جدد أفراد الجالية المغربية المقيمة في ليبيا مطالبهم بالتدخل العاجل لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، من خلال السلطات القنصلية في هذا البلد، من أجل ترحيل عدد من السجناء المغاربة من المؤسسات السجنية الليبية إلى المغرب لاستكمال مدة محكوميتهم، خاصة كبار السن، بما يضمن قربهم من عائلاتهم وينقذهم من الأوضاع غير الإنسانية التي يعيشون فيها داخل السجون النظامية في ليبيا.

وانتقد مغاربة ليبيا، الذين تحدثوا لجريدة هسبريس الإلكترونية في هذا الشأن، ما وصفوه بـ”التهميش والإقصاء” الذي يعاني منه السجناء وأفراد الجالية عموما من طرف القنصليات المغربية في هذا البلد، التي أعابوا عليها عدم تدخلها الجاد في هذا الملف وتقاعسها في القيام بواجب الترافع لدى السلطات الليبية من أجل ضمان حقوق السجناء المغاربة وتمكينهم من الاستفادة من الدعم القنصلي والقضائي المنصوص عليه في الاتفاقيات الثنائية المبرمة بين البلدين.

وفي أوائل يوليوز من العام 1998، وقّع المغرب وليبيا اتفاقية في شأن مساعدة الأشخاص المعتقلين أو المحبوسين ونقل المحكوم عليهم إلى وطنهم، تنص على تقديم المساعدة القنصلية والقضائية للمعتقلين في كلا البلدين وتحدد شروط تمكين المحكومين منهم بعقوبات سالبة للحرية من قضاء عقوبتهم داخل وطنهم بغية تسهيل إعادة اندماجهم في مجتمعهم. كما يعد البلدان أيضا جزءا من اتفاقية للتعاون القانوني القضائي وُقعت بين دول الاتحاد المغاربي سنة 1993.

محمد حسن الواثق، المدير التنفيذي لجمعية “الصداقة الليبية المغربية”، قال إن “عددا من المواطنين المغاربة المعتقلين في السجون النظامية الليبية يعيشون أوضاعا كارثية لا يمكن السكوت عنها”.

وأضاف الواثق، في حديث مع هسبريس، أن “ما يزيد الطين بلة هو التقصير الواضح من طرف القنصليات المغربية في متابعة أوضاع هؤلاء السجناء والدفاع عن حقوقهم أمام السلطات الليبية؛ وهو ما يضاعف معاناتهم، ويجعلهم يشعرون بالإهمال والتهميش من قبل ممثلي دولتهم”.

وأكد المدير التنفيذي لجمعية “الصداقة الليبية المغربية” أن “هناك عائلات في المغرب مستعدة لتحمل كامل تكاليف ونفقات نقل أبنائها المسجونين في ليبيا إلى أرض الوطن لاستكمال عقوبتهم؛ غير أنه لا توجد أية مساعدة في هذا الجانب من طرف السلطات القنصلية التي يجب عليها أن تتوفر أولا على قائمة بأعداد السجناء المغاربة في ليبيا وطبيعة التهم الموجهة إليهم، وأن تترافع لدى السلطات الليبية من أجل نقلهم إلى بلادهم، خاصة الذين يعيشون وضعا خاصا أو أمضوا مدد طويلة داخل السجون”.

وتابع الفاعل الجمعوي ذاته أن “الجالية المغربية في ليبيا مستاءة كثيرا من تقصير السلطات القنصلية المغربية في متابعة هذا الملف رغم وجود سند قانوني له، وفي عديد الملفات أيضا، وكأن من مهامها فقط إصدار الوثائق وتجديد البطاقات الوطنية أو جوازات السفر”، موضحا أن “غياب أي مكتب للجالية يقوم بالدفاع عن حقوق ومطالب المغاربة في ليبيا يزيد من مفاقمة وضع الجالية المتروكة وحيدة تواجه مصيرها”.

في سياق ذي صلة، قال محمد جغلاف، مغربي مقيم في ليبيا، إن “السلطات المغربية، من خلال وزارة الشؤون الخارجية عبر قنصليتي بنغازي وطرابلس، مدعوة إلى التحرك الفعال لمعالجة ملف السجناء المغاربة في ليبيا الذين قضوا مدة طويلة داخل السجون، من أجل تنقيلهم إلى المغرب أو إعفائهم أو أية صيغة أخرى تضمن كرامتهم الإنسانية وتصون حقوقهم”.

وأكد جغلاف، في حديث مع لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن ملف ترحيل السجناء المغاربة من المؤسسات السجنية الليبية إلى المغرب لاستكمال مدة محكوميتهم، خاصة كبار السن، “يتطلب متابعة مستمرة من القنصليات المغربية في ليبيا”.

وتابع المتحدث ذاته: “للأسف، هناك العديد من المواضيع المتعلقة بالجالية المغربية في ليبيا وبالمشاكل التي تعانيها، والتي لا تحظى بأي اهتمام من طرف السلطات القنصلية، التي تكتفي فقط بمعالجة الملفات الروتينية والإدارية دون أي تدخل فعلي أو ترافع لحماية حقوق المواطنين المغاربة أو متابعة أوضاعهم الإنسانية أو القانونية على الأراضي الليبية”.

من جهته، أوضح عبد العالي مصباحي، فاعل جمعوي مغربي في مدينة بنغازي الليبية، أن “أوضاع الجالية المغربية في ليبيا، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي، عرفت تدهورا كبيرا منذ سقوط نظام القذافي، إذ يعاني مغاربة ليبيا من مجموعة من الصعوبات والإشكالات التي كانت موضوع إهمال من طرف السلطات المغربية، إلا بعد الجهود والمبادرات التي برزت مؤخرا والتي لا تزال غير كافية لمواجهة حجم المشاكل التي تعانيها الجالية منذ أكثر من عقد من الزمن”.

وأضاف مصباحي، في حديث مع هسبريس، أن “موضوع السجناء المغاربة في ليبيا لا يزال موضوعا معقدا للغاية، خاصة في ظل وجود سجناء سواء مغاربة أو حتى ليبيين يُجهل مكان وجودهم أو أسباب اعتقاله؛ ما يزيد من صعوبة متابعة أوضاعهم وحمايتهم”.

وأشار الفاعل الجمعوي المغربي المقيم بمدينة بنغازي الليبية إلى أن “هذا الملف يسبب أيضا نوعا من الإحراج للسلك الدبلوماسي المغربي في ليبيا؛ وهو ما يفسر في اعتقادي إهمال هذا الملف”.

وأبرز المتحدث عينه أن “الانقسام الحاد وعدم الانسجام في سياسات المؤسسات الليبية في الشرق والغرب يعد عاملا إضافيا يعقد ملف السجناء المغاربة في السجون الليبية، إذ تركز السلطات الليبية في الوقت الحالي على تثبيت الأمن والاستقرار وعلى الأولويات الداخلية؛ وبالتالي فإن ملف المغاربة ليس من ضمن أولوياتها، ويبقى الرهان على أجهزة الدبلوماسية المغربية في الضغط على هذه السلطات لضمان حماية حقوق رعاياها”.

المصدر: هسبريس

شاركها.