تشهد مدينة الدار البيضاء في الآونة الأخيرة موجة استياء عارمة بين المواطنين، بعد انتشار واسع لمقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، توثق اعتداءات مادية على سيارات تعود لمواطنين من طرف أعوان شركة “كازا بيئة” المكلفة بتركيب الصابو لعقل السيارات المتوقفة في الشوارع.
وتظهر هذه المقاطع، التي تم تداولها بشكل واسع على منصات فيسبوك وإنستغرام وتيك توك، عددا من الأعوان وهم يقومون بإلحاق أضرار بمركبات المواطنين أثناء محاولتهم تثبيت أو إزالة الصابو، في مشاهد اعتبرها العديد من المتابعين “مستفزة” و”غير مقبولة في مدينة يفترض أن تسعى إلى تحديث نظامها الحضري”.
هذه الحوادث المتكررة أعادت إلى الواجهة الجدل القديم حول مشروعية الصابو وطريقة تدبيره، خصوصا أن عددا من المواطنين يعتبرون هذا الإجراء غير قانوني ويتعارض مع حقوق الملكية الخاصة، بينما يرى آخرون أن غياب إطار قانوني واضح ينظم عمل هذه الشركات يفتح الباب أمام التجاوزات والارتجال.
ويأتي هذا الجدل في ظل صمت لافت من طرف جماعة الدار البيضاء، التي لم تصدر إلى حدود الساعة أي توضيح من هذه الممارسات، أو يحدد مسؤولية شركة “كازا بيئة” في ما يجري داخل المجال الترابي للعاصمة الاقتصادية.
وتعرف عدة مناطق في المدينة، خاصة الأحياء التجارية والمناطق الإدارية، توترا متزايدا بين السائقين وأعوان الصابو، حيث تتكرر مشاهد المشادات الكلامية وأحيانا العنف المادي، في غياب واضح لأي تدخل من السلطات المحلية لتنظيم هذا القطاع وضبط ممارساته.
وعبر الفاعل الجمعوي والمدني بمدينة الدار البيضاء، عزيز عاشق، عن غضبه العارم واستيائه الكبير من السلوكات التي وصفها بـ”اللامسؤولة” و”المستفزة” الصادرة عن بعض الشركات المكلفة بتدبير مواقف السيارات، مؤكدا أن هذه الشركات تجاوزت بشكل خطير المهام الموكولة إليها، وتحولت من مجرد جهات منظمة لعملية الوقوف إلى أطراف تمارس “الترهيب والاعتداء” في حق المواطنين.
وقال عاشق إن “الكثير من أعوان هذه الشركات أصبحوا يتصرفون وكأنهم فوق القانون، حيث لا يترددون في تهديد السائقين، أو إلحاق الأضرار بسياراتهم في حال رفضهم دفع الإتاوات المفروضة خارج أي سند قانوني”، مضيفا أن “بعض الحالات وصلت إلى حد الاعتداء الجسدي واللفظي على المواطنين، في مشهد لا يليق بمدينة بحجم الدار البيضاء”.
وأشار المتحدث إلى أن “الوضع الحالي خلق حالة من الخوف والاحتقان في صفوف السائقين، الذين أصبحوا يعيشون نوعا من الترهيب اليومي في الشوارع التي توجد بها هذه الشركات”، لافتا إلى أن “ما يجري يتنافى تماما مع القوانين المنظمة للفضاءات العمومية، ومع حقوق المواطن في التنقل والكرامة”.
وتابع عاشق قائلا: “إذا كانت هذه الشركات تبرر وجودها بتوفير فرص شغل للشباب، فإن الواقع الميداني يكشف عن غياب أي تكوين أو تأطير مهني لأعوانها، مما يجعلهم يتعاملون بعصبية وعدوانية مع المواطنين بدل أن يكونوا واجهة حضارية لتنظيم الفضاء العام”.
وأكد الفاعل الجمعوي أن “المشكلة لا تكمن فقط في سلوك بعض الأعوان، بل في غياب إطار قانوني واضح ينظم طريقة عمل هذه الشركات ويحدد صلاحياتها ومسؤولياتها”، مضيفا أن “الشارع أصبح يعيش حالة من الفوضى بسبب تفويض تدبير المواقف لشركات لا تخضع لأي مراقبة حقيقية من طرف السلطات المحلية”.
وختم عاشق تصريحه بالتشديد على أن “المطلب اليوم لم يعد يقتصر على إصلاح طريقة اشتغال هذه الشركات، بل يجب التفكير بجدية في إنهاء وجودها نهائيا، وتعويضها بنظام حضري منظم يخضع لإشراف مباشر من الجماعات المحلية، يضمن الشفافية، ويحترم كرامة المواطن وحقه في الفضاء العام”.
المصدر: العمق المغربي