كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في أكاديمية سيليزيا ببولندا أن الاستخدام المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية قد يؤدي إلى تراجع مهارات العاملين في هذا القطاع، في ظل الانتشار السريع لهذه التقنيات في مجالات التشخيص والعلاج.
وفي هذا السياق، أكد بويحياوي صالح، الطبيب الباحث بالمدرسة الوطنية للصحة العمومية، أن الذكاء الاصطناعي أحدث ثورة نوعية في مجال الرعاية الصحية، بفضل ما وفره من كفاءة ودقة وابتكار. وأبرز أن العديد من الدراسات أثبتت قدرة هذه التقنيات على رفع دقة التشخيص الطبي، من خلال تحليل العلاقات المعقدة داخل البيانات السريرية للمرضى، إضافة إلى تحسين العلاجات وتخصيص مسارات علاجية تناسب كل حالة على حدة.
وأوضح بويحياوي في تصريح له لجريدة “” أن الذكاء الاصطناعي لا يحل محل الأطباء، بل يشكل أداة مساعدة تكمل مهاراتهم وتعززها، إذ ساهم دمجه في الممارسة الطبية في إحداث تحول جذري، سواء على مستوى دقة التشخيص أو على مستوى تخطيط العلاج.
وأضاف أن الجمع بين القدرات المعرفية لمقدمي الرعاية الصحية والقدرات التحليلية للذكاء الاصطناعي يساهم في رفع كفاءة الأطر الصحية، حيث يساعد الأطباء على اتخاذ قرارات دقيقة، مع ضرورة إبقاء الكلمة الفصل لهم في التشخيص وتفسير مخرجات هذه التقنيات بشكل نقدي، نظرا لارتباط نتائجها بدقة الأسئلة المطروحة عليها.
وفي ما يتعلق بنجاعة هذه الأدوات، أشار المتحدث ذاته إلى أن أبحاثا حديثة أظهرت نتائج متقدمة، حيث خلصت دراسة نشرتها مجلة “نيتشر” إلى دقة عالية في تشخيص أورام الدماغ بالاعتماد على تحليل صور الرنين المغناطيسي بواسطة نماذج للتعلم العميق، مثل نموذج VGG19 الذي حقق دقة بلغت 97,83 في المائة، ونموذج “موبايل نيت V3” الذي تجاوزت دقته 99,75 في المائة.
غير أن الدكتور نبه في المقابل إلى ضرورة تجنب الاعتماد الكلي على الذكاء الاصطناعي في جميع المهام الطبية، لكونه قد يؤدي إلى ما يسمى “التقهقر المعرفي”، مستشهدا بدراسة أجريت على 54 مشاركا، تم تقسيمهم إلى ثلاث مجموعات: الأولى أنجزت مهمة كتابية بالاعتماد على قدراتها الذهنية فقط، والثانية استعانت بمحركات البحث، بينما اعتمدت الثالثة بشكل كلي على الذكاء الاصطناعي.
وأضاف الدكتور اليحياوي أن نتائج التجربة أظهرت، التي رصدت النشاط الكهربائي في 32 منطقة بالدماغ، أن المجموعة الأولى حافظت على نشاط كامل، فيما سجلت المجموعة الثانية نشاطا أقل مع إفراط في الباحة البصرية، بينما عرفت المجموعة الثالثة انخفاضا في النشاط الدماغي بنسبة 55 في المائة.
المصدر: العمق المغربي