اخبار المغرب

السلطات المغربية تواصل تقييد الزراعات المستهلكة للماء لمواجهة الجفاف

تواصل السلطات المغربية نهجها الصارم إزاء الزراعات الصيفية المستهلكة للماء، إذ تتوالى قرارات منع هذه الزراعات في أقاليم ومناطق معروفة بغنى وتنوع مواردها المائية، إلا أن الجفاف الحاد وندرة المياه جعلتها هذه السنة عرضة لهذا القرار.

وطال المنع زراعة البطيخ بجميع أصنافه في نفوذ إقليم تازة الجبلي، سواء البوري أو السقوي، وذلك بعد أسابيع قليلة من صدور قرار مماثل شمل إقليم سيدي قاسم خلال الموسم الفلاحي الحالي، عقب قرارات مماثلة بكل من تنغير والرشيدية وزاكورة منذ السنوات الماضية.

وتلقى فلاحو إقليم تازة خبر المنع بنوع من الاستغراب، برره أحد أبناء المنطقة بأنه أمر “استثنائي وغير مألوف بالنسبة إليهم”، مؤكدا أن المنطقة المعروفة بالتساقطات المطرية بكميات مهمة لم تشهد هذه السنة إلا تساقطات ضعيفة.

محمد بنعبو، خبير في المناخ والسياسات البيئية، شدد على أن هذه القرارات لا تتخذ بطريقة فجائية، وإنما بناء على “معطيات السنة الماضية التي واجه خلالها الفلاحون مجموعة من الصعوبات على مستوى سقي هذا النوع من الزراعات”.

وقال بنعبو، في تصريح لهسبريس، إن قرار سلطات تازة نتيجة طبيعية لـ”توالي سنوات الجفاف وتراجع الموارد المائية التي يعتمد عليها الفلاح في سقي أراضيه في المنطقة والمناطق المجاورة لها”.

وأفاد الخبير البيئي بأن زراعات البطيخ بمختلف أنواعه معروفة بـ”استهلاك الموارد المائية بشكل كبير. وبالتالي، فإن هذه القرارات من شأنها توفير هذه الموارد لتأمين الحاجيات الضرورية للساكنة في الشرب والاستعمال اليومي الأساسي، خصوصا مع استمرار غياب التساقطات”.

كما اعتبر بنعبو هذه القرارات تساعد على تنزيل محاور “السياسة المائية والخطة الحكومية في عقلنة تدبير وترشيد استهلاك الموارد المائية”، وعبر عن تأييده لما سماه “شبه تعميم” هذه القرارات لتشمل “مجموعة من المناطق المعروفة سابقا بمثل هذه الزراعات، على غرار البطيخ والأفوكا والجزر”، مشددا على أن أي تراجع على هذا التوجه “لن يخدم المصالح القومية للبلاد وتدبير الندرة المائية التي تعيشها”.

بدوره، اعتبر الخبير الفلاحي رياض أوحتيتا، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن البطيخ من بين الزراعات التي تتطلب “كميات كبيرة من المياه، إذ إن كيلوغراما واحدا يستهلك أكثر من 16 لترا من الماء”، موضحا أن تاريخ البطيخ في المغرب “بدأ في منطقة أكادير واليوم وصلنا إلى 250 مترا للوصول إلى الفرشة المائية”.

وأضاف موضحا: “بعدما قضى مزارعو الدلاح على الفرشة المائية الموجودة في المنطقة في ظرف عشر سنوات، اتجهوا إلى طاطا وزاكورة، ونتابع النتيجة اليوم”، في إشارة إلى الوضع المائي المعقد في المنطقة.

وأكد أوحتيتا أن هذه الزراعة وضعت المغرب بين ما هو سلبي وإيجابي، قائلا إنها “أكسب المغرب مكانة في الاتحاد الأوروبي كبلد فلاحي مصدر، والبطيخ المغربي أصبح مشهورا في العالم، ولكن ذلك تم على حساب الماء الذي لم نعد نمتلكه، وبالتالي ينبغي أن نعطي أولوية لزراعات بديلة”.

وأشار المتحدث لهسبريس إلى أن التدابير المتخذة هذه السنة “صارمة، وليس مثل السنوات الماضية حيث وقفت عند تقليص المساحات المزروعة، فقد بات المنع اليوم منعا باتا”، وأعرب عن أمله أن تسري “مثل هذه القرارات على الأفوكادو وغيرها من الزراعات التي تستنزف المياه”.

كما اعتبر أوحتيتا أن مثل هذه القرارات “تساعد بشكل نسبي في الحفاظ على الفرشة المائية بالمغرب، لأن الفلاحة تستهلك 70 بالمائة من المخزون المائي، وإنتاج الدلاح والبطيخ كان في غالبيته موجها نحو التصدير”، مطالبا ببدائل زراعية مثل البطاطس والبصل.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *