اخبار المغرب

التلقيح في المغرب .. إنجازات صحية تواجه تحديات الشائعات الرقمية

يحتفل العالم في الفترة الممتدة من 24 إلى 30 أبريل بـ”أسبوع التمنيع العالمي”، الذي يهدف إلى تذكير المجتمعات بأهمية اللقاحات في الوقاية من الأمراض المعدية والحد من الوفيات.

وفي المغرب، يأتي هذا الحدث السنوي ليؤكد مجددا مكانة البرنامج الوطني للتلقيح كأحد أبرز مكتسبات الصحة العمومية، ويفتح المجال لمراجعة الإنجازات والتحديات الراهنة عبر شهادات الخبراء والمتخصصين في هذا المجال.

في هذا الإطار، أوضح سعيد عفيف، اختصاصي طب الأطفال عضو اللجنة العلمية للتلقيح ضد “كوفيد19″، أن “البرنامج الوطني للتلقيح بالمغرب من أهم الإنجازات الصحية التي حققتها الدولة؛ إذ يوفّر الحماية للأطفال واليافعين من مجموعة أمراض معدية كانت تسبب وفيات وهشاشة صحّية كبيرة. يبدأ الجدول بلقاح BCG ضد السل مباشرة بعد الولادة، يليه اللقاح الخماسي الذي يجمع مضادات الدفتيريا والسعال الديكي والكزاز والمستدمية النزلية من النوع (ب) والتهاب الكبد الفيروسي (ب)، ثم لقاح شلل الأطفال الفموي، يليه لقاح روتا للوقاية من الإسهال الفيروسي، وجرعات لقاح المكورات الرئوية للحدّ من الالتهاب الرئويّ وتسمّم الدم”.

وأضاف عفيف، ضمن تصريح لهسبريس، أنّ “المرحلة ما قبل المدرسة تشمل لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR)، مع جرعات تعزيزية لاحقة حسب العمر”، وأن إدراج لقاح فيروس الورم الحليميّ البشريّ (HPV) في أكتوبر 2022 ضمن الجدول الوطني لاستهداف الفتيات في عمر 11 سنة، “يأتي استجابة للحاجة المستمرة إلى وقاية ناشئاتنا من سرطان عنق الرحم”.

وأبرز الإطار الطبي ذاته أنه “بفضل هذا البرنامج اختفت مجموعة من الأمراض وتمكنا من التقليص من وفيات الأطفال أقل من خمس سنوات”، مؤكدا أنه بسبب انخفاض مستويات التلقيح عادت الحصبة للظهور منذ 2023.

ونوّه الخبير الصحي بجهود وزارة الصحة والحماية الاجتماعية “في تنسيق العمل مع وزارات التربية الوطنية والداخلية والأوقاف، الذي مكنّ من مراجعة أكثر من 11 مليون دفتر صحي للأطفال وتنظيم حملات استدراكية لتعزيز نسبة التغطية التلقيحية، ما أدى إلى تراجع حالات الحصبة”.

وختم سعيد عفيف تصريحه بنداء “إلى جميع الآباء والأمهات بضرورة مراجعة دفاتر التلقيح واستكمال الجرعات المفقودة فورا، وخصوصا لقاح الحصبة الثلاثي الذي أثبت أمانه وفعاليته منذ أكثر من أربعين عاما”، كما حث المقبلين على الدراسة بالخارج على مراجعة دفتر التلقيح المحدث لضمان شروط القبول والرعاية الصحية المثلى.

من جانبه، عدد الطيب حمضي، طبيب باحث في السياسات والنظم الصحية، التحديات التي تواجه البلاد في الحفاظ على نسب تلقيح متقدمة، مفيدا بأن “التحدي الأول الذي نواجهه اليوم يكمن في توسيع آليات التواصل مع الجمهور إلى وسائل التواصل الرقمي الحديثة كإنستغرام وتيك توك؛ إذ لا تكفي الإيضاحات المنشورة في الصحف والمحطات التقليدية لمواجهة الكم الهائل من الشائعات المنبثقة عبر هذه المنصات. ولهذا، يقتضي الأمر إطلاق حملات تحسيسية عبر هذه القنوات، بالتعاون مع مؤثرين صحيين ومدوّنين موثوقين”.

أما التحدي الثاني الذي ذكره حمضي ضمن تصريح لهسبريس، فـ”يرتبط بتمكين المهنيين الصحيينأطباءً وممرضين وصيادلةمن أدوات وخبرات التواصل الرقمي؛ إذ يجب أن يكونوا قادرين على تبني رسائل وقائية واضحة ومقتضبة أثناء لقاءاتهم المباشرة مع المرضى أو عبر الوسائط الافتراضية للردّ على تساؤلات الأسر وتبديد مخاوفهم”.

وأضاف حمضي أنّ “التحدي الثالث يتمثل في إشراك القطاع الخاص ضمن المنظومة الوطنية للتلقيح، فتقديم الخدمات في المصحات والعيادات الخاصة يجب أن يُواكب بتعويض كامل عبر صناديق التأمين الصحي لضمان مجانية اللقاح لجميع الأطفال، وقطع طريق النفور عن التلقيح عندما يضطرّ بعض الآباء إلى شراء الجرعات بأسعار تصل إلى 300 و700 درهم”.

وبالنسبة للتحدي الرابع، أكد الباحث في السياسات والنظم الصحية أن “رقمنة سجلّات التلقيح أساسية لشفافية المتابعة، عبر ربط دفاتر التطعيم الإلكترونية بنظام مركزي، يمكّن الأسر من معرفة مواعيد جرعات أبنائها بالضبط، ويوفّر للطاقم الطبي والإداري بيانات دقيقة حول نسب التغطية والفجوات الجغرافية، ما يساعد على إطلاق حملات استدراكية فورية وتوجيه الموارد البشرية حسب الحاجة”.

وأبرز حمضي أنّ “التحدي الخامس يكمن في دمج التلقيح في كلّ زيارة طبية، بحيث يُراجع الطبيب جدول التطعيم أثناء فحص الوزن أو تقييم الحالة المرضية أو صرف الدواء. وعند تأخّر مواعيد جرعات الأطفال، ينبغي للشبكة الصحية إرسال تنبيهات فورية عبر الاتصال الهاتفي أو الرسائل النصية، لضمان إتمام الحماية التلقيحية دون تأخير”.

المصدر: هسبريس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *