التزام المغرب بحقوق الإنسان ليس خطابا ونفذنا 90% من توصيات الوقاية من التعذيب
أكد محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، أن التزام المملكة المغربية بحماية حقوق الإنسان يمثل ركيزة أساسية متجذرة في استراتيجيات الدولة، وليس مجرد شعارات تُرفع أو خطابات تُلقى.
وأوضح الدخيسي أن المملكة المغربية عززت مكانتها كدولة مدافعة عن حقوق الإنسان من خلال توقيعها على اتفاقيات دولية مثل اتفاقية مناهضة التعذيب منذ عام 1993، وتصديقها على البروتوكول الاختياري في عام 2014، ما جعلها ضمن الدول القليلة التي أنشأت آلية وطنية للوقاية من التعذيب. وأضاف أن دستور 2011 شكل خطوة محورية في ترسيخ قيم الحرية والكرامة، حيث جرم التعذيب وأكد احترام الدولة لحقوق الإنسان بموجب القوانين الدولية.
وأشار المتحدث، خلال كلمته الافتتاحية لورشة إقليمية نظمتها بالرباط كل من المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، تحت عنوان “تعزيز الضمانات التشريعية لمنع ومناهضة التعذيب وسوء المعاملة”، إلى أن الملك محمد السادس شدد في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة على أن حماية حقوق الإنسان خيار لا رجعة فيه، مجسداً بذلك رؤية متكاملة تهدف إلى ترسيخ العدالة والإنصاف على الصعيدين الوطني والدولي.
في السياق ذاته، استعرض جهود المديرية العامة للأمن الوطني لتعزيز حقوق الإنسان في ممارساتها اليومية، موضحاً أنها تبنت خطة متكاملة تهدف إلى الوقاية من التعذيب والمعاملة المهينة. وشملت هذه الخطة تحديث البنية التحتية لمرافق الحراسة النظرية، وتخصيص أماكن للقاصرين وذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن تدريب الموظفين الأمنيين على الالتزام بالقوانين الوطنية والمعايير الدولية.
وفي إطار تعزيز التدابير الاحترازية لضمان حقوق الإنسان وكرامة الأفراد داخل أماكن الحرمان من الحرية، أوضح الدخيسي أن المديرية العامة للأمن الوطني أطلقت منذ عام 2019 سلسلة من المبادرات المتميزة التي أسهمت في تحقيق تحول جذري في بيئة الاحتجاز. ومن أبرز هذه الجهود، تنفيذ 90% من توصيات الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، مما يعكس التزام المؤسسة بتعزيز حقوق الإنسان عبر تحسين البنية التحتية، وتطوير أنظمة المراقبة، وتقديم تكوين مستمر ومتخصص للموظفين.
إلى جانب ذلك، نظمت الأجهزة الأمنية 3537 دورة تدريبية متخصصة في مجال حقوق الإنسان، بهدف ترسيخ ثقافة حقوقية شاملة تجمع بين النظرية والتطبيق، وفقًا للمعايير الدولية. وقد أسهمت هذه الدورات في رفع مستوى وعي العاملين الأمنيين بأهمية احترام كرامة الأفراد والوقاية من أي تجاوزات محتملة. كما أصدرت المديرية 710 دوريات ومذكرات مصلحية، لم تقتصر على كونها توجيهات إدارية، بل شكلت شبكة رقابة داخلية فعالة تضمن الالتزام بأعلى معايير الشفافية والمساءلة، مما جعلها أداة عملية لترجمة التوصيات إلى واقع ملموس.
علاوة على ذلك، أجرت المديرية 2250 عملية مراقبة وظيفية دقيقة على الغرف الأمنية التابعة لها، للتأكد من خلوها من أي تجاوزات تمس بحقوق المحرومين من الحرية. وقد تمت هذه العمليات بصرامة تهدف إلى ضمان التزام كافة الإجراءات بمبادئ حقوق الإنسان، مما يعكس توجهًا مؤسسيًا يضع كرامة الإنسان في صلب الأولويات.
كما أشار إلى تعزيز التعاون مع المؤسسات الوطنية والمنظمات الدولية، وضمان نزاهة الإجراءات القانونية من خلال إشعار الموقوفين بحقوقهم بلغة واضحة، وتوثيق العمليات في سجلات قانونية. وأكد أن هذه التدابير تستهدف تعزيز الثقة بين المؤسسات الأمنية والمواطنين، وتكريس سيادة القانون.
تطرق الدخيسي إلى أهمية الورشة باعتبارها منصة لتبادل الخبرات والتجارب بين ممثلي الدول العربية ومؤسسات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية. وأشاد بتوصيات لجان مناهضة التعذيب وآليات الوقاية التي زارت المغرب سابقاً، مثل اللجنة الفرعية للوقاية من التعذيب في عام 2017، والتي أثنت على جهود المملكة في هذا المجال.
وأكد المتحدث على أن حماية حقوق الإنسان ليست مجرد التزام قانوني، بل هي رسالة إنسانية وأخلاقية تعكس الوجه الحقيقي للمغرب كدولة تتبنى قيم الكرامة والعدالة في إطار تعاون دولي فاعل.
المصدر: العمق المغربي