الحياد والأمان يجذبان رؤساء أفارقة سابقين إلى الاستقرار في المغرب
الثلاثاء 27 فبراير 2024 08:00
أثار إعلان الرئيس السنغالي ماكي سال، الذي توشك ولايته الرئاسية على الانتهاء، خلال مقابلة منذ أيام، عن تخطيطه للعيش والاستقرار في المملكة المغربية بعد انتهاء عهدته في الثاني من أبريل المقبل، مجموعة من التساؤلات حول سر تفضيل بعض قادة الدول الأفارقة المنتهية ولايتهم أو المُطاح بهم وكذا بعض القيادات السياسية في هذه الدول المغرب كوجهة للاستقرار والعيش، خاصة أولئك الذين تربطهم علاقات صداقة قوية مع القيادة المغربية.
ويزخر التاريخ الحديث بمجموعة من الأمثلة في هذا الصدد؛ على غرار محمد بوضياف، القيادي السياسي المُغتال والرئيس الجزائري الأسبق، الذي عاش في المغرب لحوالي ثلاثة عقود، بعد الاختلاف السياسي بينه وبين الرئيس الجزائري حينها أحمد بن بلة، قبل أن يعود إلى بلاده ليتولى منصب الرئاسة الذي لم يمضِ فيه سوى 166 يوما ليتم اغتياله بمدينة عنابة في الـ29 يونيو من العام 1992 بنيران أحد العناصر الجيش الجزائري.
ومن الرؤساء الذين اختاروا المملكة وجهة للاستقرار بعد تدهور الأوضاع السياسية والأمنية في بلادهم موبوتي سيسي سيكو، رئيس الكونغو الديمقراطية السابق، الذي فر إلى المغرب بعد الإطاحة به بثورة مسلحة في العام 1997، ليستقر بالمملكة منذ ذلك الجين إلى أن وافته المنية في شتنبر من العام ذاته إثر إصابته بمرض السرطان ليُدفن بعدها في مقبرة مسيحية بالعاصمة الرباط، إضافة إلى بليز كومباوري، الرئيس البوركينابي السابق، الذي لجأ إلى المملكة إثر اندلاع احتجاجات شعبية ضده اضطرته إلى التنحي عن الحكم في أواخر أكتوبر من العام 2014، غير أن مقامه بالمغرب لم يدم طويلا ليستقر بعدها في ساحل العاج التي منحته حق اللجوء على أراضيها.
من جانبها، كانت مصادر إعلامية عديدة قد تحدثت، عقب الانقلاب العسكري الأخير الذي شهدته الغابون والذي أطاح بحكم الرئيس علي بونغو، أن هذا الأخير يُخطط بدوره للاستقرار في المملكة هو وعائلته، خاصة في ظل علاقات الصداقة التي كانت تربطه بملوك المغرب.
تفاعلا مع هذا الموضوع، قال إدريس قسيم، باحث في الشؤون السياسية والدولية، إن “اعتبار المغرب وجهة مفضلة للاستقرار النهائي للعديد من الرؤساء المنتهية ولايتهم أو المخلوعين، خاصة الأفارقة منهم، يجد تفسيره في عاملين: أولهما حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني التي يتمتع بها المغرب، إذ يمكن اعتبارها ضمانات تحفظ لهم أمنهم وأمن أسرهم، ناهيك عن احتضان أراضي المملكة للعديد من مشاريعهم الاقتصادية الخاصة”.
أما العامل الثاني، أوضح قسيم، فيتمثل في “أن العلاقات الشخصية بين الملوك المغاربة وهؤلاء الرؤساء ظلت أحد الموجهات المؤثرة في العلاقات المغربية الإفريقية، إذ يمكن القول إن الإمكانات الرمزية التي وظفها المغرب المرتكزة على دوره التاريخي في إفريقيا من جهة، وعلى البعد الديني كمركّب اجتماعيسياسي من جهة أخرى، ساهمت في تأسيس علاقات خاصة جمعت الملوك المغاربة ببعض القادة الأفارقة؛ مثل رؤساء كل من السنغال، عبدو ضيوف، عبد الله واد و ماكي سال، ورؤساء الغابون: عمر بونغو وعلي بونغو، والكونغو الديمقراطية: موبوتو سيسيسيكو وغيرهم من الرؤساء”.
واعتبر الباحث ذاته، في تصريح لهسبريس، أنه “علاوة على ذلك، يظل السلوك الدبلوماسي المغربي عقلانيا ومسؤولا ومتوازنا في إطار علاقته مع حلفائه وشركائه الأفارقة؛ فعلى الرغم من التأثير الكبير والنفوذ المهم الذي يتمتع به، فإنه يعتمد على سياسة خارجية تتجنب التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول تأثيرا أو توجيها أو انحيازا. وبالتالي، فهو يحافظ على نمط وعلى مستوى من العلاقات الثابتة والمستمرة التي لا تتأثر بالتحولات السياسية في هذه الدول، وهي خاصية تؤثر بشكل إيجابي في التمثلات والمواقف الشخصية للزعماء الأفارقة تجاه المغرب”.
المصدر: هسبريس