حاول مهنيون بقطاع الفلاحة بالمغرب، ضمن الندوة التي نظّمتها الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية (كومادير)، أمس الخميس، إطلاع الرأي العام على جوانب من الإشكاليات الكبرى التي باتت تعيش على وقعها سلاسل إنتاجية مختلفة بالمغرب، نتيجة لقلة الموارد المائية؛ فضلا عن الآثار السلبية لوجود الوسطاء بأسواق الجملة بالبلاد.
وتوجد الحوامض من بين هذه السلاسل الإنتاجية؛ فقد أكد قاسم بناني السميرس، رئيس الفيدرالية المغربية البيمهنية للحوامض “Maroc Citrus”، “اقتلاع حوالي 40 ألف هكتار من أشجار الحوامض بالمغرب خلال العشر سنوات الأخيرة”.
وأوضح السميرس، ضمن مداخلته، أن “الجفاف بات يهدد هذا القطاع بدوره، وهو الذي استقبل 12 مليار درهم من الاستثمارات خلال العشرين سنة الماضية؛ ثلثان منها جلبها المهنيون بالاستعانة طبعا بالقروض، فيما ساهمت الدولة بالثلث المتبقي”.
وزاد رئيس الفيدرالية المغربية البيمهنية للحوامض شارحا: “لدينا تقريبا بالمغرب 15 ألف ضيعة خاصة بالحوامض، منها 11 ألفا و800 ضيعة يديرها فلاحون صغار؛ بمعنى أن مساحتها لا تتجاوز 10 هكتارات”.
وأكد المهني ذاته “وجود إشكالية أخرى لدى المنتجين تكمن في كثرة الوسطاء بالسوق المحلية، حيث يتم بيع المُنتج بدرهمين (على سبيل المثال)، في حين يصل إلى المستهلك النهائي بحوالي 10 دراهم؛ فَلا المنتج ولا المستهلك يستفيدان من هذه الأثمنة، في حين يوجد مستفيدون قليلون بالطبع”، متابعا: “هذا المشكل يجب أن يُحل بشكل نهائي”.
وحذّر رئيس الفيدرالية سالفة الذكر من “لجوء المغرب، خلال السنوات المقبلة، إلى استيراد كافة أنواع الحوامض؛ وذلك بفعل قلة الموارد المائية الكفيلة بتلبية احتياجاتها، حيث يجب التفكير في طريقة لتوزيع المياه بشكل عادل بين الفلاحة والاستعمال اليومي”.
ويبدو أن إشكالية المياه لا تعني الحوامض فقط، بل باتت تهدد ضيعات الزيتون أيضا، وبشكل أشدّ؛ فقد أوضح عبد العالي زاز، عضو مكتب الفيدرالية البيمهنية المغربية للزيتون، أن “هذه السلسلة الإنتاجية تعيش ظرفية صعبة جدا أدت إلى ارتفاع أثمنتها وأثمنة زيت الزيتون بالسوق الوطني، بعدما وصل ثمن الأول إلى 17 درهما للكيلوغرام الواحد”.
ولدى حديثه عمّا ميّز آخر موسم فلاحي، أشار زاز، في تصريح لهسبريس على هامش الندوة المذكورة، إلى أن “الهكتار الواحد من أشجار الزيتون، الذي كان يمد الفلاح بحوالي 15 طن، بات اليوم يوفر ما بين طُنّين و3 أطنان فقط؛ بما يعني وجود فارق كبير، مع بقاء المصاريف الثابتة كما هي دون تغيير”.
واعتبر عضو مكتب الفيدرالية البيمهنية المغربية للزيتون أيضا أن “الإشكالية الكبيرة التي يعاني منها الفلاحون هي أن تراجع الإنتاج لا يصاحبه أبدا تراجعٌ في المصاريف الفرعية؛ في حين أن جمع صندوق واحد من الزيتون لم يعد سهلا، مقارنة مع ما سبق، عندما كان المستخدم يجمع من عدد محدود من الأشجار ما بين 3 و4 صناديق، وفي ظرف وجيز”.
وتابع المتحدث عينه قائلا:” ثمن زيت الزيتون لم يعد كما كان خلال الأشهر الماضية، حيث باتت تُسوّق داخل المساحات التجارية الكبرى بحوالي 80 درهما، وذلك بفعل تأثير عمليات الاستيراد”.
وذكر عضو الفيدرالية البيمهنية المغربية للزيتون أن “مشكل السقي موجود لدى أرباب ضيعات الزيتون، إذ تراجعت الحصة الخاصة بهم من الماء، والتي عادة ما تأتي من السدود”، لافتا إلى أن “الأسبقية تعطى للاستهلاك الآدمي، في وقت يصعب الجزم بكون القطاع الفلاحي المغربي يستفيد فعليا من 80 في المائة من المياه المجمعة بالسدود”.
المصدر: هسبريس