الترافع عن قضية الصحراء المغربية يسائل تفاعل الأحزاب السياسية
قال مصطفى الخلفي، الوزير الأسبق الخبير في قضية الصحراء، إن مسؤولية الأحزاب السياسية في ظل التطورات الأخيرة التي تعرفها القضية، “مسؤولية متزايدة ومتعاظمة في ظل مفارقة تفاوت السرعة ما بين الدولة والمجتمع في التعاطي مع القضية الوطنية”.
وأضاف الخلفي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية حول الرسائل التي تضمنها الخطاب الملكي بشأن تفعيل الدبلوماسية الحزبية والبرلمانية في الترافع عن القضية، أن “هناك سرعة متنامية للدولة حققت العديد من الإنجازات، لكن بموازاة ذلك، فإن التطورات التي تعرفها قضيتنا الوطنية، خاصة على المستوى الشعبي والحزبي، لا تسير بالسرعة نفسها”.
وسجل الخلفي الذي يترأس “لجنة الصحراء المغربية” داخل حزب العدالة والتنمية، إلى أن هناك تحولات في المشهد الحزبي على مستوى الأوروبي بكل من إسبانيا وفرنسا وهولندا، وكذلك بريطانيا وإن كانت خارج الاتحاد الأوروبي، أفرزت “أجيالا جديدة في الأحزاب السياسية، معرفتها بالقضية محدودة”.
وأفاد الوزير الأسبق بأن آثار سياسات هذه الأحزاب “كبيرة، لأن علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي الاقتصادية وثيقة، ونستورد ما قيمته أزيد من 300 مليار درهم، ونصدر ما قيمته أزيد من 200 مليار درهم، وضمنها المنتجات الفلاحية التي تشكل على الأقل 20 إلى 25 بالمائة، وهي معنية بالقرار الأخير الصادر عن محكمة العدل الأوروبية”، معتبرا أن أي سلوك ستنهجه هذه الأحزاب على مستوى برلماناتها الوطنية أو على مستوى البرلمان الأوروبي، “سيكون له أثر”.
وزاد الخلفي مبينا أن القضية الوطنية اليوم “مفتوحة على مسارات، والمخاطب الأساسي هو الأحزاب السياسية في تلك الدول، وهو تطور دال، خاصة وأننا نتوفر على أرضية قوية للترافع ضد هذا القرار الذي منح البوليساريو صفة الممثل رغم إقراره بأنها لا تتوفر على الشرط القانوني لذلك، وبخس تمثيلية ساكنة الصحراء في الأقاليم الجنوبية رغم أن اللائحة الأولية لتحديد الهوية اعتبرت أن غالبية الساكنة الصحراوية موجودة في الأقاليم الجنوبية”، معتبرا أن “انحرافا حصل في قرار هذه المحكمة، فضلا عن أن المقتضيات التي نص عليها المستشار القانوني هانس كارول قبل حوالي 24 سنة في رأيه القانوني إلى الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، تم احترامها”.
وشدد السياسي الخبير في ملف الصحراء على أن الانحراف الحاصل في قرار المحكمة الأوروبية “ينبغي التصدي له، وهذا الأمر مسؤولية مرتبطة بالأحزاب السياسية إذا ما قامت بتحويل ذلك القرار إلى إجراءات”، لافتا إلى أن ما يقع على مستوى مجلس حقوق الإنسان بجنيف، “تحول وتطور إيجابي، لكن هي منصة مدنية وسياسية، وليست حزبية بشكل مباشر”.
وأشار الخلفي إلى أن التطورات الحاصلة على المستوى الرقمي تفرض أن تشكل الصيغة المطروحة لتجاوز هذا التفاوت “تكاملا بين أدوار الدولة وأدوار المجتمع، لأن هذه القضية كما سبق لجلالة الملك أن أكد هي قضية الجميع، كل من موقعه”، مبرزا أن “التوجيه الملكي يحيلنا على ما حصل في بداية السبعينات عندما تعبأت الأحزاب، كل حسب علاقاته وتوجهاته؛ فمن اشتغل على المستوى الاشتراكي ومن اشتغل المستوى الإسلامي والعربي، ومن عمل على المستوى الليبرالي، لأن هناك فضاءات دولية تجمع البنيات الحزبية، وكل حزب يعمل على استثمار ذلك”.
وشدد المتحدث على أن التطورات الراهنة، “تفرض أن نعي تحديات المرحلة ونستلهم المسار التاريخي”، معتبرا أن الأحزاب معنية أساسا بـ”استيعاب المستجدات، وعددا منها يتوفر على رصيد من الأطر والكفاءات والخبرات للترافع عن القضية”، واستدرك الخلفي قائلا: “نعم؛ هناك أجيال جديدة ونخب جديدة شابة، لكن أعتقد أن هناك رصيدا محترما ينبغي الانطلاق منه، وما نحن معنيون به على المستوى الحزبي، هو استيعاب هذه المستجدات والمتغيرات، والتكامل، وألا نقتصر على لجنتي الخارجية في البرلمان في ذلك، وتفعيل الآليات المتاحة، وتملك أدوات الترافع لمواجهتها، لأن الآخر عندما يطرح بعض النقاط يعمل على إلباسها لبوسا علميا وأكاديميا”، مؤكدا ضرورة “مواجهة هذه المقولات بأدلة علمية قوية لدحضها، لأن الأمر لا يتعلق بمرافعات عاطفية”.
واعتبر الخلفي أن الأجيال الجديدة من النخب السياسية الأوروبية الشابة تستدعي من الأحزاب المغربية العمل من أجل “استيعاب هذه الأجيال حتى يقع دمجها في الدينامية الجديدة للقضية”، لافتا إلى أن النخب التي عايشت القضية في أوروبا بدأت تتوارى ويغيبها الموت، الأمر الذي يتطلب جهدا أكبر.
المصدر: هسبريس