أكد عزوز صنهاجي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، أن المراجعة الجارية للمنظومة التشريعية المؤطرة للانتخابات التشريعية تأتي انسجاماً مع التوجيهات الملكية الواردة في خطاب العرش، والتي دعت إلى اعتماد النصوص الخاصة بانتخابات 2026 قبل متم سنة 2025. وتشمل هذه العملية ثلاثة نصوص أساسية: القانون التنظيمي لمجلس النواب، القانون التنظيمي للأحزاب السياسية، وقانون اللوائح والحملات الانتخابية.

وأوضح صنهاجي، في تصريح لـجريدة “”، أن حزبه يعتبر الانتخابات المقبلة “معركة مجتمعية ديمقراطية” وفرصة لتصحيح مسار الحكومة الحالية على مستويات متعددة، إلى جانب كونها مناسبة لإعادة ربط المواطنين، لا سيما الشباب، بالشأن العام، وتمكين مجلس النواب المقبل من استقطاب كفاءات نزيهة تمهد لتشكيل حكومة أكثر فعالية ونزاهة، بما يضمن استرجاع الثقة والمصداقية في المؤسسات.

وأضاف أن حزب التقدم والاشتراكية قدم مذكرة مفصلة خلال المشاورات التي أطلقتها وزارة الداخلية بخصوص إصلاح المنظومة الانتخابية، وحرص فيها على تضمين مقترحات تهيئ مناخا سياسيا وحقوقيا إيجابيا. وقال إن المذكرة تضمنت عشرات المقترحات الدقيقة المتعلقة بتخليق العملية الانتخابية، والحد من تأثير المال الفاسد، وتوسيع مشاركة الشباب والنساء ومغاربة العالم، ومراجعة التقطيع الانتخابي، وتشجيع التحالفات القبلية بين الأحزاب، وتنقية اللوائح الانتخابية، إلى جانب تحسين حكامة التمويل العمومي للأحزاب وضمان عدالته وشفافيته.

وأشار صنهاجي إلى أن النصوص التي وصلت إلى البرلمان حملت عددا من الإيجابيات، من بينها توسيع دائرة حالات المنع من الترشح لتشمل وضعيات مرتبطة بالتلبس أو الأحكام الابتدائية في الجنايات أو الأحكام الاستئنافية، إضافة إلى الجرائم المتعلقة بتدبير المال العام، إلى جانب تشديد معظم العقوبات على الجرائم الانتخابية، ورفع فترة الحرمان من التسجيل والترشح لتصل إلى ولايتين كاملتين بالنسبة للمشمولين بالمنع القانوني. كما رحّب بالمقتضيات التي تحفز الشباب على الترشح عبر مساهمة الدولة في تغطية جزء من مصاريف الحملات الانتخابية للمترشحين أقل من 35 سنة، وفق شروط تضمن الجدية والعقلنة.

في المقابل، أعرب المتحدث عن خيبة أمل حزبه لغياب أي تقدّم بخصوص تعزيز تمثيلية النساء داخل مجلس النواب، وعدم مراجعة التقطيع الانتخابي بشكل أكثر انسجاما وتمثيلية، إضافة إلى غياب مقتضيات تضمن صعود كفاءات وطنية حقيقية إلى مواقع المسؤولية. كما سجل رفضه للمادة 51 مكررة المثيرة للجدل، رغم تخفيف صيغتها خلال مناقشتها في مجلس النواب، معتبرا أنها قد تخلق التباسا قانونيا وقضائيا فيما يتعلق بحرية التعبير حول نزاهة العمليات الانتخابية، لاسيما أن العقوبات المرتبطة بالأخبار الكاذبة موجودة مسبقا في قوانين أخرى، “فلماذا تُعاد صياغتها بعقوبات أشد داخل القوانين الانتخابية؟” يتساءل صنهاجي.

وأكد عضو المكتب السياسي أن فريق التقدم والاشتراكية النيابي قدم تعديلات عديدة بخصوص هذه النصوص، قُبل بعضها ورُفض الآخر، مما أدى إلى اتخاذ قرار التصويت بالامتناع. واعتبر أن هذا الموقف “ليس حيادياً بالمعنى السلبي”، بل يعبر عن توازن بين التنويه بالإيجابيات والتحفظ على النواقص، ويجسد خيبة أمل الحزب من عدم التفاعل الجدي للأحزاب السياسية مع تعديلات كان من شأنها الارتقاء بالمنظومة الانتخابية.

وشدد صنهاجي على أن أعطاب الانتخابات في المغرب لا ترتبط بالنصوص القانونية فحسب، بل أيضا بالممارسات الفاسدة واستخدام المال وشراء الذمم، مؤكداً أن مواجهة هذه الظواهر تتطلب حياداً إيجابياً وتدخلاً حازماً من السلطات المختصة، ومشاركة واسعة من الشباب والطبقة المتوسطة والضمائر الحية لمحاصرة الفساد، إضافة إلى تحمل الأحزاب مسؤوليتها في اختيار مرشحين أكفاء ونزهاء.

واختتم القيادي بحزب التقدم والاشتراكية، بدعوة الشباب إلى الإقبال المكثف على التسجيل في اللوائح الانتخابية استعدادا للمشاركة ترشيحا وتصويتا، مؤكدا أن “التغيير الديمقراطي لا يحدث تلقائيا، بل يتحقق بتحويل الاستياء الشعبي إلى فعل مؤسساتي قوي وفاعل داخل المجتمع”.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.