التنمية هي إطار متعدد الأبعاد فمنها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والأمني ، بنى تختلف من حيث التركيبة غير أنها تستمد توجهاتها الكبرى من السياسات العمومية.
يشهد العالم صحوة شعبية متسعة الرقعة ، بنية إنسية عنوانها التغيير الهادف الى بلوغ الرفاه وخاصة في شقيه الاقتصادي والاجتماعي ، ذلك أن الرفاه يعبر عن أقصى وأجود درجات التنمية.
يشكل الفاعل السياسي مركز ثقل التحولات التي تسطرها الأنظمة الدستورية المقارنة ، وذلك عبر بوابة الديمقراطية التمثيلية التي من خلالها يتم التوصل عبر بوابة الانتخابات ودورتها السياسية الى طموحات المواطن ومن ثمة صياغتها في سياسات عمومية قادرة على الموازنة بين الممكن من جهة والنجاعة والفعالية المتعلقة بالأداء السياسي والمؤسسي.
حبكة معقدة تعاني من اشكالاتها كل دول العالم ولكن بدرجات متفاوتة الوقع وذلك في اتساق تام مع مصبار الديمقراطية التمثيلية عبر بوابة الاستجابة لاحتياجات المواطن بما يتسق واختياراته الديمقراطية.
إن الحديث عن ثالوث مركب عنوانه السياسي والمواطن والتنمية المجالية ، ليؤشر على معادلة سياسية صرفة تتمثل بالاساس في تموقع المواطن بين هذين الصرحين ، هل هو في مركز الثقل أم لا ، ذلك أن مسألة وضع أي سياسة عامة أو عمومية لا يمكن أن تزيغ عن الاخذ بعين الاعتبار لسلة عريضة من الكلمات المفاتيح والتي نذكر من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
اليات التواصل السياسي ،
مقومات البرنامج الانتخابي ،
المشاركة السياسية ،
البرنامج الحكومي،
العدالة المجالية .
مقومات لا يمكن من وجهة نظر الكاتب لاي طيف سياسي حزبي ان ينجح في مهامه الانتخابية ومن ثمة التدبيرية لقضايا الشأن العام من دون توفره هو نفسه على اجوبة كافية لماهيتها ومن ثمة تأهيله لفاعل سياسي قادر على مواصلة بناء الصرح الديمقراطي ، ذلك أن هذه البنية المركبة لا يمكننا التعاطي معها ومن ثمة بلوغ نتائج ايجابية فيما يتعلق بوقعها على الفرد والمجتمع من دون تغيير جذري لنمطية التفكير الحزبي والسياسي ، نعم ، لقد حان الوقت لاعتماد اليات تواصل سياسي جديدة ومتجددة عنوانها لغة العصر والتي لا يمكن اعتبارها البتة بأنها تهدد الايدولوجيا السياسية او تتجاوز الزخم التاريخي الذي راكمته سلة عريضة منها وخاصة التي لها قاعدة جماهيرية عريضة ، بل على العكس من ذلك فالديمقراطية تبنى على التمثيل السياسي والتصويت والموازنة بين الحق والواجب بين جميع الشركاء سواء احزاب سياسية أو مواطن اي ناخب ، ذلك ان لغة الحوار السياسي لتعبر عن منظام استراتيجي لبلوغ مجموعة من الاصلاحات الجذرية الكفيلة بالمصالحة السياسية بين الاحزاب السياسية والمواطن ، ومن ثمة فالمسؤولية هي مسؤولية مشتركة بين جميع الفاعلين المجاليين بمن فيهم المواطن الذي يجب أن يرتقي بوعيه بمواطنته الحقة والتي لا يمكن ان تتحقق الا من خلال الانخراط في الحياة السياسية عبر بوابة الاحزاب السياسية.
تعبر التجربة السياسية الحزبية المغربية ذات النمط التعددي الحزبي عن احد النماذج المتفردة التي تنحو منحى الاصلاح عبر بوابة الفعل السياسي وذلك منذ حصول المغرب على استقلاله ، غير ان التجربة الحزبية المغربية تعاني كنظيراتها من النماذج الحزبية الدولية المقارنة من سلة عريضة من الاشكالات والتي نجملها وعلاقة بعنوان المقال بتدبدب منسوب التواصل السياسي ، الكل يتحدث عن العزوف السياسي وخاصة لدى الشباب ، الكل يقف على بعض الفوارق المجالية وخاصة في القرى ، الكل يجمع على أن مغرب السرعتين لا يمكن ان يسعف في تحقيق نتائج مجالية وتنموية متقدمة ، ومن ثمة وانطلاقا من التعديلات التي طالت البنية التشريعية للعملية الانتخابية والاحزاب السياسية المرتبطة بجعل المواطن في صلب الاهتمامات الحزبية عبر بوابة رفع منسوب التواصل السياسي واقران القول بالفعل ، ذلك ان تشريعيات 2026 وترابيات 2027 ، لتعبر عن محطتين انتخابيتين استثنائيتين بمكان تبدأ من التواصل السياسي الرصين وتنتهي عند البقاء للأصلح ، ذلك ان الوعي المواطن قد تنامى فيما بتعلق بضرورة رفع سقف المطالب وجودتها وهو أمر لا يمكن بلوغه الا عبر بوابة التغيير للغة الخطاب والتواصل السياسيين اللذين يعتمدان على نظافة اليد من جهة وعلى البرامج الحزبية التي يجب أن ترتكز على بنية براغماتية عنوانها التنمية الممكنة.
المصدر: العمق المغربي
