التوتر يتصاعد بين موظفين وإدارة المقاومين
تستمر فصول التصعيد والتوتر بين إدارة المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وموظفين منتمين إلى إطار “النقابة الوطنية لموظفي قطاع المقاومة (UMT) “؛ بعد رفض الأخيرة المتابعات التأديبية التي تعرّض لها ثلاثة نقابيين منضوين تحت لوائها، وبعد سلسلة احتجاجات وإضرابات أواخر ماي الماضي.
وعلمت جريدة هسبريس الإلكترونية أن جلسات متوالية للمجلس التأديبي للمندوبية (انعقدت أيام 2 و9 و16 يونيو الجاري) اقترحت عقوبة “الحرمان المؤقت من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية لمدة ستة أشهر” في حق الموظفيْن عثمان سركوح ومحمد الحداوي، بينما طالت عقوبة “التوبيخ” سمير زيمري، وهو موظف من فئة الأشخاص في وضعية إعاقة.
بيان مطول وشديد اللهجة صدر بحر هذا الأسبوع عن النقابة المذكورة، أدان ما اعتبره “شططا في استعمال السلطة الإدارية والتمادي في تعطيل القانون والتصرف حسب الأهواء وإظهار مشاعر العداء الذي يمارسه المسؤول الأول عن القطاع”.
ونددت النقابة في بيانها، الذي توصلت بنسخته، ما أسمته “المجازر الحقوقية في حق مناضليها المحالين على المجالس التأديبية الصورية”، مشيرة إلى أنها “رِدة حقوقية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لم تُحترم فيها أبسط الحقوق كقرينة البراءة ومبدأ شرعية المتابعة وضمانات الدفاع، وفي سابقة في تاريخ الإدارة المغربية يتم رفض طلب إنابة محام للدفاع عن موكله”، واعتبرت أن “قرارات الإدارة التعسفية فاقت جورا ما عرفته سنوات الرصاص من تجاوزات”.
وانتقد البيان بشدة “سياسة ضرب المناضلين بقانون الضيعة وعدم التطبيق السليم للقانون وعدم احترام ضمانات الدفاع وغيرها من الممارسات المشينة التي يقودها المسؤول الأول عن القطاع”، محذرا من كونها “لا تضرب فقط في مصداقيته، بل في سمعة المؤسسة وفي السمعة الحقوقية للمغرب ككل، بل تكشف زيف شعار الإدارة “المواطنة والوطنية الصادقة التي يتشدق بها” للتغطية على هذه الخروقات”.
مطالب بتدخل رئيس الحكومة
الهيئة ذاتها لم تتوان في اللجوء إلى طلب رئيس الحكومة بـ”تحمل مسؤوليته إزاء تجاوزات وخروقات موظف مسؤول مرؤوس تحت سلطته وتابع له”، مسجلة تضمانها “المطلق واللامشروط مع مناضليها، ضحايا الشطط والتعسف الإداري”، وكاشفة “انخراطها التام في الخطوات النضالية التي يعتزم المتابعون تأديبياً خوضها للتصدي لهذه القرارات ومواجهة غطرسة رئيس الإدارة وتغوّله”.
وتتمثل أبرز هذه الخطوات، وفق ما توفر لهسبريس من معلومات، في “اللجوء إلى تسجيل دعاوى لدى هيئات القضاء الإداري”، ومراسلة مؤسسة “وسيط المملكة” للتظلم بهذا الخصوص.
وطالبت نقابة مندوبية قدماء المقاومين بفتح تحقيق في “التجاوزات والاختلالات العميقة التي تتخبط فيها”، منبهة إلى “ما قد ستؤول إليه الأوضاع بسبب استمرار سياسة المسؤول الأول على القطاع”. كما رفضت تسخير “جمعية الأعمال الاجتماعية بالقطاع” في هذه الصراعات مع بعض الموظفين دون آخرين.
“إخراس الأصوات”
عثمان سركوح، أمين مال النقابة الوطنية لقطاع المقاومة وجيش التحرير، وأحد الذين طالتهم “مقصلة التأديب”، قال لهسبريس إنّ “الهدف الأساسي من متابعتي تأديبيا هو إخراس الأصوات الحرة والنزيهة داخل القطاع لأن الإدارة تضايقت من وجود نقابة وحدوية مستقلة وديمقراطية، وهي لا تؤمن بحرية التعبير وممارسة الحق النقابي، ولا بالفكر الحر، ومبدؤها إمّا أن تخرس عن قول الحق وإما أن تطالك المتابعات التهديدية المغلَّفة بالقانون، وهي في جوهرها متابعات انتقامية، تشكل خرقا صريحا لكافة المقتضيات الدستورية والتشريعية، وكذا للاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف بلادنا”.
وبكل أسى سجل النقابي ذاته ما وصفه بـ”تعسّف لم يسبق أن صدر عن إدارة في تاريخ المغرب، تمثل في عقوبة ظالمة مشوبة بالانحراف في استعمال السلطة لتحقيق أهداف لا صلة لها بالمصلحة العامة تستهدف العمل النقابي بستة أشهر نافذة من الإيقاف بدون أجر”.
واعتبر أن “انتقاد مظاهر مضرة بالمرفق العام أو بقواعد السلامة المهنية والوقاية من المخاطر يدخل في صميم واجب اليقظة والحيطة المناط بعهدة كل مواطن واع ومثقف وغيور على بلده، ولجم أفواه الموظفين النقابيين ومنعهم من كشف تلك النقائص والتنديد بها، بعلة واجب التحفظ، هو وجه من أوجه الفساد المساهم في تدمير وظيفة الإدارة وتعطيل المرفق العمومي الذي تسيره تلك الإدارة”.
وتساءل الموظف الذي هدد باللجوء إلى القضاء لإنصافه: “هل ممارسة العمل النقابي المستقل أصبح يشكل إخلالا بالمهام الإدارية؟ هل انتقاد تدبير الإدارة لخدمة أمن الموظفين ومقرات العمل لا يندرج في صلب المهام النقابية، التي ينبغي أن يضطلع بها المسؤولون النقابيون، من أجل مطالبة الإدارة بتوفير ظروف عمل آمنة للموظفين طبقا للفصل 21 من الدستور؟”
وختم مستنكرا الأوضاع داخل المندوبية: “متى كان انتقاد أساليب التدبير الإداري من قبل ممثلي النقابات يشكل إخلالا بالواجبات الأخلاقية؟”.
“مسطرة قانونية تسلك مجراها”
أبرَزُ ما تضمنه بيان النقابة المذكورة نقلَتْه هسبريس إلى إدارة المندوبية السامية لقدماء المقاومين، منتظرةً جواباً وردًا في الموضوع، بعد توالي سلسلة من فصول الشد والجذب بين الطرفين.
وبينما ظل هاتف أحد المسؤولين بديوان المندوب السامي لقدماء المقاومين يرن دون مجيب، تفاعَل رئيس هيئة المجلس التأديبي بالمندوبية ذاتها، مجيباً بأن “العقوبات الصادرة عن اللجان تظل مطابقة لسير القانون الذي يأخذ مجراه؛ وهي لجان متساوية الأعضاء تتضمن ممثلين عن الموظفين وممثلي الإدارة كذلك”.
واكتفى بالقول إن “عمل اللجان التأديبية وما يصدر عنها فإن العدل في أحكامها هو ما يسودها”، قبل أن يختم تصريحه بـ”تفادي التعليق على مضمون البيان الأخير للنقابة”.
المصدر: هسبريس