علمت هسبريس أن مصالح المراقبة المركزية لدى المديرية العامة للضرائب رصدت من خلال نظامها المعلوماتي لتحليل البيانات العشوائية، اختلالات كبيرة في تصريحات جبائية لملزمين يزاولون أعمالا حرة، بينهم أطباء ومهندسون وتجار، بعد افتحاص حساباتهم والتدقيق في “كشوفات بنكية” (Relevés bancaires) مرفقة بها.
وذكرت مصادر جيدة الاطلاع أن عملية التحليل كشفت عن تباين صارخ بين المداخيل المصرح بها من قبل هؤلاء الملزمين ومستوى إنفاقهم الفعلي، ما عزز شكوك المراقبين حول صحة وقائع تملص من أداء مستحقات جبائية مهمة، موضحة أن المراقبين تفاجؤوا بتصريح ملزمين بمداخيل لا تتجاوز 400 ألف درهم، قبل أن يتبين تجاوز نفقاتهم سقف مليوني درهم، شملت إلى جانب مصاريف سياحية داخل المغرب وخارجه، وأداءات ببطاقات ائتمان، اقتناء ممتلكات عقارية ومنقولات قيمة.
وأفادت المصادر نفسها بأن مراقبي الضرائب، استنادا إلى البيانات الخاضعة للتحليل، وجهوا استفسارات إلى ملزمين بشأن تصريحات تقدموا بها بخصوص الضريبة على الدخل، مؤكدة أن بعضهم لجأ بعد مواجهته من قبل الإدارة الجبائية بالمعلومات المجمعة حول أنشطتهم ومداخيلهم الحقيقية إلى خدمات مكاتب استشارة ومحاسبة لغاية إعداد المستندات والوثائق الثبوتية الخاصة بنفقاتهم ودخولهم، وإعادة التحقق من إقراراتهم، وتسوية وتصحيح أخطائهم المحاسبية.
ومكن استغلال البيانات المركزية للإدارة الجبائية المراقبين من ضبط تورط ملزمين في شبهات التلاعب بتصريحات ضريبية من خلال إخفاء مجموعة من المداخيل، توزعت بين دخول مهنية، عبارة عن أجور وتعويضات عن خدمات استشارة وغيرها، ودخول عقارية، في شكل عائدات الكراء أساسا، وكذا مداخيل مالية، همت على الخصوص ربيحات خاصة بأسهم وفوائد عن ودائع.
ومعلوم أن المديرية العامة للضرائب تعتمد بشكل أساسي على منظومتها المعلوماتية لتحديد الملزمين الذين تستدعي حالتهم مراجعة تصريحاتهم، بناء على مجموعة من المعايير والمؤشرات المدرجة في نظام الرقابة المعلوماتي؛ إذ يتوصل المراقبون بملفات المعنيين بالمراجعة خلال مرحلة لاحقة، مرفقة بأسباب إخضاعهم لها، فيما تستعين الإدارة الجبائية بنظامها المعلوماتي أيضا لاختيار نوعية القطاعات والأنشطة الخاضعة للمراقبة الضريبية، وفق معايير دقيقة، محينة وموحدة، بما يضمن برمجة عادلة وموضوعية لمهام المراقبة والافتحاص.
وكشفت مصادر هسبريس توقف المراقبين عند اختلالات في تصريحات جبائية لأطباء ومهندسين، في محاولات لتقليص قيمة مداخيل مصرح بها، من خلال الاعتماد على فواتير مزورة وتحويلات بنكية مضللة، مشددة على استغلال المراقبين مقتضيات المادة 214 من المدونة العامة للضرائب، التي تؤطر حق الاطلاع وتبادل المعلومات، في الإحاطة بجميع العمليات المالية والتجارية والعقارية المنجزة من قبل الملزمين موضوع التدقيق.
وقد أظهرت مهام التدقيق، وفق المصادر نفسها، أن المبالغ المودعة في الحسابات البنكية لملزمين، أو المسحوبة منها، سواء تعود إليهم أو إلى أزواجهم وأبنائهم، لا تتناسب مع المداخيل المصرح بها، موردة أن أحد الملزمين الناشطين في القطاع التجاري صرح بمداخيل لا تتجاوز 350 ألف درهم خلال سنة 2024، في حين إن نفقاته خلال السنة عينها تجاوزت 700 ألف درهم، من خلال أداءات بواسطة بطاقات ائتمان وشيكات، شملت أيضا مصاريف سياحية.
يشار إلى أن قاعدة البيانات التي أصبحت المديرية العامة للضرائب تتوفر عليها، بفضل اتفاقيات تبادل المعلومات مع عدد من الإدارات الشريكة، تحولت إلى أداة فعالة لمواجهة المتهربين من أداء الضرائب؛ إذ تتيح الوصول إلى معلومات دقيقة حول ممتلكات الملزمين، ونفقاتهم، ومستوى عيشهم، مما يسمح بمراجعة واقعية للقيم المصرح بها.
المصدر: هسبريس