الجشع والمضاربة والجفاف أبرز التحديات
عدَّد خبراء وأكاديميون الإشكالات والتحديات والرهانات المنتظرة من مشروع قانون المالية برسم سنة 2025 على مستوى حماية القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة فيما يخص ضبط أسعار المواد الأساسية ومواجهة مستوى التضخم، واستمرار تعميم ورش الحماية الاجتماعية.
وأثار أساتذة جامعيون قضايا وإشكالات مرتبطة بالمسألة الاجتماعية في التوجهات العامة لمشروع قانون المالية 2025، والتدابير المتخذة لحماية وتعزيز القدرة الشرائية ومواجه التضخم، والإجراءات الجمركية والضريبية المرتبطة بذلك، إلى جانب إشكالية الاستدامة المالية، وعلاقة مشروع المالية بمخرجات الحوار الاجتماعي.
جاء ذلك في يوم دراسي نظمه فريق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بمجلس المستشارين، صباح اليوم السبت بمدينة طنجة، حول موضوع “مشروع قانون المالية 2025 وإشكالية حماية القدرة الشرائية”، بهدف تعميق النقاش حول مضامين مشروع المالية وتحليل مضامينه ذات الصلة المباشرة بالطبقة الشغيلة.
النعم الميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، اعتبر في تصريح لجريدة “العمق”، أن إشكالية القدرة الشرائية لا ترتبط فقط بالسياسات الحكومة، بل بالتغييات الجيوسيياسية الإقليمية والعالمية، وأيضا بالتغيرات المناخية كالجفاف، إلى جانب ظاهرة التضخم وغيرها.
وأوضح ميارة أن هذا اليوم الدراسي ركز على الاتفاقيات الاجتماعية ومآلها، مشيرا إلى أن الهدف كان هو مناقشة كيف يمكن للزيادة في الأجور، سواء في القطاع العام أو الخاص، ورفع الحد الأدنى للأجور، أن تساهم في حماية القدرة الشرائية أمام الجشع والمضاربات وتقلبات الأسواق الدولية وظاهرة الجفاف، وكيف يمكن حماية تلك الزيادات.
وشدد على ضرورة خلق توزان بين الاستثمار والإنفاق في الشأن الاجتماعي ضمن الدولة الاجتماعية، ضمن مشروع قانون المالية، في ظل رعاية ملكية خاصة بورش الحماية الاجتماعية، وفي ظل مناخ اقتصادي غير مستقر، لكن مع مناخ سلم اجتماعي مهم جدا من أجل البناء عليه لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، وفق تبعيره.
من جانبه، قال عبد اللطيف مستقيم، رئيس فريق الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بمجلس المستشارين، إن هذا اليوم الدراسي حول مشروع قانون المالية أصبح عرفا سنويا للاتحاد، مشيرا إلى أن اختيار زاوية القدرة الشرائية هدفه ملامسة مشاكل الطبقة الشغيلة والمستضعفة والهشة من المغاربة الذين يعانون من ارتفاع الأسعار.
وأضاف في تصريحه لـ”العمق”: “لا ننكر أهمية الإجراءات التي قامت بها الحكومة فيما يخص الدعم، لكن ليس لها تأثير مباشر على المواطن، فهذا الدعم لا يصل إلى المواطن، إذ هناك حلقة مفقودة بين الدعم والإجراءات وكل ما تقوم بها الحكومة، وبين المواطنين”.
وأوضح مستقيم أن هذه الحلقة المفقودة تتجسد في ما أسماها “طبقة تجار الأزمات من المضاربين والشناقة”، متسائلا بالقول: “كيف يُعقل أن تدعم لحكومة مادة ما ويشتريها المواطن بأغلى من ذلك، والزيادات في الأجور أصبحت غير كافية أمام تلك المضاربات”.
وأشار المتحدث إلى أن خير الدليل على هذه المضاربات هو الدعم الذي قدمته الحكومة في عملية شراء أضاحي العيد، والذي بلغ 500 درهم لكل رأس ماشية، في حين اشترى المواطنون الأضاحي بأسعار أغلى من السنة الماضية، لافتا إلى أن الاتحاد العام للشغالين طالب مرارا بعقوبات جزرية بحق المضاربين.
الإصلاح الضريبي والقدرة الشرائية
أشار نبيل بوشرمو، أستاذ المالية العمومية بكلية الحقوق المحمدية، إلى وجود أسباب بنيوية ساهمت في ارتفاع الأسعار بالمغرب، على رأسها ارتفاع صادرات المنتجات الفلاحية الأساسية، خاصة نحو الاتحاد الأوروبي والأسواق الإفريقية.
واعتبر بوشرمو أن هذا الارتفاع أثر بشكل واضح على قضية العرض والطلب بالمغرب، وأدى إلى ارتفاع الأسعار، لافتا إلى أن صادرات الطماطم، مثلا، زادت بأزيد من 500 في المائة خارج نظام الكوطا المتفق عليها مع الاتحاد الأوروبي، و90 في المائة للفواكه الصغيرة، وأزيد من 19 في المائة بالنسبة للبواكر.
إلى جانب ذلك، أشار المتحدث إلى وجود شريحة من التجار والشركات التي تعمل على الاحتكار، واصفا إياهم بـ”تجار أزمات”، لافتا إلى أن هذه الممارسات تخلف مؤشرات سلبية على مستوى المعيشة، خاصة بالنسبة لذووي الدخل المحدود.
وأبرز الخبير في المالية العمومية أن الحكومة في مواجهتها لهذا الوضع، لم تخرج عن توصيات البنك الدولي، خاصة ما يخص ارتفاع التضخم، حيث كانت أهم توصيات البنك الدولي تتجلى في تنفيذ حزمة اجتماعية، ورفع سعر الفائدة المرجعي، وتخصيص جزء من الحزمة الاجتماعية للفئات الهشة، والإعفاء الضريبي لمحدودي الدخل، ودعم فواتير الطاقة، والإعانات والمعاشات.
وفي هذا السياق، كشف بوشرمو أن الحكومة لم تخرج عن هذه التوصيات، من خلال استمرارها في دعم المواد الأساسية عبر صندوق المقاصة (105 مليار درهم خلال 3 سنوات)، وأجرأة مخرجات الحوار الاجتماعي والقطاعي.
كما اعتمدت الحكومة الإعفاء الضريبي للفئات ذات الدخل المحدود، وتخصيص دعم استثنائي لمهنيي الشغل، ودعم المكتب وطني للماء والكهرباء لضبط أسعار الطاقة (44 مليار ما بين 2022 و2024)، إلى جانب مكافحة أثار الجفاف على مستوى القطاع الفلاحي والمواشي، وفق المتحدث.
ورغم ذلك، يرى بوشرمو أن تجاوز الأزمة يتطلب خطوات أخرى أكثر وقعا، من خلال ضرورة التدخل لخفض الأسعار، وإصلاح النظام الضريبي في إطار القدرة والتضامن، وتخيض الضريبة على الدخل للمنتوجات الأكثر استهلاكا، وتسقيف الأسعار، خاصة المحروقات، والزيادة في أجور الموظفين بما يتماشى مع مستوى التضخم، وفق ماهو معمول به في ألمانيا والأرجنتين على سبيل المثال.
وحذر من أن المغرب يسير إلى التحول نحو دولة ضريبية بامتياز، في ظل ارتفاع الضريبة على الاستهلاك الداخلي (على رأسها الضريبة على الدخل TVA)، وسط مخاوف من انتقال الإشكالية الكبرى بالمملكة من الإجهاد المائي إلى الإجهاد الضريبي بالنسبة للمواطنين، والارتياح الضريبي للدولة.
ونبه الخبر المالي إلى أن هذا التوجه سيؤثر بشكل رئيسي على الأسعار، خاصة أن المغرب متأخر في مؤشر الشفافية المالية دوليا
وشدد في هذا الإطار على ضرورة مراجعة قانون حرية الأسعار والمنافسة، وهو القانون الذي اعتبر أنه لا يُفعل بالكيفية التي يجب، ويعتريه مشكل سياسي، إلى جانب إشكالية قانونية مرتبطة باختصاصات الأجهزة المراقباتية التي لا تعمل إلا في شهر رمضان، حسب قوله.
تحديات المالية العمومية
من جانبه، استعرض رشيد الموساوي، أستاذ المالية العمومية بكلية الحقوق بطنجة، التحديات التي تواجهها المالية العامة للدولة، على رأسها مشكل التمويل، مشيرا إلى أن البرامج الاجتماعية مكلفة جدا، على اعتبار أن الفئات الاجتماعية الهشة ليست لها القدرة على تحمل تلك الخدمات، وبالتالي كلفتها على عاتق الدولة.
وأشار الموساوي إلى كلفة الاستثمارات التي يقبل عليها المغرب لتنظيم استحقاقات دولية وقارية بارزة، على رأسها كأس العالم 2030، وكأس إفريقيا 2025، مشدا على أنه لا يجب النظر إليهما فقط من حيث المشاريع الرياضية، بل من حيث تحديث البنية التحتية ومنظومة النقل وتأهيل النسيج الحضاري، وهو ما سيكلف أموالا كبيرة.
إلى جانب ذلك، كشف المتحدث أن الاستثمار العمومي يعد من بين تحديات المالية العامة للدولة، مشيرا كمثال على ذلك، كلفة المشاريع التي ستشرف عليها وكالة تأهيل منطقة الأطلس الكبير في مناطق الزلزال، وما تتطلبه من موارد مالية كبيرة.
كما أبرز تحدي التحولات المناخية وتأثيراتها المباشرة على الإنتاج الفلاحي، وبالتالي تأثيرها على الأسعار، موضحا أن التحولات المناخية ستدفع المغرب لتغيير سياسته تجاه قطاعي الماء والفلاحة، خاصة في ظل مشاريع ربط الأحواض المائية وبناء سدود جديدة ومحطات تحلية مياه البحر في أغلب مناطق المغرب، وهي مشاريع ذات كلفة مالية كبيرة جدا.
في نفس السياق، لفت الخبر المالي إلى أن نسبة الاستثمار بالمغرب مرتفعة مقارنة بدول أخرى، لكن جزءه الأكبر يخص الاستثمار العمومي الموجه للبنية التحتية والخدمات الأساسية، مشيرا إلى أن هاك نقاشا بالمغرب حول تحويل الاستثمار العمومي إلى الاستثمار في الإنتاج.
وشدد على أن الهدف الأساسي هو تحسين حياة المواطنين، والذي لن يتم فقط عبر المساعدات الاجتماعية المباشر، بل العمل على استثمار يوفر فرص الشغل للمغاربة، منبها إلى أن المغرب لا يجب أن يضيع فرصة بنيته الديمغرافية التي تتصدرها حاليا فئة الشباب، من أجل توسيع الاستثمار القائم على الإنتاج وتوفير فرص الشغل.
وأشار إلى وجود حدِّ آخر مرتبط بكيفية استدامة المالية العامة، معتبرا أن لامناص من الحفاظ على التوازنات المالية والماكرواقتصادية، والتي تحافظ على مصداقية الدولة في السوف العالمية، وذلك عبر 3 تحسين المداخيل العادية، خاصة الضريبية، وتجاوز عجز الميزانية العامة والتحكم في المديونية العامة.
كما شدد على ضرورة إصلاح نظام الضريبة على الدخل حتى تتماشى مع الوضع المعيشي ومستوى الدخل ومستوى الضخم، مشيرا في هذا الصدد إلى أن فرنسا لديها سياسية ضريبية تخفف العبء عن العائلات، داعية إلى اعتماد إصلاح ضريبي يراعي إكراهات الأسر المغربية.
وخلص الموساوي إلى أن السياسة الجمركية هدفها الرئيسي هو حماية النسيج الاقتصادي الوطني من المنافسة الشرسة، كشرط من شروط الإقلاع الاقتصادي والصناعي وتحقيق السيادة الاقتصادية، إلى جانب تحقيق مداخيل وموارد إضافية لميزانية الدولة.
حصيلة وتحديات الحماية الاجتماعية
وخلال نفس اليوم الدراسي، استعرضت ضياء السمن، أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بتطوان، حصيلة تنفيذ ورش الحماية الاجتماعية وإشكالية الاستدامة المالية، مشيرا إلى ان تكلفة تعميم الحماية الاجتماعية بلغت 51 مليار درهم، موزعة ما بين آلية قائمة على الاشتراك بـ28 مليار درهم، وآلية قائمة على التضامن بـ23 مليار درهم للذين لا يستطيعون أداء الاشتراكات.
وأوضحت بخصوص آليات تمويل ورش الحماية الاجتماعية المرتبطة التضامن، أنها تتم من خلال مخصصات من الميزانية، إلى جانب العائدات الضريبية المخصصة لتمويل الحماية الاجتماعية.
وبخصوص مؤشرات تنزيل ورش الحماية الاجتماعية إلى حدود يونيو 2024، أشارت السمن إلى وجود تقدم ملموس في تنزيل الورش على مستوى التغطية الصحية بنسبة 80 في المائة، وبـ70 في المائة على مستوى الدعم الاجتماعي 70، فيما يبلغ مستوى تقدم ورشة التقاعد 50 في المائة.
وكشفت أن التسجيل في السجل الاجتماعي الموحد عرف تطورا كبيرا منذ انطلاقه سنة 2021 وإلى غاية السنة الجارية 2024، حيث تجاوز العدد 18.9 مليون شخص مسجل، إلى جانب تسجيل أزيد من 21 مليون شخص في السجل الوطني للسكان، وهي الأرقام التي اعتبرتها المتحدثة تساهم في تحسين برامج الدعم الاجتماعية بالمملكة.
وبالنسبة لمشروع قانون المالية 2025، فقد تضمن، وفق السمن، تعهدات عديدة فيما يخص ورش الحماية الاجتماعية، ضمنها إحداث وتأهيل المراكز الاستشفائية، وتثمين وتحفيز الموارد البشرية في قطاع الصحة عبر تنزيل قانون الوظيفة الصحية وإحداث مناصب شغل جديدة برسم السنة المالية 2025.
وأبرزت الأستاذة الجامعية في عرضها، الرهانات الأساسية من ورش الحماية الاجتماعية، من خلال جعله دعامة أساسية لاستقرار الطلب الكلي أثناء فترات الأزمات الاقتصادية، واعتباره من المكونات الأساسية للسياسات الهادفة إلى تقليص التفاوتات بين الشرائح الاجتماعية، إلى جانب تحقيق عدالة اجتماعية من خلال التفاعل والتناسق والتكامل بين السياسة الضريبية والإنفاقية.
وفيما يخص تحديات الاستدامة المالية لهذا الورش، فقد لخصتها السمن في التحديات الضريبية، والاقتصاد غير المهيكل، وارتفاع التكاليف المالية للحماية الاجتماعية بفعل شمولية البرنامج وارتفاع تكاليف الرعاية الاجتماعية، إلى جانب الشيخوخة وتزايد أعداد المستفيدين بفعل ارتفاع البطالة وعدم استقرار الوظائف لدى فئة الشباب.
كما يبرز الاعتماد على الدعم الحكومي المتزايد وارتكاز الورش على الميزانية بشكل كبير، كأحد أبرز التحديات، مما يجعل احتمالية تأثير الأزمات الاقتصادية على تمويل البرامج الاجتماعية قائم، بجانب ارتفاع معدلات التضخم التي ستؤدي إلى تآكل القيمة الشرائية للإيرادات التي تخصصها الدولة، وتجعلها مضطرة إلى الرفع من الدعم الحكومي، وهو ما سيثقل ميزانية الدولة.
وأشارت أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق بتطوان، كذلك، إلى ضعف الرقابة والشفافية كسبب أساسي لهدر الموارد أو توجيهها لغير المستحقين، معتبرة أنها يمكن تجاوز هذا الوضع مع خلال اعتماد نظام معلوماتي شفاف.
وخلصت إلى أن سبل الاستدامة المالية لورش الحماية الاجتماعية، تتجسد في إصلاح النظام الضريبي، عبر الوعاء الضريبي، وإدماج الاقتصاد غير المهيكل ببرامج تحفيزية، مع تحسين كفاءة صناديق الحماية الاجتماعية، وضمان الاستمرارية في تطوير دعم الحماية، وتنويع مصادر التمويل.
مشروع المالية والحوار الاجتماعي
عبد الحي الغربة، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق المحمدية، اعتبر في مداخلته لهذا اليوم الدراسي أن السياق الدولي حاضر بقوة ضمن السياقات المؤطرة لمشروع قانون المالية الجديد، موضحا أنه لا يمكن لأي دولة أن تكون لها سياسة مالية بمعزل عن الوضع الدولي، خاصة المرتبط ما يخص الأمن الطاقي والفلاحي وغيرها.
ويرى الغربة أن السمة البارزة على مستوى السياق الدولي، هو الاضطرار وعدم اليقين في الأرقام الدولية، وهو ما يؤثر على المستوى الوطني، موضحا أن هذا المعطى يفسر مواقف المغرب تجاه الأزمات الدولية الجارية، سواء من خلال التزام الصمت أحيانا، أو تبني الحياد، أو التدخل بحكمة ورزانة في مواقف أخرى، فكل موقف له تأثير على السياسات والوضع الاقتصادي، حسب قوله.
وأشار المتحدث إلى أن سمة السياق الوطني تتعلق بالارتباط والتأثر، وأيضا بالاستدامة المالية، وذلك من خلال التحولات المناخية والجفاف وتأثيره على الإنتاج الفلاحي، وخاصة قطاع الحبوب.
وأبرز في هذا الصدد أن الاقتصاد الوطني فقد 215 ألف منصب شغل في 2023، و202 ألف في 2022، إلى جانب ارتفاع مستوى التضخم ومعدل البطالة، معتبرا أن التحسن الذي تبديه الحكومة على مستوى معدلات النمو يشير إلى أن المغرب في موقع إيجابي، ولكنه يبقى في موقع التأثر من خطر الأزمات الدولية.
وفي علاقة مشروع المالية 2025 مع تنزيل مخرجات الحوار الاجتماعي، تساءل الغربة عن عملية مأسسة الحوار الاجتماعي، باعتبارها تحتاج إلى قانون مؤطر أم فقط إلى احترام والتزام الحكومة كفاعل أول في الحوار الاجتماعي، مشيرا كذلك إلى إشكالية تعبئة الموارد المالية في هذا الصدد.
وعلى المستوى التشريعي أبرز أن هناك عدة أوراش تحسب للحوار الاجتماعي، من بينها مشروعي قانون الإضراب والتقاعد، مشددا على أن المسؤولية السياسية حاضرة بقوة في هذه الأوراش، سواء من طرف الحكومة أو المعارضة أو الفرقاء النقابيين والمهنيين.
إلى ذلك، حذر المتحدث من التطور مرتبط بالمديونية ورهن الأجيال المقبلة لثقل المديونية، متسائلا عن إشكالية الإعفاءات الجبائية بالمملكة، لافتا إلى أن هذه الإعفاءات في القطاع الفلاحي تبقى بدون أي تأثير، كما أن الإعفاءات الرياضية تفرض نفسها بقوة كنقاش عمومي مع اقتراب تحدي المونديال، خصوصا الإعفاءات على مستوى الشركات الرياضية، والإعفاءات على الدخول الرياضية، وفق قوله.
الالتزام الإيجابي للدولة
أحمد البوز، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق السويسي بالرباط، اعتبر أنه مفروض على الدولة الالتزام الإيجابي فيما يتعلق بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، مشددا على أن القانون الدولي ينص على التنزيل التدريجي لتلك الإجراءات، رغم استغلال بعض الدول لهذا المبدأ في التنصل من التزاماتها.
وأبرز البوز أن القانون الدولي مرن في التعامل مع الدول التي ليست لها الإمكانيات لتنزيل تلك الحقوق، لكنه يرفض ممارسة الحيل للتنصل من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع.
وفي تعليقه على النقاش الجاري حول مشروع قانون الإضراب، قال البوز إن صيغته الحالية معيبة، مضيفا: “لا يُعقل أن هذه الوثيقة هي الوحيدة التي لم تُعتمد منذ سنة 1962، وكان يجب أن تعتمد في الولاية الحكومية الأولى خلال عهد الدستور الجديد”.
وتابع المحلل السياسي قوله: “إذا بقيت الصيغة الحالية فسيكون الأمر متعلق بقانون تنظيمي لعدم الحق في الإضراب وليس الحق في الإضراب” على حد وصفه.
واعتبر أن عدم قبول الحكومة أحيانا لمبادرات ومقترحات الفرق البرلمانية “أمر غير قانوني”، مشددا على أنه مطلوب من الحكومة الاعتراض على تلك المقترحات في المناقشة وليس رفض من أساسها.
المصدر: العمق المغربي