الروبل الرقمي .. روسيا تشرع في اختبار أداة جديدة للالتفاف على العقوبات
بدأت روسيا اختبار الروبل الرقمي الجديد مع المستهلكين، أمس الثلاثاء، على أمل أن تساعدها تكنولوجيا سلاسل الكتل (بلوكتشين) في الالتفاف على العقوبات وتشديد الرقابة على مواطنيها.
وتأتي مرحلة الاختبار فيما بلغ الروبل أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ مارس 2022، بعد أسابيع على إطلاق موسكو حملتها العسكرية واسعة النطاق في أوكرانيا.
فرض العقوبات أقل سهولة
بينما تفكّر موسكو في إطلاق عملة رقمية منذ سنوات، فإن تطوير الروبل الرقمي بدأ بعدما منعت العقوبات الغربية روسيا من الوصول إلى أجزاء من النظام المصرفي العالمي.
تنضم روسيا بذلك إلى 20 دولة أخرى حول العالم دخلت المرحلة التجريبية لإطلاق عملة رقمية، وفق إحصاء للمجلس الأطلسي للأبحاث.
هدف موسكو واضح: جعل أنظمتها المالية أكثر مرونة والحد من تأثير القيود الدولية.
وقال مؤسس صندوق “آرك36” الاستثماري المتخصص في العملات المشفّرة، ميكيل مورش، إن الروبل الرقمي “سيعزز قدرة روسيا على الالتفاف على العقوبات”.
وأشار إلى أن الخطوة ستسمح لروسيا بتجنّب المصارف حيث تواجه قيودا، موردا أن “فرض العقوبات ومهاجمة (سلاسل الكتل) يعد أمرا أقل سهولة”.
منعت معظم المصارف الروسية من الوصول إلى النظام الرئيسي المستخدم في التعاملات المالية الدولية، ما دفع موسكو إلى البحث عن وسائل أخرى لفك ارتباطها بالدولار.
ولفت مورش إلى أن إحداث عملة رقمية يأتي في إطار “حرب جيوسياسية بين الدول المؤيدة للدولار وتلك المناهضة له”، إذ تحاول الأخيرة التخلي عن العملة الأميركية في التعاملات التجارية.
“سيطرة كاملة”
في أكتوبر 2020، أعلن المصرف المركزي الروسي أنه يسعى لروبل رقمي “لجعل عمليات الدفع آمنة ومحمية وسريعة ومريحة، ويمكن الوصول إليه لأي فرد في أنحاء روسيا”.
لكن مورش أشار إلى أن رقمنة الروبل ستمنح السلطات أداة “سيطرة هائلة” على الروس.
وحذّر من أنه يمكن أن يُستخدم كـ”أداة للسيطرة الاجتماعية المطلقة”، إذ يعطي الحكومة سلطة إصدار غرامات أو تجميد أصول “بكبسة زر”.
يشرف جهاز الأمن الفدرالي الروسي (إف إس بي) على سلامة الهيكل المالي للروبل الرقمي.
وحذّرت منظمات غير حكومية بالفعل من احتمال إساءة استخدامه.
وقال باحثون من المجلس الأطلسي: “لدى وقوعها في الأيدي الخاطئة، يمكن أن تُستخدم هذه البيانات للتجسس على التعاملات المالية الخاصة للمواطنين”.
الروس غير مقتنعين
يبدو أن الروس لم يقتنعوا بعد بفكرة استخدام الروبل الرقمي، إذ يبدي العديد منهم قلقا حيال مدى فعاليته وأمانه.
وأشار استطلاع لمعهد “VCIOM”، التابع للدولة، إلى أن ستة من كل عشرة روس لديهم “فهم ضعيف” لأهداف الحكومة وغير مستعدين لاستخدام العملة.
وأوضحت صوفيا دونيتس، خبيرة في الاقتصاد، أن الشركات والمواطنين الروس العاديين لن يشعروا على الأرجح بتغيير كبير في الحياة اليومية خلال مرحلة الاختبار.
ورغم المخاوف من إمكان استغلال الخطة، قالت دونيتس إن موسكو تحاول “عدم التخلّف عن الركب في السياق (المالي) العالمي”.
وفي مسعى لإقناع الروس المشككين بالعملة، تعهّدت السلطات بأن استخدامها سيكون طوعيا، فيما شددت على أنها ستجعل حياة المواطنين أكثر سهولة وراحة.
ولفت النائب البارز أناتولي أكساكوف إلى أن العملة الرقمية ستتيح للوالدين السيطرة على كيفية إنفاق أبنائهم مصروفهم الشخصي بشكل أفضل.
وقال: “على سبيل المثال، ستعطي المال لطفل يرتاد المدرسة وتقول له إنه لا يمكنه إنفاقه إلا لشراء الفطور والكتب أو الدفاتر… بغض النظر عن مدى رغبة المستخدم في إنفاق المال لأغراض أخرى، لن يكون بإمكانه القيام بذلك”.
المصدر: هسبريس