الرقابة الشديدة تضر بالميدان الفني.. وشهرة “الدخلاء” مزيفة

يعود الممثل جلال قريوا ليطل على الجمهور المغربي بمجموعة من الأعمال الفنية الجديدة المرتقب عرضها عبر القنوات الوطنية، وذلك بعد تألقه في مجموعة من الأعمال الدرامية المغربية والإنتاجات الأجنبية كذلك.
وفي حوار خص به جريدة هسبريس يستعرض قريوا ملامح دوره في مسلسله الجديد الذي يعود فيه إلى شخصية الشرير، لكن بأسلوب مغاير، كما يتناول التحديات التي تواجه الفن المغربي، بين الرقابة والظهور المتزايد لـ”مؤثري” “تيك توك” في المجال الفني، بالإضافة إلى رؤيته أهمية الكفاءة والعمل الجاد في هذا المجال، ومواضيع أخرى.
بماذا تسجل الحضور التلفزيوني هذا الموسم؟.
هذا العام، بإذن الله، سأكون حاضراً من خلال مسلسل “على غفلة”، من إخراج هشام الجباري، وإنتاج شركة “عليان”. وأفتخر بهذا العمل، لأن الجمهور سيرى جلال قريوا مرة أخرى في دور الشرير، لكن بأسلوب جديد ونوع مختلف من الشر.
قربنا أكثر من الدور الذي تطل به في هذا المسلسل.
الشخصية التي أجسدها هي “سطوف تريميشا”، وهو شخص لا هدف له سوى إزعاج الآخرين وافتعال العديد من المشاكل. المسلسل سيحمل الكثير من المفاجآت، سواء من خلال شخصيتي أو باقي الشخصيات، وسيُفاجَأ الجمهور بأحداث غير متوقعة.
ما سبب اختيار هذا النوع من الألقاب للشخصيات التي تجسدها؟.
شخصية “بسبوسة” كانت اقتراحي للمخرج وكاتب السيناريو، وتمت الموافقة عليها لأنني تمكنت من إقناعهما. ليس من السهل أن يتم تغيير اسم الشخصية أو منحها لقباً جديداً، لكن المخرج هشام الجباري معروف بانفتاحه وإيمانه بالأفكار الجديدة؛ فهو مخرج يؤمن بالنقاش، لذلك ذهبت إليه وسألته إن كان بالإمكان منح الشخصية لقباً آخر، واقترحت اسم “تريميشا”.
أنا أميل إلى منح الشخصيات ألقاباً معينة، لأنني أؤمن بأن الجمهور المغربي يتذكر هذه الأسماء بسهولة، خاصة إذا كانت مستوحاة من الشارع. وهذه الأسماء أستمدها من الحي الذي نشأت فيه، فأنا ابن درب السلطان، وأحاول من خلال عملي تكريم أهل الحي.
كل ما أقدمه ينبع من حب وإخلاص. أتمنى أن يكون التوفيق حليفنا. لكن في النهاية، حتى لو كان الاسم مميزاً فإن الأداء التمثيلي هو الأهم، لأن قوة الممثل هي التي تجعل الشخصية تنجح.
ما هي المواضيع التي يتطرق لها هذا العمل؟.
المسلسل يحمل رسائل عديدة، منها أهمية تلاحم العائلة، وتأثير التفرقة، وأهمية التعاون، فاليد الواحدة لا تصفق؛ كذلك يظهر صراع الخير والشر، وكيف أن الخير دائماً ينتصر، مهما طغى الشر، لأنه يعلو ولا يُعلى عليه.
هل لديك هاجس الحضور الرمضاني أم تفضل الحضور على مدار السنة؟.
هاجسي الوحيد هو الحصول على مستحقاتي، سواء كان العمل في رمضان أو غيره.
هذا من باب الدعابة فقط، لكن بالطبع أعمل من أجل الفن، وأيضاً من أجل لقمة العيش، لأن هذه مهنتي وتكويني الأكاديمي.
ومع ذلك يبقى توجهي فنياً أكثر مما هو مادي، وأحياناً أقبل التنازل عن بعض الأمور إذا كان السيناريو مميزاً، لأن العمل الجيد يفتح أبواباً أخرى.
أنا هنا لأطور نفسي وأقدم أعمالاً تعجبني وتعجب الجمهور، أما بخصوص البرمجة الرمضانية فلا يمكني التحكم فيها؛ فالقناة الناقلة للعمل هي التي تتخذ القرار، وأنا أؤمن بأن الخير متى جاء نافع.
انتقادات عديدة طالت تكرار الأسماء نفسها في الأعمال الرمضانية، فما تعليقك؟.
ما يضرني في المجال الفني هو دخول أشخاص غرباء عنه، ففي الماضي كنا نرى فنانين كباراً، مثل الزعري، الداسوكين، والخلفي، وكان الجمهور يحترمهم، لأن المجال كان يضم فقط الممثلين المحترفين.
أما الآن فقد اختلط الأمر على الجمهور، ولم يعد يميز بين الممثل الأكاديمي وبين من اشتهر عبر “تيك توك”، وهذا ما يؤثر سلباً على المهنة.
في السابق كان هناك أيضاً احترام للفنان، حتى لو قدم العديد من الأعمال. اليوم ليست المشكلة في الممثل وحده، بل في البرمجة، لأنه أحياناً يصوّر الفنان عملين في السنة لكن يتم عرضهما في الفترة نفسها خلال رمضان، وهذا مسؤولية القنوات.
أنا شخصياً أؤيد أن يعمل الممثل في أكبر عدد ممكن من الأعمال سنوياً، فالرزق بيد الله. وشخصياً هذا العام لدي عمل واحد في رمضان، وهو “على غفلة”، بالإضافة إلى مسلسل آخر سيُعرض بعد رمضان، وما يهمني هو أن يكون الحضور الفني مبنياً على الكفاءة.
ما موقفك كممثل من استقطاب “مؤثري” “تيك توك” للأعمال الفنية؟.
لا يمكنني أن أعترض على مشاركة أي شخص في المجال الفني، لأن هذا حق تكفله العهود الدولية، ومنها العهد الدولي للحقوق الثقافية، الذي ينص في الفصل 15 على حق كل فرد في المجتمع في المشاركة في الحياة الثقافية؛ لكن المشكلة تكمن في الفرد نفسه، فإذا كان موهوباً وسعى إلى تطوير نفسه بالدراسة فالله سييسر له الطريق، أما من لا يمتلك الموهبة ويصرّ على الظهور فإنه يضر نفسه فقط، لأن الميدان قادر على لفظ غير الموهوبين تماماً كما يلفظ الجسد الجراثيم.
لهذا لا أشغل نفسي بالأمر، فأنا أركز على عملي، ومن يثق في نفسه لا يهمه من يكون بجانبه، حتى لو كان ممثلاً من هوليوود.
الدخلاء يظلمون أنفسهم، لأن شهرتهم تكون مزيفة، ولن يستمروا طويلاً، فالمواصلة في هذا المجال تتطلب الموهبة والكفاءة، وليس مجرد الظهور العابر؛ وهذا ينطبق على جميع المهن، وليس فقط على التمثيل.
هل تزعجك ظاهرة “تعاون معنا” التي يسلكها بعض المنتجين والمخرجين في المجال الفني؟.
أنا منفتح على ذلك، لكن حسب الظروف، إذا كان الإنتاج ذاتياً والميزانية محدودة يمكننا التنازل والمساعدة، ولكن إذا كان هناك تمويل كافٍ فمن حق الفنان أن يحصل على مستحقاته كاملة.
الإسلام يحثنا على التعاون، ويجب أن نطبّق ذلك في سبيل النهوض بالفن المغربي.
ما رأيك في الرقابة التي تقوم بها الجمعيات الحقوقية تجاه الفنانين والأعمال التلفزيونية؟.
الفن هو حرية، وهو انعكاس للواقع، وأنا ابن حي شعبي أسمع بعض الكلمات المتداولة بشكل طبيعي.
لذلك، الرقابة يجب أن تكون منظمة وفي نطاق المعقول، وليس مجرد بيانات استنكارية فارغة، والجمعيات يجب أن تترك للفن مساحته، لأنه مرآة تعكس المجتمع.
نحن لا نكذب على الجمهور، فالأعمال المغربية تعكس الواقع بفخر. ولا أحد فوق القانون، فإذا كانت هناك أمور غير مقبولة لن يتم عرضها أصلاً على التلفزيون، لأن كل ما يُبث يكون في حدود المقبول دينياً واجتماعياً.
وأنا هنا لا أقلل من دور الجمعيات، لكن يجب أن نحترم كل ميدان على حدة؛ فيما الرقابة الشديدة تضر الفن، والجمعيات يجب أن تركز على قضاياها في الواقع، وليس فقط في وسائل التواصل الاجتماعي.
ما هي مشاريعك الفنية المستقبلية؟.
لدي مسلسل سبق أن صورته بعنوان “يد الحنة” من إخراج رؤوف الصباحي، وأتمنى أن يُعرض قريباً؛ أقدم فيه شخصية مختلفة تماماً، وأجسد دور محامٍ. كما أشارك في سلسلة “12 ساعة”، حيث ألعب دور البطولة في كل حلقة، على غرار سلسلة “ساعة في الجحيم”. بالإضافة إلى ذلك أعمل حالياً على مشاريع مسرحية جديدة، وننتظر صدور الدعم لتحديد ما سنقدمه.
أما في السينما فلدي مشروع فيلم فرنسيمغربي، سأعلن عن تفاصيله بعد توقيع العقد، وسيكون لجريدة هسبريس السبق في ذلك.
كلمة أخيرة
في الختام أوجه تحية كبيرة للجمهور المغربي. إنكم تدعمون الإنتاج المحلي، وهذا أمر رائع. نرى نسب المشاهدة العالية في رمضان، وهذا دليل على حبكم للأعمال المغربية، وأتمنى أن نبني مجدداً العلاقة الوطيدة بين الفنان والجمهور.
أحبكم جميعاً. رمضان مبارك وشكرا لجريدة هسبريس على هذا اللقاء المميز.
المصدر: هسبريس