الخضري يدافع عن “علم النفس الفطري”.. تركيب الإنسان ونشدان “السعادَتين”
تصور جديد لعلم النفس يقترحه المتخصص المغربي لطفي الخضري، الذي دافع في أحدث محاضراته بالعاصمة الرباط عن مفهومه لـ”علم النفس الفطري”.
ويهتم هذا الصنف بـ”الجانب الفطري في الإنسان، ويسعى إلى فهم عالمه الفطري، بمفهومه المشترك (…) ويحاول فهم الإنسان في كل أبعاده الروحية، النفسية، الجسدية، الغريزية، الطاقية، النورية”، فـ”يُجزّأ الإنسانُ للفهم، بينما تكون الحلول متكاملة”.
وينطلق هذا التصور من أن تشكل علم النفس الغربي تحكمه مرجعيات تغيّب “الجانب الروحي” وتقصيه من مسار العلاج؛ ولو أن “تحقيق أي فرد أدنى مستوى من السعادة” لا يتم إلا بـ”تحقيق الفطرة”، ويضع “السعادتين غاية ممكنة الحدوث”، ويحاول أن يضع لهما مناهج علمية إجرائية، بناء على تأويلات لخلاصات تفكيرِ وممارسةِ التجربة الحضارية للمسلمين، مع تعميمِ مبادئ قابلة للتطبيق للإنسان، حول كيفية التناغم مع الطبيعة والحياة، وبناء ثقافة الخطأ والصواب.
ورد المتخصص في علم النفس على بعض الرفض الذي لقيه مفهومه، قائلا: “توجد مرجعيات في التحليل النفسي، توراتية، ‘قابالية’، أي مرجعها التصوف اليهودي؛ وهذا الصنف انطلاق من النص القرآني، مع العلم أننا قد نخطئ في التفسير أو التوظيف؛ وهو يعتبر جانب المسلمات العلمية النفسية الحديثة، مع اقتراح آفاق أوسع لفهم الإنسان وعلاجه، في إطار تجربة حضارية أخرى”.
وأضاف المتحدث ذاته: “فكرة علم النفس الفطري بدأت في فرنسا، وأخذتها من فرنسي (…) وفي الغرب منذ 15 سنة هناك حديث عن العلاج الشمولي، بنظرة شمولية (…) لكن للأسف أن الرد الشرس نجده من الداخل أكثر من الخارج، أما الخارج فيرى هل يفيد هذا أم لا يفيد”، مردفا: “توجد في الوسط النفسي تصنيفات علم النفس الهندي والصيني ولا تطرح مشاكل كتسميات، علما أن تصوراتها طاقية تعالج خلل الطاقة، ولا يُطرح إشكال إلا مع مثل تصورنا المرجعي”.
هذا التصور “فطري”، أي إن فيه “إحالة على المرجعية التي تعطينا مجالا للاشتغال هو الفطرة، وهي مشترك إنساني، للخروج من مرجعيتنا المشتركة إلى المشترك الإنساني”، وفق الخضري؛ مع تذكيره بوجود “علم النفس الإثني الذي يهتم بالخصوصية الإثنية، لأنه قد يوجد نوع مرض معين في ثقافة معينة، ولا نجده في ثقافة أخرى”.
وتابع المتحدث: “الإنسان بطبعه خير. عندما نقوم بالخير، والمجهود، ينتج هرمون السعادة”، ومن بين السبل التي يشتغل بها في مكتبه “العلاج بالأعمال الخيرية، التي تُخرِج من رفض المجتمع والدنيا؛ لأن من قوانين الخيرية قانون العطاء، الذي ييسر الحياة”، وزاد: “والوجود مرتبط بالعطاء، والجهد والوقت والصبر، وحتى الوليد يقوم بمجهود عند الرضاع”.
ومن هذه التطبيقات في المشاكل الأسرية، يورد المتخصص ذاته: “عندما يأتي زوج ويقول إن المرأة يجب أن تتغير، وتقول المرأة إن على الرجل أن يتغير، وينتظران بعضهما… ندفع كلا منهما في اتجاه الآخر، ليلِين ويخطو خطوات”.
ومن بين ما يهتم به هذا التصور صراع مرتادين للعلاج مع مرجعيتهم، بسبب الكذب المرضي أو التكبر أو الحسد؛ وهو ما يتطلب “حلولا لأناس يعانون ويأتون للعيادة”، من منطلقاتها “العلم المادي المشترك الطبي العادي”، لكن في علم النفس الفطري “اشتغالا على الإضافة”، وفق المتحدث ذاته.
كما أكد لطفي الخضري أن “كثيرا مما تسمى الأمراض المَسّية هي في الحقيقة هستيريا، أو مرتبطة بمرض عضوي مثل الصرع، وهي إشكالات عادية، يكون فيها تأثير للأمراض النفسية على الأمراض العضوية، أو العكس، أو تكون أمراضا عضوية”.
وختم الخضري محاضرته بالقول: “هذه تقنيات جديدة وُظفت وأعطت منافع، ونطرحها لمن يريد الاشتغال بها، ولهم أن يأخذوا الفعال منها ويتركوا الباقي”.
المصدر: هسبريس