تفاعل مصطفى الرميد، وزير الدولة السابق المكلف بحقوق الإنسان ووزير العدل والحريات الأسبق، مع ما أثاره مقترح قانوني يجرم نشر الأخبار الزائفة والتشكيك في نزاهة الانتخابات من نقاش واسع، مقدما رؤية توفيقية بين حماية المسار الديمقراطي وصون حرية التعبير.

وتناول الرميد بالتفصيل “المادة 51 المكررة” المقترحة في مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب، والتي تنص على عقوبات مشددة تصل إلى الحبس خمس سنوات وغرامة 100 ألف درهم، مبرزا أن المادة المقترحة تتكون من شقين رئيسيين؛ الأول يستهدف حماية الحياة الشخصية للمرشحين والناخبين، حيث يعاقب “كل من بث أو وزع تركيبة مكونة من أقوال شخص أو صورته، دون موافقته (تقنيات التزييف العميق Deepfake)، أو نشر أخبارا زائفة أو وقائع كاذبة بقصد المساس بهم أو التشهير بهم”. ويشمل هذا التجريم كافة الوسائل الحديثة، بما في ذلك شبكات التواصل الاجتماعي وأدوات الذكاء الاصطناعي.

أما الشق الثاني، وهو الأكثر إثارة للجدل، فيعاقب بنفس العقوبة “كل من قام أو ساهم أو شارك… في نشر أو إذاعة… إشاعات أو أخبار زائفة بقصد التشكيك في صدقية ونزاهة الانتخابات”، مشيرا إلى أن البعض يرى في الفقرة الثانية من هذه المادة “تحجيرا على حرية التعبير ومصادرة للحق في إبداء الرأي”. وفي المقابل، قدم رؤيته التي تعتبر أنه “من الصعب قبول هذا المقتضى، دون توفير مقدماته وشروطه، كما أنه من الصعب رفضه على إطلاقه”.

وشدد الرميد على أن التجريم لا ينصب على مجرد التعبير عن رأي، بل يتأسس على أفعال محددة هي “نشر أو إذاعة أو بث أو توزيع اشاعات أو أخبار زائفة”، معتبرا أن الديمقراطية الانتخابية تتطلب ضمانات أساسية، أبرزها حياد الإدارة والتنافس الشريف بين الأطراف السياسية. وربط الرميد قبوله بالمقترح التشريعي بتوفير حزمة من الضمانات العملية والقانونية التي ترسخ نزاهة العملية الانتخابية، داعيا الأحزاب السياسية المعنية إلى المبادرة والمطالبة بهذه الضمانات “كمقدمة لقبول المقترح التشريعي”.

ومن بين هذه الشروط التي اقترحها تخفيض عدد مكاتب التصويت بهدف تمكين الأحزاب من تغطيتها بممثلين لها، ليكونوا شهودا على شفافية العملية، مما يطمئن النفوس إلى النتائج، بالإضافة إلى تمكين المراقبين من محاضر الفرز من خلال تسليمهم نسخا موقعة من المحاضر الرسمية، لضمان تطابق النتائج المعلنة مع ما تم تسجيله فعليا، مستشهدا بالدول الديمقراطية العريقة التي يتم فيها الاعتراف بالنتائج كنتيجة طبيعية لتوافر ضمانات النزاهة، معتبرا حالات مثل رفض ترامب وبولسونارو للنتائج في أمريكا والبرازيل “حالات استثنائية لا يقاس عليها”.

وختم الرميد تدوينته بالتأكيد على أن “الديمقراطية الانتخابية كتلة من الإجراءات والتدابير”، وأن توفيرها يجعل من تجريم الأخبار الزائفة والإشاعات المغرضة أمرا مستوجبا وضروريا لحماية المسار الديمقراطي من دعاة “العدمية والتيئيس” الذين قد يستغلون أي فرصة للتشكيك في المؤسسات.

المصدر: العمق المغربي

شاركها.