التساقطات المطرية تثير تخوفات فلاحين مغاربة من فساد محصول الحبوب
تعيش العديد من أقاليم المملكة، منذ أيام، على إيقاع تساقطات مطرية متواصلة، باتت تهدد محصول الحبوب بالتلف، خاصة في مناطق الغرب ومكناس وتازة وباقي أقاليم الشمال التي بالكاد دشن فيها موسم الحصاد.
وعلمت هسبريس أن الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية تلقت، خلال الأيام الأخيرة، اتصالات من مناطق متفرقة؛ عبر فيها فلاحون عن أضرار كبيرة لحقت بمحصولهم من الحبوب، بسبب التساقطات التي ما زالت متواصلة في عدد من المناطق.
صرخات فلاحين
الحاج محمد واحد من الفلاحين المعروفين بالغرب ضواحي القنيطرة، وجد نفسه هذه السنة يترقب ويتمنى توقف المطر، في تجربة غريبة يعيشها ربما لأول مرة في حياته.
وقال الفلاح ذاته، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية: “لأول أدعو الله أن يحبس عنا المطر؛ لأننا تضررنا كثيرا، وربما سنفقد المحصول كله، لأن هذه التساقطات ضررها أكثر من نفعها”.
وتابع الرجل والحزن باد من نبرة صوته: “تعب موسم فلاحي كامل أصبح في مهب الريح، وأموال كثيرة صرفناها بسبب ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات ولا أحد ينظر إلينا في محنتنا أو يدعمنا بشيء في المصيبة التي حلت بنا، الحمد لله على كل حال”.
الوضع الذي يكابده الحاج محمد بمنطقة الغرب يعيشه آلاف الفلاحين بمناطق مختلفة من البلاد، يرتقب أن تعمق الأمطار من حجم خسائرهم هذا الموسم؛ الأمر الذي يتطلب تدخلا من الحكومة والوزارة الوصية على القطاع لتقديم شيء من الدعم والمساعدة للفلاحين المتضررين من التساقطات.
رشيد بنعلي، رئيس الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية، أكد، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن الأمطار التي تعرفها البلاد “ستؤثر بشكل سلبي على الحبوب التي لم يتم حصادها إلى اليوم”.
وأضاف بنعلي موضحا “تلقينا اتصالات عديدة من الفلاحين يشتكون من هذا الوضع، إلا أننا لا نملك فعل أي شيء، ونسأل الله اللطف”، لافتا إلى أن الكونفدرالية “بلغت رسالة الفلاحين وشكاويهم إلى وزارة الفلاحة ولم نتلق أي رد بخصوص هذا الموضوع”، حيث استبعد تقديم أي شيء في هذا المجال.
منافع أكبر
مقابل تخوف الفلاحين والمهنيين من الخطر الذي تشكله التساقطات المطرية الأخيرة، ثمة من يرى أنها إيجابية ومنافعها أكبر من أضرارها. وهذا ما يؤمن به عبد الرحيم هندوف، الخبير في البيئة والماء، الذي عبر عن أمله في أن تعرف البلاد تساقطات بكميات أكبر.
وقال الهندوف، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “صحيح، سيتضرر الفلاحون الذين لم يباشروا عملية الحصاد بعد من التساقطات؛ إلا أن هذه الأضرار ستكون ضعيفة مقارنة بحجم المنافع والإيجابيات التي ستخلفها”.
وأردف الهندوف أن الغطاء الغابوي والنباتي سيكون أكبر مستفيد من التساقطات الأخيرة التي تشهدها العديد من مناطق البلاد، مبرزا أن هذه الأمطار ستخفف شيئا ما الضغط عن الموارد المائية خلال هذه الأيام، وستعفي الفلاحين من سقي العديد من الخضروات والأشجار المثمرة في هذه المرحلة.
وتابع الخبير ذاته مبينا: “هذا الجو المتسم بالرطوبة وانخفاض درجات الحرارة سيكون له وقع إيجابي على الفرشة المائية، إلا أن استمراره لمدة طويلة سيوفر بيئة مناسبة لظهور وتنامي العديد من الفطريات التي تستدعي تدخل الفلاحين لمعالجتها عبر المبيدات اللازمة”، مؤكدا أن هذه الظروف ستساعد على توفير الكلأ بشكل مهم للمواشي وممتهني الرعي.
كما أشار الهندوف إلى أن التساقطات الثلجية التي تعرفها بعض المرتفعات ستكون لها انعكاسات إيجابية على الفرشة المائية، ويمكن أن تنعش وتحيي الكثير من العيون التي جفت بسبب ندرة التساقطات؛ لكنه استدرك أن تأثير هذه التساقطات على المخزون المائي للمملكة سيكون “جد محدود، إلا أنه إيجابي ومطلوب”.
المصدر: هسبريس