قال الدكتور أحمد الريسوني، العالم المقاصدي المغربي والرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إن جبهة البوليساريو ليست سوى “أداة مساعدة بيد الجزائر”، منتقدا استمرار مشروعها الانفصالي رغم افتقاده لأي مقومات مشروعة أو واقعية، داعيا إياها إلى استخلاص الدروس من التجربة الكردية في تركيا.
وأوضح الريسوني في مقال رأي جديد تحت عنوان “حزب العمال الكردستاني وحركة البوليساريو.. العقلانية والتبعية؟”، أن النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، الممتد منذ سنة 1975، “صُمم جزائريا وليبيا لمحاصرة النظام المغربي والإطاحة به، تماشيا مع موجة الانقلابات والحركات الثورية في الستينيات والسبعينيات”.
وأشار إلى أن جبهة البوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب)، أشرف على توليدها وتنشئتها كل من العقيدين معمر القذافي (الرئيس الليبي الأسبق) وهواري بومدين (الرئيس الجزائري الأسبق)، قبل أن يتخلى عنها القذافي لاحقا، ويبقى الدور الجزائري نشطا مستمرا حتى الآن.
واعتبر أن ما يعتقده كثيرون من أن النزاع قائم بين المغرب والبوليساريو، وأن الجزائر مجرد مؤيد، هو تصور مغلوط، قائلا: “الحقيقة هي العكس، فالمشكلة قائمة بين الجزائر والمغرب، والبوليساريو أداة مساعدة بيد الجزائر”.
وأكد الريسوني أن البوليساريو بدأت بشعار “تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب”، وهو شعار لم يكن بالضرورة انفصاليا، بل كان المغرب نفسه يتحرك لأجله، لكن سرعان ما تم إعلان ما يسمى “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” في الجزائر سنة 1976، مضيفا أن “تلك الجمهورية ما زالت اسما بلا مسمى”.
وأشار إلى أن “سكان المنطقة، وحسب الإحصاء الإسباني المعتمد سنة 1974، كانوا 73497 نسمة فقط”، متسائلا عن الجدوى من استمرار مشروع “انفصالي” بهذا الحجم، واصفا خسائره المادية والبشرية والسياسية بـ”الفادحة”، خصوصا على المغرب والجزائر، ومؤكدا أن العنوان الأكبر في هذه الخسائر هو “تعطيل اتحاد المغرب العربي”.
وفي هذا السياق، قارن الريسوني بين تجربة البوليساريو وتجربة حزب العمال الكردستاني في تركيا، مشيرا إلى أن هذا الأخير قرر بعد نصف قرن من الكفاح المسلح أن “يحل تنظيمه المسلح، ويتخلى عن محاولة الانفصال”، وكتب قائلا: “رأينا المقاتلين الأكراد وهم يحرقون أسلحتهم أو يسلمونها للسلطات التركية”.
وأضاف أن الأكراد، بخلاف جبهة البوليساريو، يمتلكون مقومات قوية للانفصال، منها “قومية ولغة مختلفة، مذهب مختلف (شافعية مقابل حنفية)، عددهم بالملايين، ولهم امتدادات في العراق وسوريا وإيران، ومع ذلك فشل مشروعهم الانفصالي فشلا تاما، وكما قاتلوا لأجله بشجاعة، قرروا التخلي عنه بشجاعة أيضا”.
في المقابل، اعتبر أن البوليساريو “تتحدث عن شعب لا وجود له ولا معنى له”، مشددا على أن “كل المعنيين به إنما هم مغاربة بحق وحقيقة: تاريخيا وجغرافيا ولغويا ودينيا ومذهبيا”، مشيرا إلى أن “مشروعية الانفصال هنا منعدمة، وحظوظ نجاحه منعدمة”.
وختم الدكتور أحمد الريسوني مقاله متسائلا: “هل يستطيع إخواننا في حركة البوليساريو أن يفكروا ويقرروا بواقعية وعقلانية واستقلالية؟ وهل يستطيعون التصرف خارج صندوق الجيش الجزائري، واضعين نصب أعينهم دروس التجربة الكردية وما انتهت إليه؟”.
المصدر: العمق المغربي