وصف وزير العدل والحريات الأسبق، مصطفى الرميد، رسالة المحامي عبد الرحيم الجامعي الموجهة إليه بأنها تنصيب لنفسه في موقع “المفتي والمرشد والمحرض”، معتبرا أن الجامعي نهاه عن التحريض ووقع فيه حين دافع عما اعتبره الرميد إساءة موغلة للذات الإلهية تحت غطاء حرية الرأي والخلاف.
وأوضح الرميد في رسالة جوابية مطولة، اضطر لكتابتها بعد أن “طفح الكيل”، أن الجامعي أقحم نفسه في الموضوع وحشر مفكرين كابن رشد والغزالي بشكل متعسف، ليجعل من وصف الله بعبارة مسيئة أمرا يدخل في باب الخلاف، وبذلك منح نفسه حق الإفتاء في قضية تمس عقيدة أكثر من مليار مسلم، وحرض على استباحتها بدعوى الحق في الاختلاف.
وشدد الوزير الأسبق على أن المعنية بالأمر لم تعبر عن رأي مجرد بل أساءت بشكل صريح للذات الإلهية، التي تعد جوهر العقيدة والدين وثوابت الأمة بموجب الدستور، مؤكدا أن من أطلق “نار الكراهية” هي صاحبة القول المستفز نفسها، وأن ردود الفعل الغاضبة كانت نتيجة طبيعية لذلك الاستفزاز، وهو واحد من بين الساخطين.
ورفض المصدر ذاته اتهامه بنصب نفسه وصيا على عقائد الناس، مستدلا بوقائع من فترته الوزارية حين أمر النيابة العامة بطلب البراءة لشخص اعتنق المسيحية، مفرقا بين حرية الفرد في اعتقاده الشخصي الذي لا يزعزع به إلا عقيدته هو، وبين استهداف مشاعر الناس بالإساءة المتعمدة للمقدسات. وأكد أنه قام بواجبه كمواطن في إبلاغ السلطات، وهو ما تستوجبه المواطنة الحقة، تاركا لها سلطة التقدير والقرار، متسائلا باستنكار: “فهل الخوض في هذا الموضوع أو غيره حلال عليك، حرام على غيرك؟”.
وانتقدت الرسالة دعوة الجامعي له للانتصاب كطرف مدني في القضية، واصفا ذلك بالجهل بالقواعد القانونية التي تحصر هذا الحق فيمن تعرض لضرر شخصي ومباشر، وهو ما لا ينطبق على هذه الحالة حسب قوله. واتهم الرميد المحامي الجامعي بأنه هو من “دخل المسطرة من بابها الخلفي” عبر رسالته، حيث كان الأجدر به أن يحتفظ بدفاعه ليقدمه أمام المحكمة المختصة بدلا من طرحه أمام الرأي العام في معركة وصفها بـ “الدفاع الخاسر”.
واستند الرميد إلى المواثيق الدولية لدعم موقفه، مشيرا إلى أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، رغم تكريسهما لحرية الرأي والتعبير والدين، فإنهما ينصان صراحة على وجود قيود قانونية ضرورية لحماية السلامة العامة والنظام والآداب وحقوق الآخرين.
ودعم حجته بقرار للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية (E.S ضد النمسا)، حيث قضت المحكمة بأن وصف النبي محمد بـ “بيدوفيلي” تجاوز الحدود المسموح بها للنقاش الموضوعي وهدد السلم الديني. وتساءل الرميد كيف يكون الحكم إذن في حق من وصفت الذات الإلهية بما “تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا”.
وختم الرميد رسالته بالتأكيد على أن القراءات الانتقائية للمواثيق الدولية هي ما ألحق ضررا جسيما بصورة حقوق الإنسان، مقتبسا بيتا شعريا في ذم من يعيب القول الصحيح بسبب فهمه السقيم، في إشارة مباشرة إلى النقيب الجامعي.
وكان النقيب الجامعي قد وجه رسالة إلى الرميد في 11 غشت 2025، اتهمه فيها بشكل مباشر بالتحريض وإشعال نار الحقد والكراهية ضد امرأة، وذلك على إثر تدوينة للوزير السابق متعلقة بالسيدة ابتسام لشكر. وتساءل الجامعي في رسالته التي عنونها بـ”لست لا مفتيا ولا مرشدا، فلا تكن مُحرّضا؟”، عن الأسباب التي تدفع الرميد لاتخاذ مواقف متشددة في قضايا خلافية.
واعتبر الجامعي أن تدوينات الرميد تكشف عن موقف يرفض الرأي والجدل، مشيرا إلى أن الرميد طالب النيابة العامة بإنزال أقصى العقوبات ضد لشكر. وحذر من أن كتاباته قد تُعتبر “استفزازا طائشا” قد يؤدي إلى تبعات هو مسؤول عنها.
ودعا النقيب الجامعي، الرميد إلى احترام المسار القضائي وترك القضية تأخذ مجراها بين يدي القضاء، والكف عما وصفه بـ “محاكمات الشارع”. وأكد على أن الحق في الرأي والتعبير هو حق كوني يتساوى أمامه الجميع دون تمييز، مشددا على أن حرية التعبير لا يجب قمعها عبر استخدام مرجعيات أيديولوجية أو سياسية.
المصدر: العمق المغربي