بدأت واحات الجنوب الشرقي للمغرب تعاني من جديد من جفاف حاد، وباتت أعين الساكنة ترقب الغيث لإنقاذها من الزوال النهائي؛ فمناطق الواحات، التي تعتمد بشكل كبير على الزراعة والرعي، أصبحت في السنوات الأخيرة تواجه تحديات كبيرة بسبب نقص المياه، مما يهدد سبل عيش سكانها.

تشير معطيات وفرتها مصادر فلاحية لهسبريس إلى أن الواحات المغربية تغطي مساحة أزيد من 583.226 كلم مربعا، موزعة على 4 جهات: درعةتافيلالت، سوسماسة، كلميمواد نون، وجهة الشرق. وتمثل هذه المساحة حوالي 7 في المائة من إجمالي مساحة المغرب، وتضم حوالي 2 مليون نسمة، أي ما يناهز 7 في المائة من مجموع سكان المغرب.

مصادر في القطاعين الفلاحي والمائي بالجنوب الشرقي للمغرب ذكرت أن الوضع المائي في مناطق الواحات حرج، حيث تعتمد على الأمطار الموسمية التي أصبحت غير منتظمة بسبب التغيرات المناخية، مشيرة إلى أن هذا النقص في المياه يؤدي إلى تدهور المحاصيل الزراعية ونفوق المواشي وزوال الواحات، مما يزيد من حدة الفقر في المنطقة.

وفي حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، طالب سعيد مردوش، فلاح من واحات طاطا، قطاعات الداخلية والفلاحة والماء وأيضا وكالة تنمية مناطق الواحات بإنجاز سدود كبرى وصغرى ومتوسطة لاستغلال المياه في أوقات التساقطات المطرية، موردا أن هذه السدود ستساعد في تخزين المياه وتوفيرها للزراعة والرعي، مما سيساهم في إنقاذ المنطقة من الجفاف.

واستحضر المتحدث ذاته الفيضانات التي عرفها إقليم طاطا السنة الماضية، والتي تسببت في خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات والأراضي الفلاحية، ولم يكن لها أي نفع، بل بالعكس انسابت مياهها نحو الجزائر.

من جهته، قال عيسى أيت الحسين، فاعل بيئي من واحة زاكورة، إن الواحات أصبحت تعاني من جديد من الجفاف وندرة المياه، وشدد على ضرورة إنشاء السدود في مناطق الواحات، لأنها ستساعد في تخزين المياه وتوفيرها للزراعة والرعي، والحماية من الفيضانات، وتعزيز التنمية الاقتصادية في هذه المناطق بشكل عام.

وقال أيت الحسين، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن إنجاز السدود في المنطقة يواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك نقص التمويل وصعوبة الوصول إلى المنطقة وتحديات تقنية، مستحضرا بهذا الخصوص مسؤولية الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، التي قال إنها أصبحت غائبة بشكل نهائي في المجال الواحي في مقابل اهتمامها فقط بمناطق الأركان.

ومن الحلول الممكنة للتغلب على هذه التحديات، ذكر المتحدث ذاته “تعزيز التعاون بين الحكومة والمنظمات الدولية”، و”توفير التمويل اللازم لإنجاز السدود”، و”تعزيز البنية التحتية في المنطقة”، معتبرا أن “المؤسسة الوطنية التي لا تلعب دورها الرئيسي”، في إشارة إلى الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، “يجب إغلاقها أو تغيير من على رأسها وعلى رأس إداراتها الجهوية والإقليمية، وضخ دماء جديدة بها لتكون قادرة على مسايرة التطور والحاجيات”، بتعبيره.

وأجمع العديد من سكان مناطق الواحات بالجهات الأربع المعنية على أن السدود ستكون لها آثار إيجابية كبيرة على المنطقة، بما في ذلك “تعزيز التنمية الاقتصادية، وتحسين سبل عيش السكان، وحماية البيئة”، مؤكدين: “يجب على الحكومة والمنظمات الدولية العمل معا لإنجاز السدود في المنطقة، من خلال توفير التمويل اللازم وتعزيز البنية التحتية لضمان استدامة الواحات واستقرار سكانها”.

واتفقت تصريحات متطابقة للساكنة على أن العمل المشترك بين الحكومة والمنظمات الدولية ضروري لإنقاذ المنطقة من الجفاف وتعزيز التنمية الاقتصادية، وأن إنقاذ واحات الجنوب الشرقي للمغرب يتطلب إنجاز سدود لاستغلال المياه وتوفيرها للزراعة والرعي.

مصدر مسؤول، فضل عدم البوح بهويته للعموم، قال إن اللجنة المشتركة المكونة من وزارات الداخلية والفلاحة والماء، “تعمل على تنفيذ التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، التي أكد فيها على أهمية تنمية مناطق الواحات والجبل، وتحسين ظروف عيش سكانها”، مشيرا إلى أن “جلالة الملك شدد على ضرورة تعزيز البنية التحتية وتوفير الخدمات الأساسية في هذه المناطق، لضمان التنمية المستدامة والشاملة”.

وأضاف المصدر ذاته في تصريح لهسبريس: “نحن ملتزمون بتطبيق هذه التوجيهات، من خلال إنجاز مشاريع تنموية في مناطق الواحات والجبل، بما في ذلك إنجاز سدود كبرى وصغرى ومتوسطة لاستغلال المياه وتخزينها، كما نعمل على تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والشركاء المحليين لتحقيق هذه الأهداف”.

وأكد أن “تنفيذ هذه التوجيهات السامية ستكون له آثار إيجابية كبيرة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مناطق الواحات والجبل، وسيساهم في تحسين جودة الحياة للسكان وتعزيز الاستقرار في هذه المناطق”، بتعبيره.

المصدر: هسبريس

شاركها.