اخبار المغرب

إلغاء “شعيرة” الأضحى.. ضربة للمهن الموسمية أم فرصة لإعادة التوازن الاقتصادي؟

مع كل موسم عيد أضحى، تنشط العشرات من المهن الموسمية التي تشكل مورد رزق لفئات واسعة من المغاربة، خاصة الشباب العاطلين عن العمل، حيث تتحول الأسواق الشعبية إلى فضاءات تعج بأنشطة مثل بيع الفحم، تسنين السكاكين، وتنظيف الأضاحي، في دورة اقتصادية قصيرة لكنها مربحة، غير أن الدعوة الملكية المتعلقة بعدم ذبح الأضاحي، يضع هذه الفئات أمام تحد غير مسبوق، يثير تساؤلات حول تأثيره على دخلهم المؤقت، ومدى إمكانية تعويض هذه الخسائر بفرص اقتصادية أخرى.

ورغم أن القرار يأتي في سياق أزمة وطنية تتعلق بتراجع القطيع الوطني وارتفاع أسعار الأعلاف، مما يجعل الحفاظ على الثروة الحيوانية أولوية استراتيجية، إلا أن تبعاته تتجاوز المجال الفلاحي لتطال فئات تعتمد على العيد كموسم أساسي للعمل.

وحسب المعطيات المتوفرة فإن معدل استهلاك الأسر خلال هذه المرحلة يرتفع بنسبة تتراوح ما بين 3 إلى 5 بالمئة، وهو ما يعني جني مكاسب تفوق 10 مليارات درهم.

في هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي، محمد جدري، أن قرار إلغاء عيد الأضحى لا ينبغي تحميله أكثر مما يحتمل، إذ إن المهن المرتبطة بهذه المناسبة تظل موسمية، ولا يمكن للعاملين فيها الاعتماد عليها كمصدر دخل رئيسي.

وأوضح جدري أن إلغاء عيد الأضحى، رغم تأثيره على بعض الأنشطة الموسمية، يحمل في طياته قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، حيث سيساهم في تخفيف الأعباء المالية على العديد من الأسر المغربية.

وأشار المتحدث إلى أن القدرة الشرائية التي كانت موجهة لشراء الأضاحي ستُعاد توجيهها نحو استهلاك سلع وخدمات أخرى، ما قد ينعش قطاعات مختلفة، خاصة التجارية والخدماتية.

وأضاف أن بعض المهن الموسمية المرتبطة بعيد الأضحى قد تتأثر، إلا أن هناك أنشطة اقتصادية أخرى ستستفيد من هذا القرار، سواء في مجال التجارة أو الخدمات التي يمكن أن تعرف انتعاشًا بفضل توجيه الإنفاق نحوها.

وفي هذا السياق، شدد الخبير الاقتصادي على ضرورة التعامل مع هذا القرار بواقعية، وعدم تضخيم تأثيره، مؤكدا أن هذه المهن، رغم أهميتها لأصحابها، تبقى محدودة الأثر على المستوى الاقتصادي العام، معتبرا أن الأوضاع الاقتصادية تتطلب تقييما عقلانيا يأخذ بعين الاعتبار توازنات العرض والطلب، وتأثير القرارات الاقتصادية على مختلف الفئات المجتمعية.

ومن جانبه شدد الخبير والمحلل الاقتصادي، ياسين اعليا، في تصريح سابق لـ “العمق” أن المناسبات السنوية سواء تعلق الأمر بعيد الأضحى أو غيرها من المناسبات تحرك عجلة الاقتصاد، كما تساهم في خفض ما يسمى بالبطالة الموسمية.

وأشار الخبير إلى وجود أشخاص يعانون من البطالة طيلة فترات السنة باستثناء بعض الفترات حيث يمارسون بعض الأنشطة المرتبطة بمناسبات معينة، وهذه الحركية لها تأثير إيجابي على عجلة الاقتصاد الوطني، بحيث ينتج عنها رفع مستوى الطلب مع تحسين مدخول فئة كبيرة من المواطنين.، وفق تعبيرة.

واستدرك اعليا حديثه بالقول: “هذا أمر موسمي وغير قار، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تؤثر على السير العام للاقتصاد الوطني، كون أن هذه المناسبات تدخل في إطار هيكلة الاقتصاد الوطني، وترتبط بمحطات معينة”.

واعتبر المتحدث أن الدينامية المسجلة غير مجدية بشكل كبير، كونها موسمية بحكم ارتباطها بمهن مرحلية، ما يؤكد أن الانتعاش الاقتصادي مرحلي فقط.

هذا، وأهاب الملك محمد السادس بالشعب المغربي عدم إقامة شعيرة عيد الأضحى لهذا العام، في خطوة تعكس التحديات الصعبة التي يواجهها المغرب، خاصة في القطاع الفلاحي، وهو ما يأتي في ظل تراجع القطيع الوطني بنسبة كبيرة، بفعل الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، مما يجعل الحفاظ على الثروة الحيوانية أولوية استراتيجية.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *