التنقيب عن الغاز الطبيعي في المغرب يسائل المصداقية في “الاكتشافات السابقة”
مازال موضوع التنقيب عن الغاز يطرح تساؤلات كثيرة من طرف مجموعة من المتتبعين للشأن الطاقي المغربي، متسائلين عن أثر عمليات الحفر الاستكشافية التي تقدم عليها منذ حوالي سنتين بعض الشركات البريطانية.
النقاش العمومي تجدد بعد توقيع ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، اتفاقية مع مؤسسة التمويل الدولي (IFC)، يوم 12 يونيو الجاري، من أجل تطوير خارطة طريق الغاز الطبيعي بالمملكة المغربية.
لكن النقاش الرسمي حول اكتشافات الغاز ظل يعرف “تريثا” أمام عدم خروج المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن، باعتباره مؤسسة عمومية مسؤولة عن الموضوع، لتأكيد أو نفي هذه “الاكتشافات الغازية الضخمة”.
الحسين اليماني، الكاتب العام لنقابة البترول والغاز، عبّر عن احتراسه من حجم “التهويل” من طرف شركات التنقيب “المحكومة بهواجس الدعاية الإعلامية للرفع من قيمتها في سوق البورصة”.
وأشار اليماني، في تصريح لهسبريس، إلى “المفاهيم غير الدقيقة التي يتداولها مجموعة من المسؤولين المغاربة فيما يتعلق بهذا الموضوع، ما يخلق نوعا من الضبابية، لأننا نحتاج أولا الجواب على الطلب الداخلي قبل الحديث عن تصدير الفائض”.
وأضاف أن “المغرب تأخر كثيرا للانخراط في نادي التنقيب عن الغاز”، موضحا أنه “لو بدأنا في هذا الورش منذ ثلاثة عقود مثلا، لكنا اليوم بلغنا مبلغا مهما يتقاطع مع الاستراتيجية الطاقية، على اعتبار أن الغاز الطبيعي يعد من الطاقات الصديقة للبيئة والأقل تلويثا بالمقارنة مع الفحم الحجري أو البترول”، وزاد: “هذا الغاز هو قنطرة للتواصل بين الطاقات الأحفورية والطاقات الخضراء، لكونه يتمتع بمكونات مهمة تسعف في الانتقال نحو الطاقات المتجددة”.
لكن ما يثير اهتمام الخبير الطاقي ذاته هو “هل فعلا وصلنا إلى درجة أننا سنستغل هذه التوقعات من المخزونات التي تعلن عنها الشركات؟”، موردا أن “هناك معطيات تفيد بأننا اتجهنا في هذا الجانب، أي في استغلال الغاز الذي تم اكتشافه في تندرارة وفي العرائش أيضا، لكننا نحتاج إلى توضيحات رسمية”، معلنا تفاؤله بأن “الباطن المغربي لا يمكن أن يكون عاقرا فيما يتعلق بالتوفر على مخزون من الغاز”.
وقال: “حين سيشرع المغرب في استغلال هذه الثروة الغازية، فهذا سيساهم في تخفيض الكلفة الطاقية، وكذلك تحقيق نوع من الاستقلالية”، مبرزا أن “البنية الجيولوجية للعالم تبين أن العديد من البلدان، بما فيها المغرب، يمكن أن تتوفر على مخزون مهم من الغاز الطبيعي، خصوصا مع اتجاه العديد من البلدان من التنقيب عن الغاز تحت البحر في زمننا الحالي”.
من جانبه، قال أمين بنونة، أستاذ بجامعة القاضي عياض بمراكش مدير مشروع “مونوغرافية الطاقة بالمغرب”، إن “هناك إشارات كثيرة لا تقبل تفاوضا تبين أن المغرب يسير فعلا في منحى استخراج الغاز الذي تم اكتشافه في منطقة العرائش بالشمال وفي تندرارة بالشرق، خصوصا الأخيرة التي من المرتقب الشروع في استغلال إمكانياتها من الغاز بحلول أواخر 2024”.
بنونة أوضح، في تصريح لهسبريس، أن “مخزون تندرارة منذ اكتشافه، تم توقيع اتفاقية مع المكتب الوطني للماء والكهرباء لاستغلال 30 مليون متر مكعب، التي لم تعكس حينها سوى 3% من حاجيات مولدات الكهرباء من الغاز”، مضيفا أنه “في المرحلة الثانية، برزت اكتشافات جديدة ضاعفت النسبة 10 مرات، بمعنى أن تندرارة ستزود المكتب الوطني للماء والكهرباء بأكثر من 300 مليون متر مكعب، كحد أدنى”.
لاحقا، يورد بنونة، “راجت أخبار مهمة بأن هناك فائضا عن 300 مليون متر مكعب، وأن شركة أفريقيا ستبيع الفائض في المغرب لاستعمالات صناعية، بمعنى أن احتياطات تندرارة تبين أنها قادرة على توفير أكثر من 300 مليون متر مكعب. لكننا مازلنا جميعا ننتظر”.
وبخصوص مخزون العرائش، أفاد الخبير الطاقي عينه بأن “التوقعات تشير إلى أنه يمكن أن يوفر للمغرب أكثر من مليار متر مكعب سنويا، لأن الحاجيات حاليا من مولدات الكهرباء هي مليار”، مضيفا أنه “إذا غطت العرائش هذه الحاجيات، سيكون هناك فائض في المغرب، وهو ما قيل إنه سيوجه للتصدير في المرحلة الانتقالية نحو إسبانيا”.
وأجمل بنونة بأن “من حسنات التوفر على غاز طبيعي وطني أن أسعاره لن تخضع للسوق الدولية”، مشيرا إلى أن “المغرب سيمر عبر مرحلة تعتمد على الغاز الطبيعي كوسيلة انتقالية، قبل أن ننتقل في حوالي عام 2050 إلى الاعتماد على الطاقة المتجددة فقط”.
المصدر: هسبريس