الحركات الإسلامية تعاني أزمة قيادة حقيقية في جل الدول العربية
اعتبر بلال التليدي، الباحث المتخصص في تاريخ الحركات الإسلامية، أن الأخيرة تعيش في الوقت الراهن أزمة قيادة حقيقية في جل الدول العربية، مؤكدا أن الاستمرار في الزعامة بات هاجسا لدى البعض حتى لو كان ذلك يرهن هذه التنظيمات بأزمات وتحديات لا حل لها.
وقال التليدي، في مداخلة ألقاها في ندوة نظمت ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الدولي، حول موضوع “الحركات الدينية والحقل السياسي: أي تصور؟”، الثلاثاء، إن “الحركات الإسلامية اليوم، سواء في المغرب أو تونس أو مصر، ليس لها خيار سوى أن تنتظر تغير الوضع الإقليمي والدولي وأن تستحكم الأزمات الاقتصادية والسياسية”.
وأضاف المتحدث ذاته أن هذه الحركات “لا تفكر في أمر أساسي، هو إحداث تحولات بداخلها، وبشكل خاص في القيادة”، معتبرا أن “هناك مشكلة قيادة لدى الحركة الإسلامية في كل من المغرب وتونس ومصر، وحتى في تركيا”.
وزاد الباحث المتخصص في تاريخ الحركة الإسلامية موضحا رأيه أن “قيادة الحركات الإسلامية بالدول المذكورة أضحت اليوم كاريزما مرتبطة بمشروعها الشخصي”، وأشار إلى أن “الحركة الإسلامية في تونس لم تكن جاهزة بالمطلق للسياسة، لأنها تفككت بسبب سياسة الإقصاء التي انتهجها الجنرال بن علي”.
وتابع التليدي: “حتى الإسلاميون في مصر لم يعهد لهم في التاريخ أن شاركوا في أي حكومة، واللحظة الذهبية التي كانت في تاريخهم هي ما يسمى الاندماج السياسي والوهج الثقافي والاجتماعي مع فترة السادات، التي تحولت في الثمانينيات إلى تحالف مع حزب العمل، وهو التحالف الذي لم يفض إلى شيء؛ فظل الاسلاميون في مصر دائما في خانة الحصار والمراقبة، وبالتالي لم يتمكنوا من أي تجربة أو وعي بخصوصية الدولة وكيف يتم الاشتغال داخل نسقها”.
أما بخصوص التجربة المغربية فسجل المتحدث أن “قيادة حزب العدالة والتنمية مطالبة بتقديم جواب صريح عن سؤال سبب إسقاط الإسلاميين، ولحظة ‘البلوكاج’ التي كانت محورية وتثير سؤالا أساسيا إلى حد الآن لم يتم الاجابة عنه من قبل قيادة الحزب”.
وأردف الباحث ذاته: “ما سبب السقوط؟ هل هو موقف من الدولة تجاه القيادة أو موقف من الدولة تجاه الحزب؟”، قبل أن يضيف: “إذا كان الأمر يتعلق بموقف الدولة تجاه القيادة فإن لحركة التوحيد والإصلاح سابقة في هذا الموضوع، حينما أعفت الدكتور أحمد الريسوني، حينما قدم اجتهادا حول إمارة المؤمنين، وأثار ردود فعل غاضبة سواء من الخارج أو من الداخل الحركي”.
وزاد المتحدث مفصلا: “كان الاجتهاد وتبين أن هذه مشكلة شخصية، وأبعد الريسوني لتبقى الحركة في حالة وئام مع الدولة، وهو ما تم بتقديم الرجل استقالته. أما إذا كانت المشكلة تتمثل في أن الدولة أصبحت ترى في هذا الحزب مهيمنا أو يريد أن يحقق بالسياسة ما لا تقبله الدولة، على الأقل في هذه المرحلة، فإن السؤال ينبغي أن يطرح على الأطروحة السياسية للحزب؛ الأمر الذي يمكن أن يسبب إحراجا لبنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الذي لم يبد أي موقف بشأن الاستمرار في قيادة الحزب خلال المرحلة المقبلة”.
المصدر: هسبريس