الدعم الدولي لمغربية الصحراء يقتضي إخراج الملف من اللجنة الأممية الرابعة
لم تعد اللجنة الرابعة للأمم المتحدة تذكر مبدأ تقرير المصير والاستفتاء في تقاريرها حول الصحراء المغربية؛ فقد أقبرته وصارت تتحدث عن مقترح الحكم الذاتي باعتباره حلا سياسيا تقدم به المغرب سنة 2007.
وتعتبر اللجنة الرابعة (لجنة المسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار) بمجلس الأمم المتحدة من أهم اللجان، إذ تنظر، وفق الموقع الرسمي للأمم المتحدة، “في طيف واسع من القضايا التي تشمل جدول أعمال من قطاعات خمسة متصلة بإنهاء الاستعمار، وآثار الإشعاع النووي، والقضايا المتصلة بالإعلام، واستعراض شامل لعمليات حفظ السلام، فضلا عن استعراض البعثات السياسية الخاصة، ووكالة الأونروا، وتقرير اللجنة الخاصة بالممارسات الإسرائيلية التي تؤثر في حقوق الشعب الفلسطيني وغيره من العرب في الأراضي المحتلة، والتعاون الدولي في الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي”.
ومع هذه التطورات الإيجابية التي يعرفها ملف الصحراء المغربية على مستوى الأمم المتحدة، وخصوصا قرارات مجلس الأمن، إذ صارت المنظومة الدولية تؤكد شرعية المغرب على ترابه، بات خيار إخراج ملف النزاع المفتعل من هذه اللجنة مطروحا.
محمد أوجار، وزير العدل الأسبق الرئيس السابق للبعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا، أكد في لقاء صحافي ضرورة إخراج ملف الصحراء المغربية من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة المعنية بتقرير المصير، على ضوء التحولات التي يعرفها الملف على الأرض.
وقبل هذا التصريح من المسؤول الحكومي السابق، كان السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أكد قبل ثلاث سنوات أن إنهاء استعمار الصحراء المغربية تم “بشكل لا رجعة فيه” منذ عام 1975، إثر اتفاق مدريد، مشددا على أن استمرار بحث قضية الصحراء المغربية من قبل اللجنة الرابعة “مغلوط تاريخيا”، لأن “إنهاء استعمار هذا الجزء من المغرب تم بشكل نهائي سنة 1975، عقب التوقيع على اتفاق مدريد يوم 14 نونبر 1975، مع القوة الاستعمارية السابقة، إسبانيا، وذلك وفقا للمادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة”.
دواعي السحب
يرى عباس وردي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن سحب ملف النزاع المفتعل من اللجنة الرابعة للأمم المتحدة أصبح واقعا وبات مسألة وقت لأجرأة القرار.
ووفق تصريح عباس وردي لجريدة هسبريس الإلكترونية، فإن القرار “تحصيل حاصل لمغربية الصحراء واندحار خصوم الوحدة الترابية، على رأسهم الدولة الشقيقة الجزائر”.
وفسر الباحث في العلاقات الدولية مبررات سحب الملف من هذه اللجنة، بكون “قرارات مجلس الأمن، من بينها القرار 25.48 والقرار 26.02 والقرار 27.03 والقرار الأخير 27.56، تؤكد بالملموس أن للمغرب حظوة دولية ويحظى مقترحه بالقبول”.
يضاف إلى ذلك، بحسب المتحدث نفسه، “التفاف أبناء الوطن وساكنة الأقاليم الجنوبية حول البيعة التاريخية، وحجية وقابلية تنفيذ وتنزيل مشروع الحكم الذاتي على أرض الواقع”.
وما يزيد من إمكانية هذا القرار، يتابع أستاذ التعليم العالي، “تناسل الاعترافات الدولية المقترنة بفتح مجموعة من القنصليات الدبلوماسية بالعيون والداخلة، ثم الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء وزيارة السفير الفرنسي إلى الأقاليم الجنوبية، والدعم الأمريكي والإسباني ومن دول القارة الإفريقية لمغربية الصحراء”.
وسجل المتحدث كذلك أن ملف الصحراء المغربية “يعرف تطورات ايجابية، وقرارات مجلس الأمن لا تتحدث عن تقرير المصير والاستفتاء وتصفية الاستعمار”.
التخطيط المحكم
عاد عبد الفتاح الفاتيحي، مختص في ملف الصحراء ودول الساحل، إلى وقائع تاريخية مرتبطة باللجنة الرابعة ليوضح أن “المغرب هو من قام بوضع ملف الصحراء باللجنة الأممية لتصفية الاستعمار سنة 1963، وإسبانيا، القوة المستعمرة، انسحبت من الصحراء وفقا لمطلب المغرب باعتبار اتفاقية مدريد بين كل من اسبانيا والمغرب وموريتانيا في نونبر 1975”.
وقال الفاتيحي في هذا السياق: “اعتبارا لأن القوة المستعمرة إسبانيا اليوم تؤيد سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، فإن الوقت حان لسحب قضية الصحراء من هذه اللجنة”.
ولفت الخبير في ملف الصحراء، ضمن تصريحه لهسبريس، إلى “وجوب استغلال التطورات المتلاحقة بخصوص قضية الاعتراف المتزايد بمغربية الصحراء بعد ارتفاع عدد القنصليات العامة الدولية بجهة الصحراء”.
وأضاف أنه “في ظل تأسيس قناعة لدى العالم بأن الصحراء قضية سياسية تذكيها الجزائر للعب الهيمنة الإقليمية في المنطقة، وأنها ليست قضية تصفية استعمار، فقد وجب قيادة معركة لسحب ملف الصحراء من اللجنة الرابعة”.
وأوضح أنه “بات ضروريا التخطيط للموضوع بكثير من الجدية لسلك الأسلوب المناسب لسحب الملف من اللجنة الرابعة، إذ يتعين استثمار المكاسب السياسية المحققة اليوم وتعبئة الحلفاء الدوليين لتقديم ملف مقنع للأمم المتحدة لسحب قضية الصحراء من اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار”.
وشدد الفاتيحي على أن “هذا الطموح يجب ألا يبقى شعارا سياسيا ينادي به فاعلون سياسيون بين الفينة الأخرى، إذ سبق لمحمد الشيخ بيد الله أن عبر في بيان أن المغرب قرر سحب ملف الصحراء من لجنة تصفية الاستعمار”.
المصدر: هسبريس