الدبلوماسية الأمريكية في العهد الثاني لترامب.. براغماتية حادة في السياسة الخارجية
مع انطلاق الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عادت إدارته لتأكيد توجهها نحو إعادة تشكيل أولويات الدبلوماسية الأمريكية.
فبالانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ، وإلغاء برامج التنوع الاجتماعي، علاوة على اتخاذ إجراءات أكثر صرامة بحق اللاجئين، بدا واضحا أن سياسة “أمريكا أولا” تتخذ طابعا حادا وجادا، ومن خلالها ترسم الخطوط العريضة لدبلوماسية الولايات المتحدة الأمريكية في عهد ترامب الثاني، مستندة إلى براغماتية شديدة تضع المصالح الوطنية الأمريكية فوق كل اعتبار.
أوضح وزير الخارجية الأمريكي الجديد، ماركو روبيو، في خطاب عقب تنصيبه يوم الثلاثاء، أن سياسة إدارة الرئيس ترامب الخارجية ستكون “مبنية على مصلحة الولايات المتحدة أولاً”، مؤكداً أنها ستكون عملية وواقعية، قائلاً: “إذا تقاطعت مصالحنا مع مصالح الآخرين فسنعمل معهم”.
وأشار روبيو في بيان، صدر اليوم الأربعاء، إلى ضرورة العودة إلى “ركائز الدبلوماسية” من خلال التوقف عن التركيز على القضايا السياسية والثقافية التي تزرع الفتنة داخلياً ولا تحظى بشعبية خارجياً.
وفي الوقت الذي شدد فيه على أن الولايات المتحدة ستسعى إلى “منع الصراعات وتجنبها”، أكد أن ذلك “لن يكون على حساب أمننا القومي أو مصالحنا الوطنية أو قيمنا”.
وبينما كانت مكافحة تغير المناخ من بين الأولويات في عهد الرئيس الديموقراطي السابق جو بايدن، أكد روبيو على ضرورة التخلي عن سياسات المناخ “التي تضعف أمريكا “ حسب قوله ، موضحا أنه يريد “استخدام الدبلوماسية لمساعدة الرئيس ترامب على الوفاء بوعده بالعودة إلى الهيمنة الأميركية في مجال الطاقة”.
ووفقا لمذكرة أصدرها أمس الأربعاء، أوقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إجراءات دخول اللاجئين الذين حصلوا على التصاريح الرسمية للولايات المتحدة، وذلك في إطار أمر تنفيذي وقعه الإثنين بعد ساعات من تنصيبه، وعليه” تم إلغاء جميع الرحلات المنظمة مسبقًا للاجئين للمجيء إلى الولايات المتحدة”، وفق ما كشفت عنه رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها وزارة الخارجية إلى مجموعات تعمل مع الوافدين الجدد.
وفي أمره التنفيذي، قال ترامب إنه سيعلق قبول اللاجئين اعتبارًا من 27 يناير، ملغيا قرار سلفه جو بايدن بالنظر في تأثير تغير المناخ في قبول اللاجئين.
من جهته، شدد الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، صبري الحو، في تصريح له لجريدة ، على أن إعلان ترامب الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ يكشف عن “عزمه إحياء الصناعة الأمريكية وخروجها من القيود البيئية”.
وشدد على أن هذا النهج يتكامل مع سياسة حمائية واضحة تهدف إلى “فرض رسوم جمركية جديدة على الصين وأوروبا”، ما يعكس رغبة الإدارة في تعزيز التفوق الاقتصادي الأمريكي.
وأضاف أن التركيز على الذكاء الاصطناعي وقطاع الطاقة يظهر كأولوية استراتيجية “لتحقيق طفرة صناعية نوعية تؤدي إلى ريادة أمريكية في ميادين جديدة”.
وأوضح الحو أن ترامب يسعى إلى “جعل الاقتصاد والصناعة في مرتبة مساوية للتفوق العسكري الأمريكي”، معتبراً أن القيادة العسكرية وحدها لم تعد كافية لقيادة العالم في ظل بروز قوى متعددة الأقطاب مثل الصين.
وأشار إلى أن دخول شخصيات بارزة مثل إيلون ماسك إلى المجال السياسي يعكس هذا التوجه نحو الابتكار كوسيلة لاستعادة الريادة.
وفي سياق تداعيات السياسة الأمريكية الجديدة على الحلفاء والدول النامية، يرى الحو أن المقاربة البراغماتية التي تتبعها إدارة ترامب تُظهر استعداداً للتخلي عن الحلفاء التقليديين.
وأضاف: “أمريكا دولة قائمة على المنافع والمصالح، (..) وعندما تنتهي المصلحة يسقط التحالف بالتبعية”، مؤكدا أن الولايات المتحدة لن تتردد في التخلي عن أي تحالف إذا ما تعارض مع مصالحها الاستراتيجية، ما يخلق تحديات جديدة لحلفائها التقليديين.
على الجانب الآخر، ستظل الدول النامية، حسب الحو، “سوقاً اقتصادية لبيع الأسلحة ومجالاً للحروب بالوكالة وقواعد استراتيجية لصد الخصوم”، وذلك ضمانا للأمن القومي الأمريكي في “كافة الأصعدة وجميع تمظهراته”.
المصدر: العمق المغربي