اخبار المغرب

الحدود المغلقة.. هل تخشى الجزائر من زوال ذريعة البوليساريو؟

منذ عام 1994، والحدود البرية بين المغرب والجزائر مغلقة، في قرار أحادي اتخذته الجزائر بعد حادثة تفجير فندق “أطلس أسني” بمراكش، والذي اتهمت فيه الرباط عناصر جزائرية بالضلوع فيه. لكن الزمن مرّ، وتبدّلت المعطيات الجيوسياسية، ولم تعد تلك الحجة التاريخية قائمة بذاتها لتبرير استمرار القطيعة. ما يثير التساؤل الآن هو: *لماذا ترفض الجزائر، رغم الدعوات المتكررة من الرباط والمجتمع الدولي، فتح الحدود مع المغرب؟*

الإجابة قد تكمن في عُمق معقد من الحسابات السياسية والعقائدية، لكن يلوح في الأفق عامل لا يمكن تجاهله: *ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.*

الجزائر، التي تؤوي فوق أراضيها مخيمات تندوف وتحتضن قيادة جبهة البوليساريو، بنت جزءاً كبيراً من خطابها الدبلوماسي على دعم ما تسميه بـ”تقرير مصير الشعب الصحراوي”. غير أن هذه الورقة تبدو اليوم في مهب الريح، خاصة مع توالي اعترافات دولية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وتنامي الدينامية التنموية في الصحراء المغربية.

في هذا السياق، يفرض التساؤل نفسه بحدة: *ماذا لو تمّ فتح الحدود؟ هل يكون ذلك مقدمة لهجرة جماعية لسكان مخيمات تندوف نحو الأراضي المغربية؟*

الواقع أن الكثير من المحتجزين في تندوف، الذين يعانون منذ عقود من التهميش والتوظيف السياسي، يتطلعون للالتحاق بأهلهم في الأقاليم الجنوبية للمغرب، حيث التنمية وفرص العيش الكريم. فتح الحدود قد يُسقط ورقة “اللاجئين” من يد البوليساريو، ويكشف للمجتمع الدولي أن هؤلاء الناس لم يكونوا سوى رهائن صراع إقليمي مُسيّس.

كما أن فتح الحدود سيُضعف عملياً أطروحة “الجمهورية الصحراوية” المزعومة، التي لا وجود لها إلا فوق التراب الجزائري وبدعم مالي وعسكري جزائري مباشر. ستكون الهجرة نحو المغرب بمثابة استفتاء شعبي حيّ، يختار فيه الناس واقع التنمية المغربية على أوهام الكيان الوهمي.

*فهل تخشى الجزائر هذا السيناريو؟*

ربما. ففتح الحدود لن يكون فقط قراراً سيادياً تقنياً، بل منعطفاً جيوسياسياً كبيراً يحمل في طياته احتمال تصفية قضية الصحراء بشكل غير مباشر. ولهذا قد تفضّل الجزائر إبقاء الوضع على ما هو عليه، متذرعة بتبريرات أمنية أو تاريخية، وهي في الحقيقة تتوجس من أن تصبح الحدود المفتوحة ممراً نحو حل يُنهي مشروع البوليساريو من جذوره.

لكن الشعوب، كما علمنا التاريخ، لا تُحبس خلف الجدران إلى الأبد.

*الحدود قد تُغلق بالجغرافيا، لكن لا يمكنها أن تُغلق الحقيقة.*

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *