الزراعة التصديرية تواجه التمويل.. والتوزيع الأمثل للمياه يراعي الاستقرار

وضع خبراء ومسؤولون مغاربة، الثلاثاء، الأصبع على مجموعة من التحديات التي تواجه القطاع الفلاحي المغربي في ظل استمرار تداعيات التغيرات المناخية، موضحين أن الفلاحة التصديرية اليوم أمام تحدي صعوبة الوصول إلى التمويل “في ظل عزوف المستثمرين”، وكذا “القيود المفروضة على الري بسبب إشكالية ندرة المياه جراء الجفاف”.
ووضحّ المتدّخلون في الجلسة العلمية الثانية التي قاربت محور “مبادرات مبتكرة واستراتيجيات مدمجة لتدبير مستدام للماء الفلاحي” من الندوة الدولية في موضوع “تدبير المياه من أجل فلاحة مستدامة وقادرة على الصمود”، المنعقدة في افتتاح النسخة 17 من المعرض الدولي للفلاحة بمكناس، أنه في ظل “غلبة المساحات المخصصة لإنتاج محاصيل ذات قيمة غذائية منخفضة على تلك المزروعة بمحاصيل أساسية”، ثمة حاجة “لتشجيع الفلاحة المستدامة”.
وشددوا على أن “التوزيع الأمثل للموارد المائية في الفلاحة المسقية بالأساس، ينبغي أن يراعي ثلاثة وظائف؛ هي ضمان الأمن الغذائي وتزويد الأسواق بالخضراوات والفواكه، وكذا المساهمة في التنمية الاقتصادية والمحلية، فضلا عن تحقيق الاستقرار الاجتماعي للساكنة المحيطة بالمناطق الفلاحية المعنية”.
تحديات قائمة
وقال حسن المراني، خبير في الري وإدارة الموارد المائية، إنه “بالنظر إلى هيكلة النظام الفلاحي المغربي، نجد أنه يعاني، رغم كل الإمكانات المتاحة، من ضعف هيكلي”، مشيرا إلى “وجود مساحات كبيرة مخصصة لإنتاج محاصيل ذات قيمة غذائية منخفضة، على عكس المحاصيل الأساسية كالحبوب”.
ولفت المراني، ضمن مداخلته التي تمحورت حول “الفلاحة السقوية في المغرب.. التحديات والآفاق”، إلى أن المجالات الفلاحية الصغيرة، مثل الواحات، “تعتمد على أنظمة سقوية تقليدية هشة”، موضحا بشأن اختلاف التحديات الرئيسية التي تواجه الفلاحة المغربية حسب طبيعة القطاع، أنه “بالنسبة للقطاع المهيكل، الذي يعتمد بشكل كبير على الزراعة الموجهة للتصدير، فإنه يعاني من مشاكل في التمويل”.
كما تشمل التحديات المذكورة، وفق المتحدّث عينه، “انخفاض العمالة الزراعية، وهو تحد مرتبط بالهجرة، والقيود المفروضة على الري بسبب ندرة المياه”، فضلا عن “عزوف المستثمرين عن الاستمرار في هذا القطاع”، واضعا ضمن الحلول، “إعادة هيكلة المشاريع الزراعية، وتحسين توزيع الأراضي، وتعزيز الزراعة المرنة المتكيفة مع التغير المناخي”.
وأوصى الخبير في الري وإدارة الموارد المائية بـ”إصلاح نظام التعويضات، خاصة بالنسبة للفلاحين المتضررين من الجفاف، وضمان شفافية توزيع الموارد”، مطالبا بـ”تعزيز البنية التحتية للري وتشجيع الزراعة المستدامة”.
وظائف ثلاثة
أما عبد العزيز اليعقوبي، مدير الري وإعداد المجال الفلاحي بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، فأكد أن “القطاع الفلاحي تحمل العجز طوال السنوات الماضية ومازال مستمرا في ذلك”. وبشأن نموذج توزيع المياه في السنوات الأخيرة، أوضح المتحدث أنه “طالما تم تفضيل القطاعات الصناعية والطاقية، وهذا منطقي”، بتعبيره.
واستدرك اليعقوبي، في مداخلته، بأن “المشكلة الكبرى هي أن هذا التوزيع لم يكن آمنا بالكامل، بينما تحمّل القطاع الفلاحي عبء التقلبات، وأصبح بمثابة ضمان للقطاعات الأخرى”، وأشار إلى أن ثمة بالفعل حلولا قيد الإعداد، تشتغل عليها وزارة الفلاحة في هذا الصدد، مفيدا بأن “التوزيع الداخلي للمياه داخل القطاع الزراعي (…) معقد، لأن دور الفلاحة المسقية نفسه متعدد الأوجه”.
واستحضر مدير الري وإعداد المجال الفلاحي بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بأن هذا النوع من الفلاحة، “يضمن الأمن الغذائي وتزويد الأسواق بالخضراوات والفواكه، كما أنها عامل أساسي في التنمية الاقتصادية المحلية والوطنية، وكذا تحقيق الاستقرار الاجتماعي وتحسين مستوى عيش السكان”.
وفي هذا الصدد، نبّه المسؤول نفسه إلى أنه “في حال لم يحقق هذا التوزيع الوظائف الثلاث، فسوف نواجه مشكلة كبرى؛ إذ لا يكفي التركيز على تموين الأسواق، بل يجب مراعاة الأدوار الأخرى للزراعة المسقية”.
معضلة الأولويات
على صعيد متصل، أورد اليعقوبي أن “المشكلة الأساسية في المغرب هي محدودية الموارد المائية مقابل الاحتياجات المتزايدة”، ولذلك، فإن “النقاش ينصب أساسا حول الأولوية وما إذا كانت للزراعة المعيشية بغية ضمان الأمن الغذائي، أم للفلاحة ذات القيمة المضافة العالية، أم للزراعات الأكثر تشغيلا لليد العاملة، أو الـنشطة التي تحسن دخل الفلاحين”.
وأكد المتدخل في الجلسة العلمية الثانية خلال افتتاح “سيام 2025” أن هذه المعادلة الصعبة تتفاقم في ظل “تزايد الطلب من القطاعات الأخرى، مقابل انخفاض العرض المائي وتزايد تقلبات هذا العرض بسبب التغيرات المناخية”.
المصدر: هسبريس