الدعاية الجزائرية تواصل استهداف المغرب عبر استغلال القضية الفلسطينية
ما زالت جبهة البوليساريو وصنيعتها الجزائر تعيشان تحت وقع الصدمة إثر قرار دولة إسرائيل الأخير الاعتراف بمغربية الصحراء، على غرار العديد من الدول، وهو القرار الذي حاول النظام الجزائري التشكيك في قيمته القانونية والسياسية، والطعن في ولاء المملكة المغربية والتزامها تجاه القضية الفلسطينية عبر شن حملة دعائية مقيتة تستهدف الرموز السيادية للمغرب.
فبعد رد الخارجية الجزائرية على اعتراف تل أبيب بمغربية الصحراء، في بيان فضح تورط العسكر في النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية في ظل إصراره على تبني ما يسميه عبثا بـ”الحياد”، خرجت بعض الأحزاب السياسية الجزائرية كحزب “النهضة”، ذي الميول الإسلامي، للدعوة “إلى سحب رئاسة لجنة القدس من المغرب”، بسبب تحالفه الاستراتيجي مع إسرائيل.
وعلى منوال الحزب الجزائري، انتقد من يسمى “السفير الصحراوي في الجزائر”، في حوار مُنسق أجرته معه إحدى الصحف المقربة من النظام الجزائري، “صمت” منظمة التعاون الإسلامي حيال التقارب بين الرباط وتل أبيب، داعيا هو الآخر إلى “إبعاد المغرب، في شخص الملك محمد السادس، من رئاسة لجنة القدس”، حتى “لا يصبح الساكت على الحق كالناطق بالباطل”، على حد تعبيره.
“باطل” سبق أن سكت عنه الرئيس الجزائري إبان زيارته إلى كل من قطر وتركيا، اللتين تربطهما علاقات تاريخية مع إسرائيل، في وقت تستعد فيه الأولى لاستقبال بنيامين نتنياهو، يقول محللون، فيما يرى آخرون أن هذه الحملات الإعلامية الرخيصة إنما تُترجم “امتعاض الجزائر من تصاعد الأدوار الإقليمية للرباط في وقت تستمر فيه الدبلوماسية الجزائرية في مراكمة الفشل والإخفاقات”.
محمد سالم عبد الفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، قال إن “انخراط الأحزاب ووسائل الإعلام الجزائرية إلى جانب البوليساريو في هذه الحملة الدعائية التي تستهدف رئاسة المغرب للجنة القدس، يؤكد مرة أخرى توجس النظام الجزائري من الأدوار التي تضطلع بها المملكة في دعم جهود السلام في منطقة الشرق الأوسط وتسوية النزاعات في هذه المنطقة”.
وأضاف أن “الخطاب العقلاني الذي تبنته الرباط إزاء الاعتراف الإسرائيلي بمغربية الصحراء، يتجاوز بكثير الخطاب الشعبوي للنظام العسكري الجزائري، الذي يوظف القضية الفلسطينية ضمن أجندات داخلية هدفها إضفاء الشرعية على نفسه وعلى خطابه السياسي، في استغلال مفضوح لهذه القضية”.
وأوضح سالم عبد الفتاح، في تصريح لهسبريس، أن “الحملات الدعائية الجزائرية التي تستهدف المغرب ورموزه السيادية بإيعاز من النظام الحاكم، دليل آخر على تورط هذا النظام في النزاع حول الصحراء وتأكيد لموقعه كطرف رئيسي فيه”، متابعا بأن “هذه الحملة الهوجاء مؤشر كذلك على فداحة الخسائر التي مُنيت بها الجزائر والانتكاسات التي عرفتها الدبلوماسية الجزائرية في الفترة الأخيرة مع توالي دعم القوى الدولية الوازنة لمغربية الصحراء”.
من جهته، علق محمد الغيث ماء العينين، عضو المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، على هذه الحملة الجزائرية بالقول إن “المواقف الجزائرية في تعاطيها مع مواقف الدول تجاه القضية الفلسطينية تعرف تناقضا وارتباكا واضحين، ذلك أن الرئيس الجزائري تبون زار تركيا، أكبر دولة إسلامية لها علاقة مع إسرائيل، التي تستعد لاستقبال نتنياهو، وكذلك قطر التي كانت أول دولة عربية مشرقية يزورها الرئيس الإسرائيلي السابق شيمون بيريز، دون أن يجد (تبون) حرجا في ذلك”.
في هذا السياق، شدد المتحدث عينه على أن “مواقف الجزائر لا علاقة لها لا بالعروبة ولا بالحرص على الموقف العربي الموحد تجاه القضية الفلسطينية، بل ترتبط أساسا بمعاكسة النجاحات التي حققها المغرب وتفوقه الاستراتيجي على الجزائر، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو العسكري، خاصة بعد الفشل في انتزاع دعم كل من الصين وتركيا لأطروحتها فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية”.
وخلص المصرح لهسبريس إلى أن “الجزائر تعاني من إشكال وجودي كبير، ذلك أن الأسطورة المؤسسة للجزائر القائمة على التاريخ والذاكرة بدأت تنهار منذ بداية الألفية الثانية”، موضحا أنه “في انتظار البحث عن أسطورة جديدة توحد الهوية الجزائرية، يتم التركيز على المغرب بشكل مرضي، بدءا بالتدخل في تحالفاته وسياساته الخارجية، والطعن في التزامه تجاه قضايا المنطقة، وصولا إلى محاولة السطو على الموروث الثقافي والحضاري للمملكة”.
المصدر: هسبريس