اخبار المغرب

الراشدي يطالب بتحصين براءة الأشخاص وتطويق إفلات الفاسدين من العقاب

أكد محمد بشير الراشدي رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، أن قانون المسطرة الجنائية، يعتبر قانونا إجرائيا لتنزيل قواعد التجريم والعقاب، بما يجعل منه، بالإضافة الى موقعه العام كجسر نحو تفعيل السياسة الجنائية وتمكينها من بلوغ غاياتها في مكافحة الظاهرة الإجرامية، أداةً أساسية تساهم في تطويق أفعال الفساد ومكافحة إفلات مرتكبيها من العقاب.

وأوضح الراشدي، اليوم الخميس ضمن يوم دراسي، نظمته لجنة العدل والتشريع وحقوق الانسان والحريات بمجلس النواب،  حول مشروع القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، أن رأي الهيئة جاء مُثمِّنا لمراجعة القانون رقم 22.01، مع التأكيد على ضرورة التجاوب مع مطلب مواكبة تطوُّر الأساليب الجرمية وخاصة منها المتعلقة بأفعال الفساد، والتفاعل مع تجدُّد الآليات الجنائية التي أوصت بها مجموعة من المعاهدات والصكوك الدولية ذات الصلة، واعتمدَتها العديدُ من التشريعات الدولية.

وسجل الراشدي، في كلمة قدمها نيابة عنه رشيد المدور نائب رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها،حرص الهيئة على الإدلاء برأيها حول مشروع القانون المتعلق بمراجعة المسطرة الجنائية، وذلك تثمينا لهذه المراجعة، واقتناعا منها بكون قانون المسطرة الجنائية يرتبط ارتباطا وثيقا بمجال مكافحة الفساد من زاوية استيعابه للإجراءات الكفيلة بتطويق هذه الجرائم وضمان مقاضاتها وفق ضمانات المحاكمة العادلة.

وأشار المتحدث ذاته، إلى أن الهيئة  أبدت رأيها، تفعيلا لصلاحيتها في إبداء الرأي بمبادرة منها، في المسودة الأولى لهذا المشروع في صيغته التي حملت رقم 01.18، وهو الرأي الذي رفعته إلى الجهات المعنية بتزامن مع نشر تقريرها السنوي برسم 2021.

وأكد رئيس هيئة النزاهة، أنه بعد مصادقة المجلس الحكومي المنعقد بتاريخ 29 غشت 2024 على الصيغة الجديدة لمشروع القانون رقم 03.23، وجَّهَت الهيئة، بمبادرة منها دائما، جهودَها نحو قراءة تفصيلية لهذه الصيغة، مضيفا أنه “تبيَّن لها تجاوبها مع توصية وحيدة للهيئة، وبالمقابل تأكَّد لها عدم خضوع باقي المواد التي شكلت موضوع ملاحظاتها وتوصياتها في تقريرها الموضوعاتي ، لأي تغيير، ورصدت، بالموازاة، ثلاثة مقتضيات تم إدراجها في الصيغة الجديدة للمشروع، تثير لديها مجموعة من الملاحظات والتوصيات.”

على هذا الأساس، يردف الراشدي استقر قرار مجلس الهيئة المنعقد يوم 15 أكتوبر 2024 على اعتماد تقرير محيَّن يتضمن، بالإضافة إلى الملاحظات والتوصيات المضمنة بالتقرير الموضوعاتي لسنة 2021، ملاحظاتِ وتوصيات الهيئة بخصوص المواد الثلاثة الجديدة التي تضمنتها هذه الصيغة.

ويرى رئيس هيئة النزاهة، أن الرأي الذي قدمته الهيئة، من زاوية اختصاصاتها، بخصوص مشروع القانون رقم 03.23 بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، تؤطره مجموعة من المحددات المرجعية التي تتمحور حول إدراج مراجعة هذا القانون في منظور وسقف المشرع الدستوري الذي أبرز أهمية ومحورية مطلب تخليق الحياة العامة والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد بمختلف تمظهراته.

ودعا الرشدي، إلى التجاوب مع الالتزامات الدولية لبلادنا في إطار مصادقتها على الاتفاقيات الدولية والإقليمية ، وما يقتضيه ذلك من تفاعل إيجابي مع رهاناتها ومع التوصيات الصادرة بهذا الخصوص، سواء في إطار تقارير الاستعراض التي خضع لها المغرب أو في إطار تقارير التقييم المنجزة من طرف خبراء دوليين.

كما شدد على ضرورة الانفتاح على توجهات التشريعات الجنائية الحديثة التي اقتنعت بضرورة النهوض بآليات مسطرية متطورة في التبليغ والبحث والتحري والتحقيق والتعاون الوطني والدولي في جرائم الفساد، داعيا إلى استحضار خصوصية وخطورة جرائم الفساد، بما يقتضي تأطيرها بآليات جنائية مسطرية تتناسب مع ملابسات التطور الملحوظ لآفة الفساد.

على أساس هذه المحددات المرجعية، قال الراشدي، إن الهيئة اعتمدت في تقديمها لمنظورها بخصوص مراجعة قانون المسطرة الجنائية مقاربةً تروم اختبار واستشراف قدرة الإجراءات المسطرية المعتمدة على تطويق جرائم الفساد واقتياد مرتكبيها نحو المحاكمة القضائية وترتيب العقاب المتناسب، بما يحقق التوازن بين الفعالية المطلوبة وضمانات المحاكمة العادلة والحفاظ على حقوق المعنيين.

وأوضح أنه وفق هذه المقاربة، استهدفت توصياتُ الهيئة بشكل عام إرساء المقومات الضامنة للنهوض بالتبليغ والكشف عن جرائم الفساد في إطار تحصين الضمانات، وتعزيز التعاون المؤسساتي وتكامل جهود أعمال البحث والتحري، وإذكاء الدينامية في ملاحقة جرائم الفساد ومتابعتها، وتحقيق التوازن بين ضمانات الأشخاص ونجاعة أعمال البحث والتحري في إطار التقنيات الحديثة، وتيسير بلوغ جرائم الفساد إلى القضاء، وضمان الشفافية والنجاعة القضائية.

وأعرب الراشدي عن تطلع الهيئة من خلال الرأي الذي قدمته بخصوص هذا المشروع، في إطار إحالة ذاتية، إلى تكامل جهود كل الجهات المعنية من أجل إرساء إطار قانوني يوفر المقومات الإجرائية الضامنة لاحترام حقوق الأفراد، وصون الحريات، وتحصين براءة الأشخاص، وتثبيت توازن الأطراف، من جهة، والحفاظ على المصلحة العامة والنظام العام وحق المجتمع في معاقبة مرتكبي الجرائم، من جهة ثانية، ويوفر مستلزمات النجاعة والفعالية في إقرار العدل والإنصاف وإعادة الحقوق إلى أصحابها وإلى نصابها الحقيقي، من جهة أخيرة.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *