أبدت فعاليات سياسية ومدنية استياءها العميق مما وصفته بـ”الإقصاء الممنهج” الذي تتعرض له جماعات إقليم مديونة، وعلى رأسها جماعات الهراويين، الشلالات، والمجاطية، من الاستفادة من المشاريع التنموية التي يطلقها مجلس جهة الدار البيضاءسطات، معتبرة أن هذا التهميش يعد إخلالا واضحا بمبدأ العدالة المجالية الذي تنص عليه الرؤية الملكية للتنمية الشاملة والمتوازنة.
وحسب متتبعي الشأن الجهوي، فإن “المجلس الجهوي يواصل تركيز الاستثمارات والمشاريع الكبرى في قلب العاصمة الاقتصادية والمناطق المحيطة بها، في وقت تعاني فيه الجماعات المذكورة من خصاص بنيوي في البنيات التحتية الأساسية، مثل الطرق، المستشفيات، المؤسسات التعليمية، ومرافق الشباب والثقافة”.
وأكد فاعلون سياسيون أن “الهراويين والشلالات تعتبران من المناطق التي شهدت توسعا عمرانيا مهما خلال السنوات الأخيرة، غير أن ذلك لم يواكبه أي استثمار حقيقي في البنية التحتية أو المرافق العمومية”، مضيفين أن “المواطنين يشعرون بأنهم خارج خريطة التنمية، رغم أنهم ينتمون إداريا إلى جهة غنية بمقدراتها وميزانياتها”.
وطالبت الفعاليات ذاتها مجلس الجهة بإعادة النظر في خريطة توزيع المشاريع التنموية، واعتماد معايير منصفة تراعي احتياجات وأولويات الجماعات المهمشة، بدل تكريس سياسة المركزية داخل الجهة.
كما دعت إلى تفعيل آليات التتبع والتقييم والمساءلة، لضمان أن تكون الميزانيات المرصودة للتنمية في خدمة جميع ساكنة الجهة دون تمييز، مشيرة إلى أن “العدالة المجالية لم تعد مجرد شعار، بل التزام دستوري ومسؤولية أخلاقية أمام المواطنين”.
وقال سعيد عاتيق، فاعل سياسي بإقليم مديونة، إن “جهة الدار البيضاءسطات تشهد مجموعة من المشاريع التنموية الطموحة التي تعكس تطلعات المجلس الجهوي لتثبيت مكانة الجهة كقطب اقتصادي واجتماعي بارز، مواكباً بذلك الرؤية الملكية السامية والاختيارات الوطنية في مجال التنمية”.
واستفسر عاتيق، في تصريح لجريدة : “هل هذه المشاريع كفيلة بتحقيق العدالة المجالية بين مختلف جماعات الجهة؟”.
وأفاد المتحدث نفسه أنه “بالرغم من أهمية هذه المبادرات، يظهر الواقع التنموي للجماعات المحيطة بالعاصمة الاقتصادية، مثل الهراويين، الشلالات، وجماعات إقليم مديونة، معطيات تكشف عن نقائص حقيقية تتمثل في نقص وسائل النقل العمومي، وضعف البنيات الإدارية والصحية والتعليمية، فضلاً عن تفشي السكن العشوائي والتهميش العمراني”.
وأشار الفاعل السياسي إلى أن “هذا الواقع يستدعي وقفة جادة للتساؤل عن مدى استفادة هذه الجماعات من برامج التنمية الجهوية، ومدى نجاعة آليات التوزيع العادل للمشاريع والموارد”.
وطرح سعيد عاتيق أيضاً عدة أسئلة محورية: هل تشارك كافة الجماعات بفعالية في إعداد وتتبع المشاريع الجهوية؟ وهل يحضر رؤساء الجماعات القروية والحضرية بانتظام دورات المجلس؟ وهل تُرفع المطالب التنموية المحلية بجدية إلى المجلس الجهوي، أم تُغيب في زحمة الخطابات الكبرى؟
وأضاف قائلا إن “ربما يعكس المثل الشعبي ما قدّ فيل زادوه فيلة الواقع التنموي الذي تعيشه بعض هذه الجماعات، حيث تظل التنمية هشة أو غائبة بسبب ضعف التنسيق، وضعف الحكامة، وقلة المتابعة والمحاسبة”.
وزاد: “لا شك أن مجلس جهة الدار البيضاءسطات يملك المؤهلات البشرية والمالية والبنيات التحتية التي تؤهله ليكون قاطرة للتنمية المستدامة”، مشيرا إلى أنه “لكن من دون ضمان عدالة مجالية فعلية ومواكبة مستمرة لحاجيات الجماعات الهامشية، سيظل التفاوت بين المركز والهامش عائقًا يحول دون تحقيق تنمية شاملة وواقعية”.
وخلص عاتيق حديثه قائلا: “يبقى الأمل في أن تتحول طموحات المجلس إلى واقع ملموس على الأرض، في المدينة كما في القرى، وفي المركز كما في الهوامش، من أجل تنمية متوازنة ومستقبل أفضل لجميع ساكنة الجهة”.
المصدر: العمق المغربي