الحكومة تراهن على نجاح الأوراش الصحية بتوفير الإمكانيات المادية والبشرية
“ورش إصلاح منظومة الصحة يسير في الاتجاه الصحيح وفق المخطط له زمنيا”، كانت تلك أهم خلاصات اجتماع مخصص لتتبع مدى تنزيله، عقده رئيس الحكومة، بحضور ثلاثة وزراء، هم خالد آيت طالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، وعبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وفوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية.
الاجتماع المنعقد الثلاثاء بالرباط عرف أيضاً حضور المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حسن بوبريك، وكشفت أبرز مخرجاته في بلاغ لرئاسة الحكومة، توصلت به هسبريس، عن “قرب الانتهاء من الشطر الأول المتعلق بتأهيل 450 مركزا، في أفق بلوغ 1400 مركز صحي”.
كما حازت “الإنجازات المحققة على صعيد تثمين الموارد البشرية وتحفيزها، وإصلاح نظام تكوين أطر الصحة، وتوسيع نطاق التدريب الخاص بهم”، إشادة رئيس الحكومة، الذي نوه بـ”التقدم الإيجابي في مختلف البرامج المتعلقة بإصلاح منظومة الصحة”، داعيا القطاعات المعنية إلى “تسريع تنزيل جميع محاور الإصلاح، التي ترتكز على أربع دعامات أساسية تتمثل في تعزيز الحكامة الاستشفائية، وتثمين الموارد البشرية، وتأهيل العرض الصحي، فضلا عن رقمنة المنظومة الصحية الوطنية”.
إنشاء كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، المبرمجة في كل من الرشيدية وبني ملال وكلميم، من أهم المشاريع التي أكد الاجتماع أنها “تسير في الطريق الصحيح، في احترام تام للمواعيد الزمنية المحددة”، مشددا على أن “هذه المشاريع من شأنها أن تكون فضاء جاذباً للأطر الصحية من أبناء هذه المناطق، بشكل يساهم في سد الخصاص في الأطباء على مستوى ما تعرف بـ’الصحاري الطبية’”.
الاجتماع حمل، أيضا، تجديد التأكيد الحكومي على “التزام القطاعات المعنية بتحسين العرض الصحي، عبر توفير مختلف الإمكانيات المادية والبشرية، قصد الاستجابة لمتطلبات الورش الملكي المتعلق بالحماية الاجتماعية”.
وتزامن الاجتماع المذكور مع قرب المصادقة تشريعياً على قوانين إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب التي من المنتظر عرضها ضمن جلسات عامة على مجلس النواب، خلال الدورة التشريعية الربيعية المفتتحة بعد غد الجمعة؛ وتتعلق باستمرار تنزيل ورش الحماية الاجتماعية والترسانة القانونية المواكبة له المتعلقة بإصلاح قطاع الصحة.
“إلزامية تقييم مرحلي”
تعليقا على الموضوع، اعتبر البروفيسور خالد فتحي، أستاذ بكلية الطب بالرباط، خبير في الشأن الصحي بالمغرب، أن “الاجتماع كان ضروريا، إذ من اللازم تقييم ما تم إنجازه، خصوصا أن الأمر يتعلق بورش ملكي وبمشروع دولة وليس بمشروع حكومة”.
ولفت فتحي ضمن تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية إلى أن “شق التكوين هو من أسباب النجاح، إذ إن الالتزام بـ3 كليات للطب يدل على أن الحكومة سائرة في تنزيل البعد الجهوي للإصلاح من خلال تحقيق العدالة المجالية”، خاصا بالذكر خريجي هذه الكليات الذين “سيكون عليهم الاستقرار بهذه الجهات، وهذا يحل جزئيا مشكلة تمركز الأطباء في جهات بعينها”.
وتابع المتخصص معلقا: “وزارة التعليم العالي رصدت أيضا مناصب مالية تفوق 500 منصب للأساتذة الباحثين في الطب، وهذا رقم غير مسبوق يؤشر على أن هناك التقائية بين ورش المنظومة الصحية في شقه التكويني وورش التغطية الصحية”.
نتائج “المدى المتوسط”
“هذه التحولات التي يعرفها القطاع يمكن أن تعطي أكلها خلال المدى المتوسط، لاسيما مع تقليص سنوات الدراسة في الطب وفتح مجال الممارسة أمام الأطباء الأجانب”، يسجل فتحي.
من ناحية أخرى، أكد فتحي في حديثه مع هسبريس أن “إصلاح وتأهيل المراكز الصحية حيوي جداً لأنها ستكون المدخل للمنظومة الاستشفائية، حيث يكون على طبيب العائلة أن يوجّه المريض حسب احتياجاته، ما يضمن توضيح مساره منذ مركز القرب إلى المستشفى الجامعي، ويضمن سلاسة التدخلات العلاجية وانسيابيتها، ونجاح البعد الرقمي في إصلاح المنظومة”.
ونبه البروفيسور ذاته إلى أن “الأعداد الكبيرة لطلبة الطب يقتضي أيضاً توسيع فضاءات التدريب خارج المستشفيات الجامعية، ما يتطلب القيام بمثل هذا التأهيل لمراكز القرب والمستشفيات الإقليمية”.
واعتبر فتحي أن “الحكومة واعية بأن النجاح في هذا الورش أمر في غاية الأهمية؛ إذ لا يكفي التنصيص قانونيا على التغطية الصحية، بل يلزم أن يتحول هذا الحق إلى حق فعلي يلمسه المواطن ويشعره بجدول الإصلاحات التي تمت؛ ولن يتأتى هذا إلا بتوفير العرض الصحي من مؤسسات صحية وكوادر طبية وتمريضية”.
“هذه الإصلاحات ستغير وجه القطاع بشكل جذري، وتؤشر على الدولة ماضية في إتمام هندستها للإصلاح وماضية في تنزيل ركائز الدولة الاجتماعية”، يختم المصرح ذاته.
المصدر: هسبريس