الحسيني: العالم أمام مفترق الطرق والذكاء الاصطناعي يهدد بالعودة لزمن العبيد

حذر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس، تاج الدين الحسيني، مما أسماها بـ”المنزلقات الخطيرة” التي يعرفها العالم في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة، خاصة ما يرتبط بالثورة التكنولوجية في مجال الذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن البشرية قد تكون على أعتاب مرحلة كارثية تهدد السلم العالمي وتقوّض مكتسبات حقوق الإنسان.
واعتبر الحسيني أن التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي قد يمثل خطرا يفوق بكثير التهديدات النووية التقليدية، قائلا، “نحن نفتح باب المواجهة النووية على مصراعيه، لأن ما يجري الآن يهدد بذلك فعلا”، مؤكدا أن التقنيات الجديدة لم تعد تستهدف البنية التحتية فقط، بل طالت كيان الإنسان ذاته، من خلال اختراق خصوصيته ومراقبة كل تفاصيل حياته، ما ينسف أساس الحريات الفردية التي كافح العالم لعقود من أجل ترسيخها.
وجاءت تصريحات الحسيني، خلال مشاركته في ندوة نظمتها اليوم الأربعاء هيئة المحامين بالرباط، ضمن فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، تحت عنوان: “التحولات العالمية ومصير حقوق الإنسان”، حيث رسم صورة قاتمة لمستقبل النظام الدولي، إذا ما استمرت التوجهات الراهنة في التصاعد دون ضوابط أو رقابة أممية فعالة
وتوقف المتحدث ذاته، عند ما اعتبره اختلالا بنيويا في منظومة العولمة، التي تحوّلت من أداة شمولية للاقتصاد والتكامل إلى آلية احتكارية تخدم مصالح الدول المتفوقة اقتصاديا وتقنيا، مشيرا إلى أن هذا الانحراف يعمّق الفجوة بين أقلية متسلطة وأغلبية مهمشة، محذرا من أن “الذكاء الاصطناعي قد يعيد المجتمع الدولي إلى عصر العبيد”.
وفي تحليله لإعادة تشكل موازين القوى العالمية، أشار إلى أن النظام الدولي عرف تحولات عدة، من الثنائية القطبية إلى الأحادية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، ثم إلى تعددية مضطربة، حيث لم تعد هناك قوة واحدة قادرة على ضبط التوازن، منتقدا توجهات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومعتبرا أنه منح الأولوية لهيمنة بلاده حتى لو اقتضى الأمر التحالف مع خصومها التقليديين، كما فعل مع روسيا حول أوكرانيا، في مشهد قال إنه “صدم حتى الرأي العام الأمريكي”.
وفي سياق الدفاع عن حقوق الإنسان، عبّر الحسيني عن قلقه من تنامي السياسات التمييزية ضد المهاجرين في الولايات المتحدة، خاصة “الحالمين” الذين ساهموا في الاقتصاد الأمريكي، وأصبحوا اليوم مهددين بالطرد، معتبرا أن هذا التراجع يعكس أزمة عميقة في احترام القيم التي تأسست عليها الديمقراطيات الغربية.
وضمن اخطر التوجهات الترامبية، أشار أستاذ العلاقات الدولية، إلى الوضع الإنساني في قطاع غزة، الذي يشهد حرب إبادة ممنهجة حسب تعبيره في ظل صمت دولي مريب، مشيرا إلى تجاوز عدد الضحايا 50 ألفا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، فيما تروج مقترحات “جهنمية” لتحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” مقابل تهجير سكانها إلى الصحارى، دون أن يواجه ذلك أي رفض جدي حتى داخل الولايات المتحدة نفسها.
وأكد الحسيني أن الوضعية الراهنة تضع البشرية أمام مفترق طرق خطير، حيث تُنتهك الحقوق باسم التقدم، وتُصنع الفيروسات في المختبرات لتقويض الحق في الحياة، مما يضعف البوصلة الأخلاقية والقانونية التي توجه المجتمع الدولي.
المصدر: العمق المغربي