اخبار المغرب

السينما في الهوامش والقرى تشغل النقاد والأكاديميين بالمعرض الدولي للكتاب

ناقش مجموعة من الباحثين والمتخصصين في محور “نظرة على الفنون” ضمن فعاليات الدورة الـ29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، موضوع “السينما المغربية: من المدينة إلى الجبل”، محاولين فكّ أزرار المشهد السينمائي المغربي في علاقته بثنائية الفضاء: القرية المدينة، لا سيما وأن “الهامش الجغرافي” كان حقلاً خصباً لمجموعة من الأعمال السينمائية، رغم أن محور المدينة كان غالبا في “احتكار منطوق” الصورة السينمائية بالمغرب.

الناقد والأكاديمي محمد باكريم بدأ مداخلته بتشريح معرفي ولغوي لعنوان الندوة، حيث قال إن “عناوين الندوات التي كانت تتناول قضايا السينما في الماضي كان يطغى عليها واو العطف، فكنا نجد عناوين على غرار: السينما والتاريخ، وغيره، لكننا انتقلنا اليوم إلى براديغم جديد في مقاربة السينما يحيلنا على انتهاء غاية زمانية أو مكانية تتجلى في استعمال حروف الجر في عناوين الندوات الثقافية”.

وأضاف باكريم في مداخلته الموسومة بـ”الأطلس سينمائيا.. القريب والبعيد”: “أتمنى صادقا أن يحيل هذا الطرح أو البراديغم الجديد الذي يتجلى في عنوان هذه الندوة التي تتناول السينما من المدينة إلى الجبل، ليس فقط على إمكانية مساءلة انشغالات السينما المغربية في المدينة وانشغالاتها في الجبل، بل أيضا ألا يكون هذا الانتقال السينمائي مجرد انتقال فلكلوري أو ناتج عن ضغوط مرتبطة بالإنتاج السينمائي بل أن يكون انتقالا معرفيا وثقافيا”.

وأوضح المتحدث الذي أهدى مداخلته إلى بول باسكون (الابن البار للحوز) والأنثروبولوجي حسن رشيق، أن “هذا الانتقال في المكان يجب أيضا أن يسائل طبيعة السينما التي نريد بحثا عن جذورها الثقافية، خاصة أن طفرة الإنتاج اليوم تؤكد وجود جيل جديد من السينمائيين الموهوبين، ولكنه جيل أصبح رهينة نمط إنتاج تتحكم فيه منظومة صناعة الفرجة العالمية”، مسجلا في الوقت ذاته أن “هذا الأمر ينعكس على الخطاب المرافق لهذه السينما”.

واعترف الناقد السينمائي ذاته بأن “الأدوات التي يستعملها النقاد السينمائيون غير مطابقة لطبيعة السينما التي نريد، حيث إن منظومة الفرجة العالمية فرضت أيضا نوعا معينا من الخطاب في تلقي هذه السينما، رغم وجود وعي شقي لتحيين الأدوات التي نقرأ بها أفلامنا”.

وفي سياق آخر، أكد باكريم على “محورية الفضاء في مقاربة أي عمل سينمائي، بحيث يمكن فهم مسار تطور السينما المغربية انطلاقا من علاقتها بهذا الفضاء”، مشيرا إلى أن “المغرب وعبره إفريقيا كانا موضوعا للعديد من المواد السينمائية وللسينما منذ بدايات ظهورها، إلا أن إفريقيا لم تتجرأ على تصويرها إلا في الآونة الأخيرة”.

وسجل أن “الفاعل السينمائي الإفريقي، ومنه المغربي، صور فضاءه في بداية الأمر من أجل استرجاع وتحرير هذا الفضاء من صورة الآخر في إطار استعادة السيادة الوطنية”، مبرزا أن “السينما المغربية مرت بمراحل كان فيها الوصف يسود على السرد، ثم وقع تحول في بداية التسعينات حيث ظهر حينها ما سمي تصالح السينما المغربية مع جمهورها لأنها انتقلت من الوصف إلى الانتقال السينمائي في المكان، خاصة في الفضاء المديني”.

من جهته، قال الأكاديمي والروائي نور الدين محقق إن “هناك من ربط بداية السينما المغربية بمحاولات المخرج السينمائي محمد عصفور، لأنها ارتبطت نوعا ما بالمجال المديني، ولكن هناك بعض النقاد يذهبون إلى أن السينما المغربية بالأساس انطلقت مع فيلم [وشمة] ومع فيلم [السراب]، وكانت عملية انتقال من البادية إلى المدينة، هذا التزاوج بين التصوير في الفضاء المديني أو الانطلاق من البادية نحو المدينة وتصوير المدينة كفضاء للشخوص، يفرض عليهم التأقلم معه، والسينما المغربية حاولت أن تتطرق إلى قضايا اجتماعية متعددة”.

وأضاف محقق ضمن مداخلته أن “السينما المغربية في لحظة من لحظات التوهج الإبداعي والتلقي الجماهيري الذي صاحبها، أصبحت سينما المدينة بامتياز وتتمحور في فضاء الدار البيضاء”، وأن محاولات ظهرت لاحقا للخروج عن هذا السياق وتقديم أفلام قوية جدا، لا سيما من حيث البعد الإنساني، ومن حيث ابتعادها عن فضاء المدينة والانفتاح على تصوير فضاءات أخرى كان يغلب عليها الطابع القروي أو تزاوج بين القرية والجبل الذي تحتويه.

وسجل المتحدث أن المسألة المتصلة بالجبل تستدعي طرح السؤال: هل السينما سعت فقط إلى تصوير الجبل كفضاء خارجي؟ بمعنى أنه ديكور من الديكورات التي قد تروق للمخرج وتكون منفصلة عن أحداث الفيلم وعن التأثير في الشخصيات التي تتحدث عنها قصة الفيلم أم إن الفضاء يجب أن يعبّر وأن يكون فاعلا ضمن الفواعل أو العوامل الأساسية كشخصية من شخصيات الفيلم؟”، موردا أن “الشخصية يمكن أن تعكس لنا صبر الجبل، وفاء الجبل، علو الجبل، سمو الجبل”، وختم قائلا: “كل هذه الأشياء يمكن للشخصية التي تتواجد في هذا الفضاء أن تمتزج به وأن يعبر هذا الفضاء عن كل ما يمكن أن تشعر به”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *