الزمن الأميري يختلف عن الزمن السياسي.. ومقصد الدين “سعادة الدّارَين”
قال أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إن مقاربة المملكة لمسألة الدين تعكف على “حماية الملة والدين” ضمن الزمن الأميري، زمن أمراء المؤمنين، الذي ميّزه عن الزمن السياسي؛ لأن الأول يمكّن “من الاستثمار والاصطبار الذي يضمن الاستمرار، دون عوج ولا اضطراب”.
بأكاديمية المملكة المغربية، التي نظمت ملتقى “المغرب أو العيش المشترك في أرض الإسلام”، الثلاثاء، في سياق التمهيد لـ”الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي” التي من المرتقب أن تستقبلها مراكش في أكتوبر القادم، ذكر عبادي أن “مقصد الدين، إسلاما أو يهودية أو مسيحية، إسعاد الناس، أفرادا وجماعات، في العاجل والآجل.”
وأضاف أن “الآيات التي تتكلم عن التشريع في النص القرآني المؤسس 4 في المائة من مجموع القرآن، و96 في المائة وضعٌ لمعالم الرؤية الكلية، وقواعد العيش المشترك، والمحركات والرافعات للتسامي فردا واجتماعا”، ثم استدرك قائلا: “المسألة لا شك ليست بالعدد، فالقلب يشكل 4 في المائة من الجسد وهو محوري. لكن الذهول عن 96 في المائة الأخرى قد قاد الأديان، وليس الإسلام فقط، إلى مجموعة من التشفيرات المقتصرة على البعد التنظيمي على أهميته، ولو أنه لا يأخذ بعده الكلي دون وصله بالباقي.”
وذكّر المتدخل بالتأكيد الملكي على البعد البيداغوجي والتفكيري والوظيفي، دون الاقتصار على الشعارات، وتحدث عن عدد من الفئات التي ينبغي أن يهتم بها الخطاب الديني، أولها “الطفولة التي تحتاج بُعدَ التَّلعيب” بفنّ “لا ينبغي أن يكون مدمّرا”، وسبيل ذلك البعد التربوي، معددا ألعابا إلكترونية أصدرتها الرابطة المحمدية للعلماء، مع تسجيله أن “الطفولة تختلف حسب الوسط.”
ثم ذكر فئات الأسرة، اليافعين، الشباب، المنظّمين والمنظّمات، والمسيّرين والمسيّرات، قائلا: “خطاب التأطير الديني عليه أن يتوجه لكل فئة من هذه الفئات، لتكون محتضنة لهذه الفكرة والخطاب.”
ورأى أحمد عبادي أن وجود 12 مليون تلميذ في مقاعد المدرسة “خبر سار”؛ لأنهم يؤطرون في المعدل ست ساعات في اليوم، مع تأكيده على الحاجة إلى أن “نستثمر هذا بالمواكبة وبناء القدرات، لا البرمجة أو الوصاية.”
كما قال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء: “إننا نعيش أمية وجدانية”، مع ذكره أن الوجدان والمشاعر من مداخل التأطير. وكذلك فهمُ المجتمع، وكيفية تحرّك ساعته، واشتغاله، مع استيعاب البعد الدولي وما يعنيه فعلا، والبعد النفسي الحركي؛ لأن هناك شبابا “لا يعرفون أجسادهم للاستئناس بها؛ وكيف نصبح قادرين على التعايش معها بطريقة سلمية، فالسلام العالمي ينطلق من السلام مع الذات”.
ومن المداخل أيضا “البعد الكوني والتعرف عليه”، و”بُعد الذاكرة” لأنها “مكان السرديات عن الذات والمحيط، وقد تكون سرديات إيجابية أو سلبية، والتأويلات المتصلة بالذاكرة مأوى لعدد من الكوارث.
ووقف عبادي عند أهمية مدخل “الحلم المشترك”، مثل “النموذج التنموي الجديد”، ورؤية “التوق لدخول نادي الدول النامية”.
هذه الأبعاد، بالنسبة لعبادي، مداخل لتحقيق مقصد السعادة، الذي يروم تحقيقه الدين، في المغرب الذي تعدّ سارية عمادِ تدبيره إمارة المؤمنين، حيث يرأس أمير المؤمنين “المجلس العلمي الأعلى”، الذي أوُكلت إليه الفتوى “لكي لا يكون هناك زيغ وانحراف”، علما أن الفتاوى تهمّ “الحاجة للاجتهاد فيما يستجد”، وليست هي الإرشاد إلى ما تعارف عليه الناس في هذا القطر من ثوابت عقدية وفقهية وسلوكية.
وإضافة إلى هذا، رأى عبادي أن في التشريعات المؤطرة للأبعاد المذكورة، مع تكوين الأطر، ووجود أمانة عامة لليهود المغاربة، وتنظيمات متنامية متصلة بالنسيج المسيحي على أرض المملكة، ومضامين المقررات الدراسية “خروجا من الشعارات”، في حوكمة الأمر الديني، عبر “الرؤية والتخطيط والتنظيم والتشريع والتعيين والتمكين والتنزيل والتقويم والتجويد” تحت “الإشراف اليومي لأمير المؤمنين”.
المصدر: هسبريس