يواصل ملف “هدم مساكن حي المحيط” إثارة الانقسام داخل صفوف مكونات مجلس جماعة الرباط، مع تجدد اتهامات المعارضة بـ”غياب الأسس القانونية”، وإجبار الملاك على قبول أثمنة منخفضة.
وقال فاروق مهداوي، مستشار جماعي عن فريق فيدرالية اليسار الديمقراطي، إن هنالك تساؤلات مستمرة حول هذا الموضوع، هي: “من هو الراعي الحقيقي لهذا المشروع؟ هل هي وزارة الداخلية أم مديرية أملاك الدولة أم جهات أخرى؟ وإذا كان الشراء بالتراضي، لماذا لم ينعقد أي مجلس للعقد على الوجه السليم كما يفترض قانون الالتزامات والعقود ذلك ومدونة الحقوق العينية؟”.
وفي تدوينة له عبر حسابه الرسمي بـ”فيسبوك” أضاف المهداوي أن “مشكل السطو على أراضي المواطنين والمواطنات، بذريعة وجود ‘منفعة عامة’، أصبح سمة عامة للدولة المغربية في مختلف المناطق”.
وتابع: “لم تكتف بنزع الملكية وفق ما يحدده القانون 7.81، بل شرعت في إعداد ترسانة قانونية هدفها الأساس هو المساس المباشر بالحق في الملكية الخاصة”.
واتهم المتحدث هدم مساكن حي المحيط بـ”السطو على عقارات الملاك، التي تقدر قيمتها بملايين، بل بمليارات الدراهم في بعض الحالات”، وزاد: “كل هذا يتم باسم القانون والمنفعة العامة، ليتبين لاحقا أن العقارات فوتت للخواص المحظوظين والمقربين من دوائر القرار الاقتصادي، وأحيانا السياسي، لإنجاز مشاريع خاصة تدر أرباحا ضخمة”.
وأردف قائلا: “الدولة أصبحت تلجأ بشكل متزايد إلى ‘التراضي’، الذي يتم في الغالب عبر ضغوط تمارسها السلطات العمومية، خصوصا مصالح وزارة الداخلية، على المواطنين لبيع أراضيهم بأثمان غير مناسبة، عوض اللجوء إلى مسطرة نزع الملكية، التي تتركها الدولة كخيار ثان بسبب كلفتها المالية العالية، وفي بعض الحالات، يتم المرور إلى مرحلة الاعتداء المادي كخيار ثالث”.
وتابع مهداوي: “إن الضغط الذي مارسته السلطة المحلية على الملاك العقاريين مكنها من السطو على العديد من العقارات بالمنطقة، ومنحها امتيازا واضحا وتقدما ميدانيا، من خلال فرض أمر الواقع على باقي ساكنة المنطقة. فلا صوت يعلو على صوت الجرافات وآليات الهدم، ولا حديث في أزقة ومقاهي حي المحيط إلا عن العمارة أو المنزل الذي شمله الهدم بعد سابقه”.
وأشار المستشار الجماعي إلى أنه لا يمكن إنكار أن هذا الضغط الممارس على الساكنة “قد تباين من فترة إلى أخرى، بل واختلف من شخص إلى آخر، ولم تعتمد السلطة المحلية معيارا واحدا في تدبير هذا الملف، بل اختارت أساليب متعددة، وتم تمكينها من كافة الوسائل المادية واللوجستية والدعم السياسي لتنفيذ هذا المخطط المريب، وقد نجحت في نهاية المطاف في تفكيك وحدة الساكنة، ونالت ما أرادت”، وفق تعبيره.
وتساءل: “لماذا لم يتم نزع ملكية جميع العقارات الواقعة على تراب حي المحيط ضمن المنطقة المشمولة بالقرار ما دام أن جميع المباني بهذه المنطقة يتم هدمها؟ لماذا لا يزال ممثلو السلطة المحلية يهددون أصحاب العقارات الذين رفضوا البيع باللجوء إلى مسطرة نزع الملكية مجدداً؟ لماذا تستمر السلطة في الضغط على المواطنين لبيع ممتلكاتهم بأثمان بخسة رغم وجود مسطرة قانونية واضحة؟”.
هسبريس نقلت هذه الأسئلة إلى مصدر مسؤول بأغلبية جماعة الرباط، الذي اتهم المعارضة بشن “تسخينات انتخابية”.
وقال المصدر ذاته إن جل الملاك “وقعوا بشكل سلس ودون أن يجبرهم أي أحد على وثائق تسليم ملكيتهم”، مشيرا إلى أن ساحل حي المحيط يظهر خروج عدد كبير منهم.
وأضاف: “عهدنا منذ سنوات من فيديرالية اليسار توجيه اتهامات باطلة لنا”، معتبرا أن التسابق الانتخابي مرفوض في ملف يهم مصلحة المواطن.
في تدوينته السابقة، قال فاروق مهداوي إن “السلطة المحلية وحدها من تتكلف بكل إجراءات التفاوض إلى تحديد التعويض وصولا إلى إخلاء المباني والهدم، هذا إن سلمنا بمشروعية وجود منفعة عامة بالشكل الذي يتطلبه القانون” وفق قوله.
وزاد: “لهذا، فإننا نكون أمام أكبر عملية احتيال على القانون، عبر ضرب اللجان المحددة قانونا، واستيلاء السلطة المحلية على اختصاصات ليست من صميمها”، موردا: “أما إذا كان الشراء بـ’التراضي’، فإن مجلس العقد كما حدده قانون الالتزامات والعقود ظل منعدما في جميع العقود المبرمة مع الملاك العقاريين، مما يجعل هذه العقود باطلة، ناهيك عن خرق جل الشكليات القانونية المتطلبة في إبرام التصرفات العقارية”.
المصدر: هسبريس