسمبر 2018، وفي يناير 2022، وقع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ونائب رئيس اللجنة الوطنية الصينية للإصلاح والتنمية، نينغ جيجي، اتفاقية خطة التنفيذ المشتركة لـ “الحزام والطريق”.
وفي إطار هذه المبادرة، قال وزير الصناعة والتجارة المغربي، رياض مزور، إنه منذ ذلك الحين، “توجه الاستثمارات الاقتصادية الصينية نحو شراكة استراتيجية بنظام “رابحرابح”، بالنظر إلى توفر المغرب على أكبر احتياطيات الفوسفات وعدد من المعادن الضرورية لصناعة البطاريات”.
تهدف هذه الاتفاقية حسب المصدر ذاته إلى تحسين الوصول إلى التمويلات الصينية، وتنفيذ مشاريع ضخمة في المغرب، وتسهيل التبادلات التجارية والمشاريع المشتركة عبر اختيار 14 قطاعًا حيويًا تشمل البنية التحتية، الصحة، الزراعة، الصناعة، الطاقات المتجددة والتكنولوجيا، مشيرًا إلى أن هذا السياق الجيواقتصادي يجعل المغرب “حلقة وصل اقتصادية” يمكن للصين التعاون معها لتصدير منتجاتها الصناعية إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.
أكبر شريك تجاري
وأضاف أنس مزور في تصريح لـ “المونيتور” أن “تطوير صناعة بطاريات السيارات الكهربائية في المغرب يعد خطوة هامة للحفاظ على موقع المغرب المتقدم في صناعة السيارات، وخلق المزيد من فرص العمل، وتطوير مهارات الموارد البشرية”.
وحسب تقرير المؤسسة فإن الصين أصبحت سنة 2022 ثالث أكبر شريك تجاري للمغرب وأول شريك في آسيا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 7.6 مليار دولار، فيما وصل حجم الاستثمارات الصينية في المغرب إلى نحو 56 مليون دولار.
ووفقًا لتقرير “مؤشر استثمارات الصين العالمية 2023” الذي نشرته وحدة الاستخبارات الاقتصادية، كان المغرب في العام الماضي ثالث أكثر البلدان جذبًا للاستثمارات الصينية في إفريقيا، بعد مصر وجنوب إفريقيا.
وسجل المقال أن وزير التجارة الصيني، وانغ وينتاو، التقى مع وزير التجارة المغربي، رياض مزور، خلال زيارته الأخيرة للمغرب إذ قدم إمكانات منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، التي تعد وسيلة لتطوير المنتجات المغربية والصينية للأسواق الإفريقية الواعدة، مشيرا إلى أن المملكة أصبحت وجهة مفضلة للشركات الصينية.
ارتفع حجم التبادل التجاري
وفي هذا الإطار أكد زيشان شاه، أن العلاقات التجارية بين المغرب والصين شهدت ازدهارًا في السنوات الأخيرة، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 50% منذ انضمام المغرب رسميًا إلى مبادرة “الحزام والطريق” في عام 2017، موضحا أن الصين تجاوزت فرنسا لتصبح ثاني أكبر مصدر للواردات إلى المغرب، خاصة في قطاعات السيارات ومكونات السيارات الكهربائية.
وتابع بأن أن المغرب أصبح “وجهة جذابة للاستثمارات الصينية في إنتاج البطاريات، وفي المستقبل، في تجميع السيارات الكهربائية”، نظرًا لوجود قاعدة تصنيع سيارات كبيرة في البلاد.
وختامًا، أشارت الصحفية إلى تصريحات الاقتصادي في أكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية، دونغ ليو، الذي شدد على أن المغرب يمتلك بيئة واعدة لتطوير الإنتاج الصناعي الكثيف اليد العاملة، مما يمنحه ميزة لنقل القدرة التصنيعية من الصين إلى المغرب، وبفضل قربه الجغرافي من أوروبا، واستقراره السياسي والاقتصادي، واتفاقياته التجارية مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أصبح المغرب المكان المثالي لإقامة المشروعات المشتركة بين الشركات الصينية والغربية.
جدير بالذكر أن الرئيس الصيني شي جينبينغ قام يوم أمس بزيارة قصيرة إلى المغرب، وكان في استقباله في مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء ولي العهد الأمير مولاي الحسن، الذي كان مرفوقا برئيس الحكومة عزيز أخنوش، وفق ما نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء.
المصدر: العمق المغربي