“الحلي والزينة في المغرب” .. تأريخ جديد لجماليات المجوهرات والفن الحرفي

في خطوة تندرج ضمن مسار الترويج وصون التراث الحرفي والمتحفي الوطني، أشرف كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، صحبة المهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، الثلاثاء، على تقديم كتاب “الحلي والزينة في المغرب.. متحف الأوداية”، يقدّم توثيقا لمختلف الحلي والمجوهرات المغربية، إلى جانب تشريح لتاريخها والتقنيات والمواد الأولية المستخدمة في صياغتها، معتمدا على المجموعات الرفيعة للمتحف ومساهمات خبراء ومؤرخين بارزين.
الكتاب الذي أعد وقدم تنفيذا “للالتزامات المنصوص عليها في الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين قطاع الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ومؤسسة المتاحف الوطنية، ومؤسسة دار الصانع”، يعد وفق كتابة الدولة “تكريما لغنى وتنوع الصناعات التقليدية، ولقطاع الحلي والمجوهرات خاصة، حيث يسلط الضوء على أهمية هذه الحرفة العريقة المتوارثة عبر الأجيال منذ القدم، بين نساء ورجال من الحرفيين والمعلمين عبر ربوع المملكة”.
توثيق للتراث
لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية، قال إن “هذه التحفة التي تقدّم اليوم ستبقى وثيقة للتاريخ”، موضحا أن “الكتاب يندرج في إطار استحضار ضرورة المحافظة وتأريخ ثقافة الحلي والمجوهرات لكي تبقى شاهدة على ما عاشته المملكة المغربية من حضارات متعاقبة”، فضلا عن “مواكبة ما ستعيشه مهارات صياغتها من تطور مستقبلا”.
وأكدّ السعدي، في كلمته الافتتاحية للحدث، أن “هذا الكتاب الذي يسلط الضوء على أهمية الحرف المرتبطة بصياغة المجوهرات، سيغني الخزانة الوطنية”، مشيرا إلى أن “الحلي التي أبدعتها مختلف الثقافات التي مرّت ببلادنا، كانت دليلا على تقدير المجتمع المغربي للمرأة”. وزاد أن “المؤسسة الوطنية للمتاحف تحرص على المحافظة عليها داخل متحف الأوداية والمتاحف الأخرى”.
وشدد كاتب الدولة في الصناعة التقليدية على أن “التوثيق هو توجه استراتيجي؛ حيث سنتعاون من أجل إطلاق مزيد من المبادرات المماثلة، بما أن لدينا المزيد مما نظهره للعالم في ما يتعلّق بالزربية والقفطان وغيرهما”، كاشفا أن “كتابة الدولة لديها تصور لخلق منظومة لمعالجة المجوهرات؛ حيث سيتم الاشتغال بتنسيق مع قطاع المعادن لإعطاء دفعة لتصميمها وابتكارها، مع تطوير وسائل تسويقها”. وأفاد بأنه سيتم الإعلان عنها في إطار مهرجان الفضة بتيزنيت شهر يوليوز القادم.
هم مشترك
طارق صديق، المدير العام لدار الصانع، أكد أن “هذا الكتاب جاء نتيجة شراكة متميزة بين كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية، والمؤسسة الوطنية للمتاحف، ومؤسسة دار الصانع”، مفيدا بأنه “فكرة جماعية انبثقت عن همّ مشترك بشأن كيفية القيام بإحداث متحف داخل كتاب”.
وأضاف صديق، في كلمته خلال الحدث ذاته، أن “هذه الكتاب ما هو إلا الباكورة في هذا الجانب؛ إذ ثمّة تفكير في تحويل هذا المنشور إلى وثائقي، وكذا سحب التجربة ذاتها على منتوجات تقليدية أخرى، في مقدمتها الزليج”.
وأوضح المدير العام لدار الصانع، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هذا الكتاب يرجع بنا إلى قرون خلت بما يمكن من استكشاف تاريخ المجوهرات والحلي في المغرب، وكذا المواد الأولية والتقنيات الموظفة في صياغتها”، مشددا على أن “هذه لبنة استراتيجية تمّ الاشتغال عليها لأجل الترويج والحفاظ على هذا الموروث التقليدي”.
في متناول الجميع
المهدي قطبي، رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف، أكد بدوره أن “هذا الكتاب الذي يعد ثمرة تعاون رائع بين المؤسسة الوطنية للمتاحف ودار الصانع، يهدف بالأساس إلى إبراز وإظهار الثروة الاستثنائية التي يشكلها الفن الحرفي المغربي وجعلها في متناول الجميع من خلال منشور”، موضحا أن الكتاب “يقدم مجوهرات محفوظة في متحف رائع، هو متحف الأوداية”.
وأضاف قطبي، ضمن تصريح لهسبريس، أن “هذه السنة تشهد تعاون المؤسسة الوطنية للمتاحف ووزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي لجعل زيارة المتاحف عادة لكل شاب مغربي بما يضمن في نهاية المطاف شعوره بالفخر بالتراث وغنى التاريخ المغربي الاستثنائي”.
وشدد رئيس المؤسسة الوطنية للمتاحف على أن “جميع المغاربة فخورون وممتنون لصاحب الجلالة الملك محمد السادس على منحه الفرصة لتعدد وتنوع المتاحف في جميع أنحاء المغرب”.
كتاب فريد
عبد العزيز الإدريسي، رئيس قسم المتاحف بالمؤسسة الوطنية للمتاحف، بيّن فرادة الكتاب من حيث المضمون والتقسيم، مؤكدا للحضور أن المؤلف “يسلط الضوء على تاريخ المجوهرات في المغرب”، ويبدأ من تقديم تفاصيل أقدم قلادة في العالم تعود إلى 315 ألف سنة قبل الميلاد عثر عليها في المغرب.
ونبّه الإدريسي إلى أن “هذا المنشور يقدم سردية جديدة لتاريخ المغرب بمختلف محطاته”، كما أنه “يقدم تصورا سيقف عليه القارئ من خلال زيارته إلى المؤسسة الوطنية للمتاحف”، وأوضح أنه “يتضمن تصنيف الحلي حسب الجهات المنتجة بها، مع إبراز خصوصية كل منها ونقاط التلاقي في هذا الصدد (…) فضلا عن الانفتاح على الإبداع الحديث في مجال الحلي والمجوهرات”.
وقدّم موحا ديش، مدير المحافظة على التراث والابتكار والإنعاش بكتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، الخطوط العريضة لاستراتيجية منظومة الحلي التي اشتغلت عليها الكتابة، مشيرا إلى استنادها إلى تشخيص استراتيجي بيّن أن رقم معاملات القطاع بالمغرب يصل إلى ملياري درهم، مع تشغيله حوالي 9223 شخصا. كما أنه “أظهر معاناة هيكلية (…) تتجلى في غياب تطور في الإطار القانوني، وغياب هيئات حرفية منظمة”.
ولأجل ذلك، فإن المخطط الاستراتيجي يضم مشروع عقد برنامج تتقاطع فيه التزامات عدد من القطاعات، على رأسها كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية، خصوصا أن التشخيص أظهر، حسبما ذكر المسؤول ذاته، “تعدد المتدخلين الذي يحتم التعبئة الجماعية لإنتاج استراتيجية مندمجة”.
المصدر: هسبريس