اخبار المغرب

العباسي: الإعلام المغربي غير قادر على اختراق الحدود.. ونحتاج إلى منابر ناطقة بالإسبانية

اعتبر مصطفى العباسي، عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية ورئيس فرعها الجهوي بتطوان، أن الإعلام المغربي غير قادر على اختراق الحدود، وسط ضعف كبير لتأثيره على المستوى الدولي، خاصة لدى الإسبان، مشيرا إلى أن المسؤولية يتحملها المركز (في إشارة إلى الدولة)، مستدركا: “ونحن أيضا في الشمال نتحمل جزءا من المسؤولية في هذا الإشكال”.

وأوضح العباسي في ندوة بكلية أصول الدين بتطوان، اليوم الأربعاء، حول موضوع: “التواصل والإعلام وأدوارهما في التقارب بين المغرب وإسبانيا”، نظمها نادي اللغات والتواصل الحضاري بالكلية، قائلا: “للأسف عندنا إعلام حدو طنجة، وليس لدينا إعلام يخترق الحدود. صحيح لدينا بعض المنابر الناطقة بالفرنسية، لكن ليس لدينا إعلام قوي ناطق بالإسبانية، لذلك لا يمكننا لوم الإسبان على مواقفهم”.

وأشار إلى أن هناك بعض المحاولات القليلة في الإعلام المغربي لمخاطبة الإسبان بلغتهم، لافتا إلى وجود منبرين إعلامييين فقط ناطقين بالإسبانية بالمملكة، مضيفا أن المطلوب اليوم هو ما أسماه “إعلام الفيزا”، أي إعلام وطني قادر على التواصل ومخاطبة الآخر واختراق دول الجوار، والعالم الغربي عموما، وفق تعبيره.

وكشف المتحدث أن قضية الصحراء المغربية كانت من القضايا الأساسية التي اشتغل عليها الإعلام المغربي لإقناع الإعلام الإسباني بأهميتها لدى المغرب، لافتا بالمقابل إلى أن جبهة “البوليساريو” الانفصالية تملك منابر إعلامية متعددة ناطقة بالإسبانية تشتغل بدون توقف وباختلاق الأكاذيب بشكل رهيب لمحاولة استمالة رأي الإسبان.

أستاذ الإعلام بالمعهد العالي للصحافة والتدبير بطنجة، أشار إلى تجربة مؤتمر “صحفيو الضفتين” الذي يُنظم بالتناوب بين المغرب وإسبانيا كل سنة، وقد بلغ هذا العام دورته الأربعين، باعتباره تجربة مدت جسور التواصل بين الصحفيين بشمال المغرب ونظرائهم بالأندلس، وصححت المغالطات والصور النمطية التي كان يتمثلها الإسبان عن المغرب.

وأوضح قائلا: “في بداية هذا المؤتمر تفاجأنا بأن الصحفيين الإسبان يحملون صورا نمطية سيئة عن المغرب، وأفضلهم لا يعرف شيئا عنا، خاصة بمنطقة الأندلس، ومن هذا المنطلق جاء مشروع مؤتمر صحفيو الضفتين من أجل خلق النقاش والتواصل مع الصحفيين الإسبان، ضمن عملية تهدف لتحقيق تقارب إعلامي وتجاوز الأمور التي تثير الإشكالات بين البلدين”.

وأشار إلى أن المؤتمر تمكن من النجاح طيلة عقود “رغم الصعوبات التي واجهناها في البداية، خاصة في ظل قضايا شائكة كانت من الممكن أن تعكر صفو هذه العلاقة”، مضيفا: “نصف عملنا مع الصحفيين الإسبان كان عبارة عن قلم أحمر لتصحيح المغالطات التي يتمثلونها عن بلدنا، وقد عقدنا دورات للمؤتمر في ظروف حالكة في العلاقات المغربية الإسبانية”.

وأردف قائلا: “في الدورة الأولى من هذا المؤتمر، تمكنا بصعوبة من إقناع 10 صحفيين إسبان فقط بالحضور للمغرب، لكنني يمكن القول اليوم بأننا تمكنا طيلة 25 سنة من عمر المؤتمر، من اختراق قلعة كانت موصدة من قبل، وهي التواصل مع الصحفيين الإسبان، علما أن من بين المشاركين معنا صحفيين من جزر الكناري الذين يعتبرون أكثر عداءً للمغرب”.

ومضى قائلا: “نصر على أن يحضر معنا في المؤتمر صحفيون يحملون أفكارا معادية، وذلك من أجل أن يروا حقيقة الوضع بالمغرب وليكتشفوا بأنفسهم أنهم يتعرضون للكذب والخداع”، معتبرا أنه “واهم من يظن أن هناك إعلاما إسبانيا محايدا ومستقلا، فهم يراعون سياقات سياسية واقتصادية وثقافية مختلفة” حسب قوله.

في نفس السياق، أورد العباسي أن الصحفيين المغاربة عاشوا لحظات صعبة في هذا المؤتمر خلال قضيتي “إكديم إزيك” و”أمينتو حيدر”، لأن الإعلام الإسباني تناولهما بشكل كبير وبمعطيات مضللة، مضيفا: “تمكنا في النهاية من إقناع رئيسة فيديرالية الصحفيين الإسبان من إدانة مغالطات التغطية الإسبانية لتلك القضيتين”.

لكن بالمقابل، ساهم الإعلام في تلطيف الأجواء في محطات كثيرة، يقول العباسي، حتى أن بعض وسائل الإعلام الإسبانية المعادية للمغرب، خففت من حدة استهدافها للمملكة، خاصة بعد عودة الدفء للعلاقات بين البلدين، وإعلان التنظيم المشترك لكأس العالم 2030.

وختم نقيب الصحفيين بتطوان بأن العمل جارٍ حاليا من أجل تحقيق تنسيق تام وكامل بين الصحفيين المغاربة والإسبان من أجل إنجاح محطة مونديال 2030، مشيرا إلى أن مؤتمر “صحفيو الضفتين” يشتغل على تكوينات وملتقيات في هذا الصدد خلال السنوات المقبلة.

وخلال هذه الندوة، قال عميد كلية أصول الدين، عبد العزيز رحموني، إن كلية أصول الدين تهتم بالحوار بكل أنواعه، خاصة الحوار الديني والحضاري، وتوجد في صلب التقارب المغربي الإسباني، من خلال تدريسها للغة الإسبانية، وموقعها بشمال المغرب، قريبا من إسبانيا.

وشدد الرحموني على دور الإعلام في التقارب بين الشعبين المغربي والإسباني، وتقريب الصورة الحقيقية عن بعضهما، بعيدا عن “النظرة الاستعلائية”، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام هي التي تصنع الرأي العام، بل وتفرض أجندتها على سياسات الدول في كثير من الأحيان.

وأشار عميد الكلية إلى أن التقارب بين المغرب وإسبانيا ينبع من كونه تقاربا تاريخيا وجغرافيا وموروثا حضاريا وثقافيا يجمع البلدين، وهو ما يشكل أرضية صلبة لترسيخ ثقافة الحوار

واعتبر أن كل هذه الأسباب تشكل حافزا للبحث عن المشتركات الإنسانية بين المغرب وإسبانيا، والبحث في مجالات التفاهم وتعزيز دائرة التعاون والاعتداء وتجسيد التسامح ومكافحة التطرف بين البلدين.

من جانبها، قالت منسقة شعبة اللغات والثقافة والتواصل بكلية أصول الدين، حنان المجدوبي، إن التقارب بين المغرب وإسبانيا يلامس صميم اهتمام هذه الشعبة، خاصة مسلك التواصل الثقافي والحضاري، معتبرة أن الإعلام حين يكون مسؤولا يصبح وسيلة لبناء الجسور لا لزرع الفرقة.

وشددت المجدوبي على أهمية الديبلوماسية الثقافية والديبلوماسية العلمية، مشيرة إلى أنهما لا تتطلبان سفارات ولا اتفاقيات، بل يكفي فتح القاعات الجامعية أمام التجارب والخبرات، كما نفعل اليوم مع الإعلام، وفق تعبيرها.

واعتبرت المتحدثة أن وجود نقيب الصحفيين بتطوان في كلية أصول الدين يعد فرصة ثمينة أمام الطلبة، لأن من بين آفاق مسلك التواصل الثقافي والحضاري أن يكون الطالب صحافيا أو فاعلا في مجال الإعلام الثقافي.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *