اخبار المغرب

الحزب الشعبي الإسباني يحول سيادة المغرب على مجاله الجوي بالصحراء إلى مزايدة سياسية

في خطوة تكشف عن التناقضات في المواقف السياسية الإسبانية، أعلن الحزب الشعبي الإسباني في بداية أبريل الجاري رفضه القاطع لأي انتقال لإدارة المجال الجوي فوق الصحراء المغربية من إسبانيا إلى المغرب. وذهب الحزب بعيدا في مزايداته، معتبرا ذلك “خيانة للمصالح الإسبانية” و”ضربا للقانون الدولي”، مما أثار الكثير من التساؤلات حول دوافع هذا الموقف، سواء من حيث توقيته أو خلفياته السياسية.

تقنيا، يستند المغرب وإسبانيا إلى اتفاق يعود إلى عام 1976، حيث تم تكليف إسبانيا بإدارة المجال الجوي فوق الصحراء المغربية بموجب تفويض من منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO).

ومع ذلك، أصبح هذا الوضع المؤقت لا يعكس الواقع السيادي للمغرب الذي يشرف فعليا على أقاليمه الجنوبية. علاوة على ذلك، يعكف المغرب على تعزيز قدراته التقنية في مراقبة الحركة الجوية، مما يجعل هذا الوضع بحاجة إلى إعادة تقييم يتماشى مع السيادة المغربية على ترابه.

لكن الحزب الشعبي الإسباني، في محاولته تصوير هذا التحول على أنه “تنازل” أو “صفقة سياسية”، يغفل عن حقيقة أن هذه الخطوة ليست إلا إعادة ضبط للعلاقة الجوية بما يتوافق مع سيادة المغرب على أراضيه، مع ضمان سلامة الطيران وتعزيز التنسيق بين الرباط ومدريد.

قراءة استعمارية

وتعكس اللغة التي استخدمها الحزب الشعبي في تقديمه للوثيقة أمام البرلمان الإسباني، رؤية استعمارية لم يعد مقبولا ترويجها في علاقات الدول ذات السيادة، حيث يعمد الحزب إلى تصوير المغرب كطرف “طامع” و”مهدد للمصالح الأوروبية”، وهي لغة  غير واقعية، في حين أن المغرب عبر مرارا عن استعداده للتعاون الفني مع إسبانيا، واحترامه الكامل للمعايير الدولية للطيران المدني.

من الجدير بالذكر أن هذا الخطاب يأتي من حزب سبق له أن شارك في حكومات لم تعترض على الوضع القائم، بل لم تتخذ أي خطوات سياسية أو قانونية لتحدي هذا الترتيب في إدارة المجال الجوي.

وفي وسط هذا الجدل المفتعل، يغيب تماما التركيز على المصلحة العامة للطيران المدني وسلامته، سواء للمسافرين أو لشركات الطيران، حيث يُعد المغرب اليوم من بين الدول الرائدة في مجال الطيران، ويستعد لاستضافة كأس العالم 2030، ما يستدعي توسيع بنيته التحتية الجوية وتعزيز حضوره الإقليمي والدولي. وبالتالي، فإن مراجعة إدارة المجال الجوي فوق الصحراء المغربية تتماشى مع هذا التوجه الاستراتيجي، ولا تستهدف إسبانيا كما يحاول بعض الأصوات تصويره.

ويبدو أن الحزب الشعبي الإسباني يحاول استثمار الأزمات الداخلية عبر تصعيد المواقف تجاه المغرب، خصوصا فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية، حيث يحاول الحزب من خلال هذه الخطوات، تسميم الأجواء بين دولتين جارتين تربطهما علاقات استراتيجية وتحديات مشتركة، مثل محاربة الهجرة غير النظامية وتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية والسياسية.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *