العبقرية المحمدية في إلغاء ذبح الأضحية

تتجلى العبقرية المحمدية يومًا بعد يوم في سنّ توجهات كبرى تقود البلاد نحو التنمية المستدامة، الرخاء الاقتصادي، وحفظ المصلحة العامة، ودرء المفاسد عن الأمة المغربية. فقد جاء قرار جلالته، نصره الله، بإلغاء شعيرة ذبح أضحية عيد الأضحى، رغم أهميتها القصوى في نفوس المغاربة، كخطوة شجاعة، جريئة، ودستورية، تستند إلى الفصل 41 من دستور 2011، الذي يمنح الملك صفة أمير المؤمنين، وحامي حمى الملة والدين، ورئيس المجلس العلمي الأعلى، المخول الوحيد بإصدار الفتاوى.
ويعكس هذا القرار الملكي روح المواطنة الصادقة لجلالة الملك، إذ جاء بناءً على نتائج إحصاء الثروة الحيوانية في البلاد، والتي شهدت تراجعًا بنسبة 38% مقارنة بإحصاء 2016، بسبب سنوات الجفاف، والذبح العشوائي، والمضاربات، وغياب المراقبة في القطاع الوصي، إلى جانب أسباب أخرى لا حصر لها.
وقد جاء الإعلان عن القرار عبر بلاغ تلاه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وهو من وزراء السيادة، وليس الناطق الرسمي باسم الحكومة، مما يؤكد طابعه السيادي الذي يتجاوز كل الحسابات السياسية والحزبية. ويُذكر أن المغرب شهد مواقف مشابهة في سنوات 1963، 1981، و1996، وكان آخرها في عهد وزير الأوقاف الراحل العلوي المدغري.
وبصفته أميرًا للمؤمنين، يمارس جلالة الملك اختصاصاته الدستورية وفق مقاصد الشريعة الإسلامية، التي تقوم على تحقيق المصلحة العامة ودرء المفاسد، والتخفيف عن المسلمين في أوقات الشدة، ورفع الحرج عن ذوي الدخل المحدود الذين لا يستطيعون تحمل تكاليف الأضحية. كما يعزز هذا القرار المبدأ الذي درج عليه أمير المؤمنين، حيث يضحي عادة بكبشين أملحين أقرنين نيابة عن الفقراء، اقتداءً بجده المصطفى صلى الله عليه وسلم.
وقد سبق لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أن علّق حد السرقة في عام الرمادة سنة 18 هجرية، عندما واجهت المدينة المنورة أوضاعًا قاسية من جفاف ومجاعة، مما يؤكد أن لولي الأمر صلاحيات واسعة في جلب المصالح العامة ودفع الضرر عن الأمة، باعتباره مسؤولًا عنها في السراء والضراء.
وقد استحسن المغاربة هذا القرار الحكيم لما له من انعكاسات إيجابية على الأوضاع الاقتصادية، الاجتماعية، والنفسية، إذ من المتوقع أن يُسهم في خفض أسعار اللحوم خلال الفترة المقبلة. كما أنه خطوة استراتيجية ستتبعها إجراءات ملكية صارمة تصب في مصلحة الشعب، في ظل الاحتقان الاجتماعي، وتمييع الساحة السياسية والفكرية، واستشراء الفساد المالي والإداري، وفقدان المواطن الثقة في المؤسسات السياسية والمدنية.
* باحث في السياسات العمومية
المصدر: العمق المغربي