الجامعي ينتقد موقف العدالة والتنمية من الإعدام ويصفه بالضيق وغير العلمي
انتقد النقيب السابق عبد الرحيم الجامعي موقف حزب العدالة والتنمية من توجه المغرب نحو إلغاء عقوبة الإعدام، ووصف المفهوم المعبر عنه في بلاغ الأمانة العامة للحزب بالضيق والغير علمي، مؤكدا أن هذا الفهم يعيق تقدم الفكر الحقوقي في المغرب.
واعتبر الجامعي في رسالة للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، أن موقف الحزب من التصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام، مشيراً إلى أن الرفض المستمر لهذا القرار يعكس موقفًا سياسيًا يفقد المغرب فرصة الانضمام إلى المجتمع الدولي في الإلغاء النهائي للعقوبة.
وشن الجامعي هجوما لاذعا على موقف الحزب، موضحا أن الإعدام لا يقدم أي ردع فعال للجريمة، وهذا ما تدعمه الأبحاث العلمية والدراسات الحقوقية في مختلف دول العالم. وأشار إلى أن عدم تنفيذ العقوبة في المغرب منذ ثلاثين عامًا هو قرار سياسي، وليس منعًا قانونيًا.
وردا على الحجج التي قدمها بلاغ الحزب حول فكرة القصاص وتركيزها على المرجعية الإسلامية، أوضح الجامعي أن هذا الموقف يشكل نوعًا من الدعوة للعدالة الشعبوية، ويغذي الفوضى في المجتمع من خلال الدعوة إلى الانتقام والتشدد، داعيا حزب العدالة والتنمية إلى مراجعة موقفه من قضية الإعدام، مؤكدًا أن هذه العقوبة تفتقر إلى الشرعية الحقوقية والقانونية في المجتمعات الحديثة.
وكان بيان أصدرته الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أعقب اجتماعها الاستثنائي المنعقد يوم الثلاثاء 10 دجنبر، قد أكد موقف الحزب “المبدئي والثابت من عقوبة الإعدام في الجرائم الأشد خطورة والمتعلقة بالقتل العمد والاعتداء على الحق في الحياة، والتي تمكن من القصاص المنصوص عليه في القرآن الكريم لما يحققه من شعور بالإنصاف للمجتمع ولذوي حقوق ضحايا الجرائم الأشد خطورة التي تهز الرأي العام وتصدم الشعور الجماعي، وهو ما تسهم هذه العقوبة في تهدئة روعه، فضلا عن الوظيفة الردعية التي تحققها”.
يأتي ذلك بعد أن أعلن وزير العدل، عبداللطيف وهبي، عن توجه المملكة المغربية نحو الإلغاء التدريجي لعقوبة الإعدام، في خطوة تعكس التزام البلاد بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. واعتبر هذا القرار بمثابة انعكاس للتقدم الكبير الذي أحرزته المملكة في مجال حماية حقوق الإنسان، حيث صرح بأن الحكومة ستصوت لأول مرة لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام، مما يمثل خطوة تاريخية نحو تعزيز ثقافة حقوق الإنسان على الصعيدين الوطني والدولي.
وأوضح وهبي أن المغرب لم ينفذ عقوبة الإعدام منذ عام 1993، وأن التصويت المنتظر في 15 دجنبر الجاري يعكس التزام المملكة بعدم تنفيذ هذه العقوبة طيلة فترة التصويت، والتي تمتد لسنتين. وأشار إلى أن المملكة كانت قد امتنعت عن التصويت على قرارات مماثلة في السنوات السابقة، لكن منذ عام 2020 أبدت دعما للتعديلات المتعلقة بهذه القضية، في خطوة تعكس التفاعل الإيجابي مع توصيات الآليات الأممية.
من جهتها وصفت منظمات حقوقية، قرار الحكومة بأنه مكسب حقوقي كبير وخطوة دستورية وسياسية إيجابية. وأكدت هذه الشبكات أن القرار يمثل انتصارًا لسنوات من النضال والحوار بين الفعاليات الحقوقية والسياسية والمجتمعية، مما يعكس نضجًا ثقافيًا وفكريًا ومسؤولية وطنية.
وشدد المنظمات في رسالة لرئيس الحكومة، عزيز أخنوش، على أهمية أن يتبع هذا القرار خطوات عملية تشمل المصادقة على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والانضمام إلى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. كما دعت إلى إصدار عفو شامل عن المحكومين بالإعدام وتحويل عقوبتهم إلى عقوبات بديلة.
وتضم المنظمات الموقعة، على الرسالة، التي توصلت بنسخة منها، كل من الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، شبكة المحاميات والمحامين ضد عقوبة الإعدام، وشبكة الصحفيين والصحفيات ضد عقوبة الإعدام، وشبكة نساء ورجال التعليم ضد عقوبة الإعدام، شبكة المقاولات والمقاولين ضد عقوبة الإعدام
وأشادت الشبكات الموقع بالجهود التي بذلتها المؤسسات التشريعية في دفع هذا الملف إلى الواجهة. وأكدت هذه الشبكات عزمها على مواصلة العمل حتى يتم الإلغاء النهائي لعقوبة الإعدام، معتبرة أن هذا التوجه يشكل مدخلًا أساسيًا لتعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان في المغرب.
مع اقتراب التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، تأمل المنظمات الحقوقية أن يُترجم هذا الموقف إلى إجراءات ملموسة على المستوى الوطني، مما يؤهل المغرب ليكون نموذجا يحتذى به في المنطقة المغاربية. كما أن تنظيم المؤتمر العالمي القادم لإلغاء عقوبة الإعدام في المغرب سيشكل فرصة لتعزيز الحوار حول السياسات الجنائية والتنمية المستدامة.
المصدر: العمق المغربي