الصديقي يحذر من “تفاوتات مخيفة” في توزيع الثروة بالمغرب وينادي بلمّ شتات اليسار

انتقد وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية الأسبق، والقيادي بحزب التقدم والاشتراكية عبد السلام الصديقي، طريقة توزيع الثروة بين مختلف الجهات والمناطق بالمغرب، داعياً إلى توحيد مكونات اليسار.
وقال الصديقي، خلال حلوله ضيفاً على برنامج “نبض العمق”: “لا يمكن لبلادنا أن تستمر في نظام يكرس هذه الفجوات، فليس من المعقول أن نجد تفاوتات مخيفة. لا يمكن لبلدنا أن يعيش في ظل نظام يشهد تفاوتات كبيرة جداً في الدخل، كما أن هذا التفاوت يشمل عدداً من المجالات. فعلى سبيل المثال، عند مقارنة جهة درعة تافيلالت بجهات أخرى، أو جهة الشرق مع غيرها، أو جهة بني ملال خنيفرة مع جهات أخرى، نجد أن الوضع يتطلب تحقيق بعض المساواة”.
وأقر وزير التشغيل السابق بـ”عدم وجود دراسات دقيقة حول توزيع الدخل والثروة”، مبرزاً أن “التقرير المنجز في عام 2013 عن الثروة الإجمالية للمغرب لم يتضمن تفاصيل حول كيفية توزيع هذه الثروة، إذ لم يحقق التقرير، وفق تعبيره، الغاية المرجوة منه؛ لأنه لم يساعدنا في فهم توزيع الثروة بشكل دقيق، ولا في تحديد نصيب كل جهة أو شريحة اجتماعية”.
التوزيع العادل للثروة هو مطلب حقوقي أو إنساني، والثروة الجماعية ملك للجميع، وكل فرد ساهم فيها بشكل أو بآخر. فالغابات ملك للجميع، الرمال والمعادن والمواد الخام من بينها الفوسفاط ملك للمغاربة جميعاً، وبالتالي من حق الجميع الاستفادة منها. وهذا هو جوهر العدالة الاجتماعية، التي ليست مجرد شعار فارغ. وسبق للمندوبية السامية للتخطيط أن أعدت دراسة حول المداخيل، وذكرت أن الفرق بين العشر الأكثر فقراً والعشر الأكثر غنى قد يصل إلى 65 ضعفاً. بمعنى آخر، الفقير الذي يملك درهماً واحداً يقابله غني يملك 65 درهماً. هذه الدراسة لم أجد لها أثراً فيما بعد، رغم أننا بحاجة ماسة لمثل هذه الدراسات”.
وتابع: “المعطيات التي نملكها حالياً تقتصر على نفقات الاستهلاك، لكن هذه الأخيرة تعبر فقط عن جزء من الدخل. على سبيل المثال، عامل يتقاضى 4000 درهم شهرياً ولا يدخر أي جزء منها، بينما شخص آخر يملك الملايين ولكنه يستهلك نفس المبلغ 4000 درهم. الفرق الحقيقي يظهر في الفجوة بين الفئات الأقل استهلاكاً والأكثر استهلاكاً، والتي قد تصل إلى أضعاف هائلة”.
وزاد: “لإجراء مثل هذه الدراسات، يجب أن يتوفر لدينا الوصول إلى معلومات دقيقة حول النظام الضريبي، الممتلكات، وغيرها من المعطيات، لكننا لا نزال بعيدين عن تحقيق الشفافية في المعطيات. فالمنظمات الدولية مثل “أوكسفام” تعتمد فقط على إسقاطات أو تقاطعات مع معطيات محدودة، وتخرج باستنتاجات مثل أن 1% من المغاربة يملكون 40% من الثروة، لكن هذه الاستنتاجات غير دقيقة”.
من جهة ثانية، دعا عبد السلام الصديقي إلى جمع شتات اليسار نظراً للحاجة لتحقيق ذلك، وفق تعبيره، مشيراً إلى أن الرأي العام المغربي يميل إلى اليسار ولكن هذا لا يظهر في نتائج الانتخابات، وفق تعبيره.
وقال المتحدث ذاته بهذا الخصوص: “كنا نرغب في وجود جبهة يسارية، فمصلحة اليسار هي التي توحدنا. وأعتقد أنه كان هناك تقارب في مواقف اليسار حيث لم تكن لدينا خلافات كبيرة وكان هناك العديد من المبادرات، ولكن مع الأسف، لم يتم الوصول إلى نهايتها ولم نتحمل المسؤولية في ذلك. على الجميع إدراك حجم المسؤولية في هذا الاتحاد اليساري”.
وأضاف عضو المكتب السياسي لحزب “الكتاب”: “يبدو أن الرأي العام يميل إلى اليسار ولكن هذا لا يظهر في نتائج الانتخابات. هذه مفارقة، ويجب علينا حلها. الرأي اليساري الذي يسود في الشارع وفي المؤسسات وفي الخطاب اليومي وفي المواقع الاجتماعية.
وشدد الصديقي، على أنه “يجب أن يتحول إلى قوة سياسية. والإنسان الذي ينتمي إلى الطبقة العاملة، مثل الصناع التقليديين والتجار الصغار والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، يعاني من الاحتكار ومن نهب الموارد. هؤلاء جميعاً لديهم مصلحة في اليسار، لأن أفكارهم يسارية، ولكنهم لم يتخذوا الخطوة للانتقال من الفكر إلى الممارسة”.
المصدر: العمق المغربي